
تخيل أنك تجلس داخل خيمة صغيرة قرب مستشفى الشفاء في غزة، وأصوات القصف تقترب أكثر فأكثر، ورغم ذلك تفتح هاتفك لتكتب رسالة أخيرة إلى العالم… هذه كانت لحظة أنس الشريف، مراسل قناة “الجزيرة” في قطاع غزة، الذي أصر أن تكون كلماته الأخيرة شاهدة على الحقيقة قبل أن يخطفه القصف الإسرائيلي.
في رسالة موجزة لكنها مشبعة بالحقائق والمرارة، وجّه الشريف تحذيرًا صارخًا من كارثة وشيكة، طالبًا من كل من يقرأها أن يتحرك، لأن الصمت في مثل هذه اللحظات يعني التواطؤ.
تحذير قبل الرحيل: “الاحتلال يهدد بغزو شامل”
كتب أنس الشريف رسالته الأخيرة موجّهة إلى “من يهمه الأمر”، مؤكدًا أن الاحتلال يعلن بشكل علني عن نيته شن غزو شامل على غزة.
لم تكن هذه الكلمات مجرد توقعات؛ بل كانت استنتاجًا من واقع شهده بنفسه على مدار 22 شهرًا من التغطية الميدانية، حيث وثّق القصف المتواصل من البر والبحر والجو، وشهد نزوح العائلات واستشهاد عشرات الآلاف، وإصابة مئات الآلاف من المدنيين.
قصف لا يتوقف…
منذ ساعتين والعدوان الإسرائيلي يشتد على مدينة غزة. pic.twitter.com/yW8PesTkFT— أنس الشريف Anas Al-Sharif (@AnasAlSharif0) August 10, 2025
غزة تحت القصف: مشاهد لا تُنسى
خلال تنقله بين الأحياء المدمّرة ومراكز الإيواء، نقل أنس للعالم صورًا ومشاهد تُحفر في الذاكرة:
- أحياء كاملة تحوّلت إلى أنقاض.
- أصوات الأمهات وهن يبحثن عن أطفالهن تحت الركام.
- مستشفيات مثقلة بالجرحى، لا تجد ما يكفي من الأدوية أو الأجهزة لإنقاذ الأرواح.
- لقد كان أنس أكثر من مجرد مراسل؛ كان شاهدًا على واحدة من أعنف فصول التاريخ الفلسطيني المعاصر.
هذه وصيّتي، ورسالتي الأخيرة.
إن وصلَتكم كلماتي هذه، فاعلموا أن إسرائيل قد نجحت في قتلي وإسكات صوتي.
بداية السلام عليكم ورحمة الله وبركاتهيعلم الله أنني بذلت كل ما أملك من جهدٍ وقوة، لأكون سندًا وصوتًا لأبناء شعبي، مذ فتحت عيني على الحياة في أزقّة وحارات مخيّم جباليا للاجئين،…
— أنس الشريف Anas Al-Sharif (@AnasAlSharif0) August 10, 2025
نداء عاجل: “الصمت هو تواطؤ”
في ختام رسالته، لم يكتفِ أنس الشريف بسرد المعاناة، بل وجّه دعوة واضحة لكل من يقرأ كلماته: شاركوا الرسالة، وأشيروا إلى كل من يملك القدرة على وقف هذه المذبحة.
أكد أن التاريخ لن يرحم من وقف موقف المتفرج، وأن السكوت أمام ما يجري في غزة ليس حيادًا، بل مشاركة غير مباشرة في الجريمة.
كلمات تبقى بعد الرحيل
استشهد أنس الشريف بعد دقائق من نشر رسالته، لكن كلماته ظلّت تتردّد كنداء إنساني صادق، يُذكّر بأن الحرب ليست أرقامًا أو عناوين إخبارية فقط، بل حكايات بشرية مليئة بالألم والأمل.
إن رسالته الأخيرة لم تكن مجرد وداع، بل شهادة حيّة على أن الكلمة قد تكون آخر ما يملكه الإنسان في مواجهة الموت — وربما أقوى من السلاح نفسه.
ظهرت المقالة قبل لحظات من استشهاده… ماذا قال انس الشريف عن مصير غزة؟ أولاً على نبض مصر.