بينما تحتفل دولة الإمارات بالذكرى الـ54 لعيد الاتحاد، تبرز الدولة اليوم بوصفها واحدة من أكثر النماذج العالمية قدرة على المزج بين الإرث الوطني والتحول الرقمي، لتواصل ترسيخ موقعها كقوة صاعدة في ميادين الذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي.

لم يعد الاحتفاء مناسبة تاريخية فحسب، بل محطة لإبراز إنجازات ضخمة ساهمت في تحويل الإمارات إلى مركز عالمي للتقنيات المتقدمة، مع رؤية واضحة تهدف إلى بناء اقتصاد معرفي مستدام يقوده الابتكار.

استثمارات ضخمة تعيد تشكيل المشهد الرقمي

وفق بيانات وكالة «وام»، تجاوزت الاستثمارات الوطنية في الذكاء الاصطناعي 543 مليار درهم منذ عام 2024، بينها 100 مليار لمشروع «ستارجيت الإمارات» و180 مليار درهم استثمارات خارجية. كما أعلنت مايكروسوفت عن ضخ 17 مليار دولار في الدولة حتى 2027، بينما استثمرت KKR نحو 5 مليارات دولار في مشاريع الذكاء الاصطناعي الإماراتية.

هذه الأرقام تعكس الثقة الدولية المتزايدة في قدرة الإمارات على قيادة اقتصاد رقمي عالمي.

قفزة نوعية في تنمية الكفاءات التقنية

أحد أعمدة التفوق الإماراتي يتمثل في تطوير المهارات. فقد ارتفع عدد المبرمجين إلى 450 ألف مبرمج—بفارق كبير عن الهدف الأصلي البالغ 300 ألف بحلول 2025—وذلك بزيادة 376% عن عام 2020.

كما احتلت الدولة المرتبة الثالثة عالميًا في نسبة العاملين بمجال الذكاء الاصطناعي مقارنة بعدد السكان، وفق تقرير «لينكد إن» و«ستانفورد». ويستخدم 58% من المجتمع تقنيات الذكاء الاصطناعي يوميًا، في أعلى نسبة على مستوى العالم.

مشاريع نوعية تجعل الإمارات مركزًا عالميًا للابتكار

أطلقت الإمارات سلسلة مبادرات تسهم في تعزيز بيئتها الرقمية، من بينها:

الأكاديمية الرقمية لتعليم المهارات التقنية مجانًا.

منصة وظائف الاقتصاد الرقمي التي تستقطب المواهب من حول العالم.

برنامج المحفز للشركات الناشئة لدعم الابتكار المحلي.

مبادرة المدير التقني للاقتصاد الرقمي لتأهيل القيادات التقنية في المؤسسات.

مؤشر “AI في الميدان” لقياس توافق نماذج الذكاء الاصطناعي مع الثقافة المحلية.

هذه المشاريع تضمن تطوير تقنيات تتماشى مع الهوية الإماراتية وتدعم البيئة الرقمية الوطنية.

بنية تحتية رقمية متقدمة.. وحكومة تسابق الزمن

في أكتوبر 2025، بدأت الإمارات تنفيذ برامج تدريبية لأكثر من 5000 موظف في قطاع الشؤون الإسلامية لتعزيز الخطاب الديني عبر الذكاء الاصطناعي.

كما وقّعت أبوظبي اتفاقية لإنشاء نظام سحابي سيادي مع مايكروسوفت وCore42، قادر على معالجة 11 مليون تفاعل رقمي يوميًا بين الحكومة والجمهور، في خطوة تقرّب الإمارة من هدفها بأن تصبح أول حكومة تعتمد كليًا على الذكاء الاصطناعي بحلول 2027.

تأهيل رواد الأعمال.. وخط إنتاج مستمر للابتكار

أطلق مكتب الذكاء الاصطناعي بالتعاون مع سامسونغ برنامج Samsung Innovation Campus 2025، الذي يقدّم 350 ساعة تدريبية تغطي بايثون والإحصاء والتعلم الآلي والعميق، لإعداد جيل من رواد الأعمال القادرين على قيادة الاقتصاد الرقمي.

كما تعمل الإمارات مع شركات كبرى مثل Cisco وOracle وGoogle وMeta وSAP وMicrosoft لتعزيز جاهزية الموظفين الحكوميين لمواكبة الثورة التقنية.

الإمارات.. رؤية رقمية مبنية على جذور راسخة

من خلال استثمارات تزيد على نصف تريليون درهم، وتهيئة 450 ألف مبرمج، وتحقيق أعلى نسبة استخدام مجتمعي للذكاء الاصطناعي عالميًا، تواصل الإمارات بناء نموذج اقتصادي قائم على المعرفة والابتكار.

ومع حلول عيد الاتحاد الـ54، لم تعد الإمارات فقط دولة تحتفل بماضٍ مشرف، بل قوة عالمية ترسم ملامح المستقبل، وتثبت أن الذكاء الاصطناعي ليس مجرد تقنية جديدة، بل محرّك استراتيجي لبناء دولة أكثر تقدّمًا واستدامة وتأثيرًا على مستوى العالم.

للمزيد تابع

خليجيون نيوز على: فيسبوك | إكس | يوتيوب | إنستغرام | تيك توك