نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
احتجاز الأحداث تحت المجهر... مشروع قانون لرفع سن المسؤولية الجنائية عن الـ7 سنوات - وضوح نيوز, اليوم السبت 13 ديسمبر 2025 12:35 مساءً
عادة ما تأخذ حقوق الطفل حيزاً من عمل المنظمات الحقوقية والإنسانية ودراساتها، كون الطفل يشكل بالنسبة للمجتمع استثماراً مهماً للمستقبل، فيتشكل سلوكه ومهاراته استناداً إلى البيئة التي وُجد فيها.
في لبنان، لا تأخذ الطفولة الحماية الكاملة على رغم الجهود والعديد من الخطوات التي تقوم بها المؤسسات الحكومية في الدولة. والجزء المهم الذي أضاءت عليه منظمة "ألف" في تقريرها بشأن حقوق الإنسان والطفل الصادر أخيراً، هو مسألة القانون الرقم 2002"2 المتعلق بحماية الأطفال المخالفين للقانون أو المعرضين للخطر.
والفجوة التي يشير إليها التقرير في هذا القانون، هي أنه يُحدد المسؤولية الجنائية للقاصرين بسبع سنوات وما فوق، وهو ما يتعارض مع المعايير الدولية، ولاسيما منها قواعد بكين التي تُوصي بألا يقل سن المسؤولية الجنائية عن 12 عاماً.
وهذا يطرح معضلة سن المسؤولية الجنائية الذي لا يزال مخفوضاً، (سبع سنوات) وبالتالي حماية القاصرين، الذين يُحتجزون أحياناً مع البالغين على رغم الحماية القانونية التي تقتضي فصلهم. وهناك حالات أوردها التقرير أن الممارسة بحق القاصرين غير صحية، اذ "غالباً ما يُرسل الأحداث إلى زنزانات الاحتجاز مع البالغين في انتظار التحقيقات"، فيما القانون يدعو إلى "فصل الأحداث عن البالغين في مراكز الاحتجاز".
ومن الجوانب الأخرى الفجوة بين السياسة والممارسة. ينص القانون الرقم 422 على أن احتجاز الأحداث يجب أن يكون الملاذ الأخير، على غرار اتفاقية حقوق الطفل. و"مع ذلك، في الممارسة العملية، لا يزال احتجاز الأحداث مُفرطاً في لبنان، حتى أولئك الذين ارتكبوا جرائم بسيطة، نتيجة غياب الإصلاحات وعجز المنظمات غير الحكومية عن استقبال أي حدث يرتكب جرائم خطيرة".
هذا بعض مما جاء في التقرير في ما خص الأطفال والقاصرين في لبنان، مما يوحي أن احترام حقوق الطفل في لبنان لا يزال ضعيفاً، مع وجود فجوات كبيرة بين الأحكام القانونية والممارسة.
أما ما هو مطلوب لحل لهذه المعضلة، فتقول مديرة البرامج في جمعية "ألف" ستيفناني بارود إن "هناك حاجة ملحّة الى رفع سنّ المسؤولية الجنائية في لبنان ليتماشى مع المعايير الدولية، على ألا تقلّ عن 12 الى 14 عاماً، تماشياً مع اتفاقية حقوق الطفل. ويتطلّب ذلك تعديل القانون 422/2002 لرفع السنّ الدنيا بشكل واضح وتحديد الإجراءات المطبّقة على الأطفال الذين هم في نزاع مع القانون. كما ينبغي إدخال بدائل من الاحتجاز، مثل الإرشاد، وخدمة المجتمع، وبرامج إعادة التأهيل، لضمان حصول الأطفال على دعم نفسي-اجتماعي بدلاً من السجن. وعلى رغم أنّ مجلس النواب يتحمّل المسؤولية الأساسية في دفع هذه الإصلاحات التشريعية، يجب أن تتمّ العملية بإشراف وزارة العدل وبالاستناد إلى خبرة منظمات المجتمع المدني".
وتضيف: "ينبغي أيضاً الإقرار أن هذا الإصلاح لا يخدم مصلحة الطفل فحسب، بل يهدف كذلك إلى معالجة الأسباب الجذرية للجنوح. فمن دون نظام عدالة فعّال يركّز على الطفل، نكون بصدد تعريض الأطفال لتكرار الدخول في نزاع مع القانون. ولبنان ليس البلد الوحيد الذي يواجه تحديات في ما خصّ الأطفال الذين هم في نزاع مع القانون: باريس ونيويورك ولندن وغيرها تواجه صعوبات مماثلة، وبالتالي، فإن رفع سنّ المسؤولية الجزائية لا يهدف إلى القضاء على هذه المشكلة نهائياً، بل إلى ضمان توافق الإجراءات القضائية مع مراحل نموّ الطفل".
مصادر وزارية كشفت لـ"النهار" أن وزارة العدل تدرك هذه المشكلة الأساسية في العمل القضائي كما العديد من الثغرات الأخرى التي يحاول وزير العدل الحالي عادل نصار القيام بجهود كبيرة لإصلاحها. وحالياً تعمل الوزارة على محورين، المحور الأول، لقاءات متواصلة مع خبراء واختصاصيين، وبمشورة مع اليونيسيف، بشأن تحضير مشروع قانون بمادة وحيدة، يتعلق برفع سن المسؤولية الجنائية إلى المستوى الذي يقرره الإختصاصيون، قد يكون 12 أو 14 أو 15، ليُقدّم الى الحكومة في أوائل السنة الجديدة.
أما المحور الثاني، فهو إعداد مشروع قانون ينظّم كل المواد الجزائية المتعلقة بالأحداث، خصوصاً أنه بالنسبة الى وزير العدل الجديد، "مش كل الناس لازم تنام بالحبوس"، كما شددت المصادر، فهناك وسائل أخرى يمكن اعتمادها مع القصّر بشأن الفعل الذي يرتكبونه.
وبشأن مشكلة احتجاز القاصرين مع البالغين أحياناً، ترى بارود أن هناك حاجة إلى الفصل الصارم بين القاصرين والبالغين في مختلف أماكن الاحتجاز في لبنان، بما في ذلك مراكز الشرطة، ومراكز التوقيف قبل المحاكمة، والسجون، وتوفير أماكن مخصّصة لهم تستوفي معايير الحماية المعتمدة. كما يجب إجراء تدريبات شاملة وإلزامية لعناصر قوى الأمن الداخلي بشأن إجراءات حماية الأحداث، إضافةً إلى تعزيز الرقابة من خلال هيئة رقابية مستقلة تابعة لوزارة الداخلية/وزارة العدل. وتُعدّ قوى الأمن الداخلي ووزارة الداخلية والبلديات ووزارة العدل الجهات الأساسية المكلّفة تنفيذ هذه التدابير.
وفيما نفت مصادر وزارية لـ"النهار" وجود أي خلط بين القاصرين والبالغين في مراكز التوقيف، بل هناك تشديد في متطلبات حماية القاصرين، أكدت مصادر أمنية لـ"النهار" أنّ احتداز قاصرين داخل الزنزانات مع البالغين، مهما كان الجرم، غير وارد إطلاقاً، وهناك حرص من القيادة العسكرية في قوى الأمن الداخلي ومن الضباط رؤساء المراكز والمسؤولين عن التحقيقات، على احترام حرية القاصر ووضعه مهما كان الجرم الذي اقترفه. وأقرّ أحد اضباط المسؤولين أنه خلال احتجازه قاصراً اضطر الى توقيفه في مكتبه الشخصي ليومين ريثما تمت إجراءات نقله إلى سجن الأحداث.
بحسب معلومات "النهار"، فإن هناك العديد من المشاريع التي تعدّ في كواليس وزارة العدل لتطوير فعالية العمل القضائي في ملفات مختلفة، كتفعيل لجنة خفض العقوبات ومنحها صلاحيات تساعد لاحقاً على التخفيف من مشاكل كثيرة تتعلق، إما بالمنحى القانوني – القضائي وإما بمشكلة السجون في لبنان. لكن الأمر يتطلّب إرادة سياسية، والخروج من منطق التعطيل والابتزاز في اللجان البرلمانية إلى مستوى مترفع من الالتزام الوطني والأخلاقي حيال الانسان في لبنان.
من هنا، فإن جوهر المشكلة تحرير القضايا الإنسانية من زواريب المناكفات السياسية وشد الحبال التي تؤثر على المجتمع ككل.



0 تعليق