يُعدّ الفنان التشكيلي قالب الدلح أحد الأسماء البارزة في المشهد التشكيلي السعودي، حيث استطاع أن يكوّن لنفسه تجربة فنية متفردة تنطلق من الإنسان والمكان والذاكرة، وتتماهى مع تفاصيل الحياة اليومية والموروث الشعبي، مقدمًا أعمالًا تحمل صدق التعبير وعمق الرؤية.

نشأ قالب الدلح في بيئة غنية بالموروث الاجتماعي والثقافي، الأمر الذي انعكس مبكرًا على اهتمامه بالرسم والتشكيل. بدأت ملامح موهبته في سن مبكرة، حيث وجد في الفن وسيلة للتعبير عن مشاعره وتأملاته في محيطه الإنساني والبيئي. اعتمد في بداياته على الملاحظة الدقيقة، وتطوير أدواته ذاتيًا، مستفيدًا من التجارب البصرية ومن متابعة المدارس الفنية المختلفة.

ينتمي الفنان قالب الدلح إلى المدرسة الواقعية التعبيرية، حيث يجمع بين دقة التصوير الواقعي وعمق الإحساس التعبيري. تتسم لوحاته بحضور قوي للعنصر الإنساني، وغالبًا ما تبرز الوجوه، والانفعالات، وتفاصيل الجسد، في انسجام مع المكان والبيئة المحيطة.
تغلب على أعماله الألوان الدافئة والترابية، مع توظيف مدروس للضوء والظل، ما يمنح اللوحة بعدًا دراميًا ووجدانيًا، ويجعل المتلقي شريكًا في قراءة العمل وتأويله.

تركّز تجربة قالب الدلح على الإنسان البسيط، والذاكرة الجمعية، والماضي القريب، حيث تستحضر لوحاته مشاهد من الحياة القديمة، والقرى، والعلاقات الإنسانية، وقصص التعب والصبر والأمل. لا يقدم المشهد بوصفه صورة جامدة، بل كحكاية بصرية تحمل أبعادًا نفسية واجتماعية، تعكس تساؤلاته حول الزمن والتحولات التي طرأت على المجتمع.

شارك الفنان في عدد من المعارض الفردية والجماعية داخل المملكة، ولفتت أعماله أنظار المهتمين بالفن التشكيلي لما تحمله من صدق فني وخصوصية في الطرح. كما حظيت تجربته بتقدير المتذوقين والنقاد، الذين رأوا فيها امتدادًا واعيًا للفن المرتبط بالهوية والذاكرة.

يمثل قالب الدلح نموذجًا للفنان الذي يربط بين الفن والإنسان والهوية، ويؤمن بأن اللوحة ليست مجرد جماليات لونية، بل رسالة وشهادة على زمن وحياة وتجربة إنسانية. وقد أسهمت أعماله في إثراء الحركة التشكيلية، وتعزيز حضور الفن الواقعي التعبيري المرتبط بالبيئة المحلية.

إن تجربة الفنان التشكيلي قالب الدلح تُعد تجربة ناضجة ومتزنة، تجمع بين الحس الجمالي والعمق الإنساني، وتؤكد أن الفن قادر على حفظ الذاكرة، ومخاطبة الوجدان، وطرح الأسئلة الكبرى حول الإنسان والزمن والمكان.