في تطور علمي لافت، كشف باحثون سويديون عن تقنية علاجية مبتكرة قد تُحدث تحولاً جذرياً في طرق التعامل مع الورم الأرومي الدبقي، أحد أكثر أورام الدماغ شراسة وانتشاراً بين البالغين.

التقنية الجديدة، التي نُشرت نتائجها في دورية نيتشر كومينيكيشنز، تعتمد على جسيمات نانوية قابلة للحقن تعمل كأقطاب كهربائية مرنة، ما يسمح بتوصيل العلاج الكهربائي مباشرة داخل منطقة الورم دون الحاجة لتدخلات جراحية معقدة.

تحدٍ طبي مستمر منذ عقود

يُعد الورم الأرومي الدبقي من أصعب الأورام علاجاً، إذ لا يتجاوز متوسط بقاء المرضى على قيد الحياة 15 شهراً حتى مع العلاجات المتقدمة.

وتعقّد الطفرات الجينية المتعددة استجابة هذا الورم للعلاج الإشعاعي والكيماوي، ما جعل التقدم في علاجه محدوداً لسنوات طويلة.

كيف تعمل التقنية الجديدة؟

العلاج الكهربائي التقليدي يعتمد على نبضات قصيرة وشديدة القوة لإحداث ثقوب دائمة في الخلايا السرطانية، مما يدمّرها ويحفّز الجهاز المناعي. غير أن تطبيقه داخل الدماغ يتطلب إدخال أقطاب معدنية صلبة عبر جراحة خطرة، الأمر الذي يقلّل عدد المرضى المؤهلين له.

من هنا جاءت الفكرة التي طرحها يوهان بنغسون، جراح الأعصاب بجامعة لوند، الذي تساءل عن إمكانية استبدال الأقطاب المعدنية بجسيمات نانوية تُحقن مباشرة داخل الدماغ.

"أقطاب" نانوية تُحقن وتختفي ذاتياً

الفريق البحثي - بقيادة روجر أولسون وأميت سينغ ياداف ومارتن هيوت - كان قد طوّر سابقاً جسيمات نانوية تُستخدم لتكوين مواد هلامية موصلة كهربائياً تنظم الإشارات العصبية ونبضات القلب.

هذه الجسيمات تُحقن بإبرة دقيقة وتتحلل تلقائياً بعد انتهاء العلاج، دون أي حاجة لفتح الجمجمة أو زرع أقطاب دائمة.

وتعتمد التقنية الجديدة على حقن الجسيمات داخل التجويف المتبقي بعد استئصال الورم، حيث تتجمع لتشكّل شبكة موصلة يمكن من خلالها إرسال نبضات كهربائية دقيقة تستهدف الخلايا السرطانية المتبقية على الأطراف - وهي المنطقة التي ينشط فيها عود الورم عادة.

نتائج مبشرة خلال ثلاثة أيام

يقول أولسون: "في النماذج الحيوانية، اختفت الأورام خلال ثلاثة أيام فقط، مع استجابة مناعية قوية للغاية."

وأظهرت التجارب أن هذه "الإلكترودات القابلة للحقن" يتقبلها الدماغ دون آثار جانبية ملحوظة، كما تتحلل ذاتياً خلال 12 أسبوعاً.

أما ياداف، الباحث الرئيسي، فيصف التقنية بأنها "مزيج بين تدمير مباشر للورم وتحفيز مناعي فعال، وقد تكون خطوة كبيرة نحو علاج أكثر فاعلية لهذا النوع العدواني من السرطان."

طريق طويل نحو التطبيق السريري

ورغم النتائج المشجعة، يشدد الباحثون على أن التقنية لا تزال في مراحلها المبكرة، إذ يحتاج الأمر لتجارب على أورام أكبر وعلى نطاق أوسع قبل التفكير في اختبارها على البشر.

لكن العلماء متفائلون بأن هذا النهج قد يغيّر قواعد اللعبة في علاج أورام الدماغ، فاتحاً باب أمل حقيقياً لمرضى يعانون من أحد أشد الأورام مقاومة للعلاج.

للمزيد تابع

خليجيون نيوز على: فيسبوك | إكس | يوتيوب | إنستغرام | تيك توك