نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
كيف يغير الذكاء الاصطناعي معادلة الأمن المجتمعي والبحث العلمي؟.. تفاصيل مؤتمر المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية - وضوح نيوز, اليوم الاثنين 15 ديسمبر 2025 11:50 مساءً
لم يعد النقاش حول الذكاء الاصطناعي مقتصرًا على حدود التطور التكنولوجي، بل امتد ليطرح تساؤلات جوهرية تمس استقرار المجتمعات، ومنظومة القيم، وأطر البحث العلمي ذاتها، هذا التحول كان حاضرًا بقوة في نقاشات اليوم الأول من المؤتمر السنوي الخامس والعشرين للمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، الذي فتح ملفات شديدة الحساسية تتعلق بالأمن المجتمعي وحوكمة المعرفة في عصر الخوارزميات.
الأمن المجتمعي تحت اختبار الخوارزميات
وفي جلسة حملت عنوان «الذكاء الاصطناعي والأمن المجتمعي»، طرح سؤال محوري: كيف يمكن لتقنيات صُممت لخدمة الإنسان أن تتحول إلى عامل تهديد لبنية التماسك الاجتماعي؟
رئيس الجلسة، اللواء الدكتور أحمد الجيزاوي، مدير كلية الدراسات العليا بأكاديمية الشرطة سابقًا، أشار إلى أن الذكاء الاصطناعي، رغم إسهاماته الواضحة في تحسين التعليم والرعاية الصحية ودعم التنمية وبناء المدن الذكية، أفرز في المقابل ظواهر جديدة أكثر تعقيدًا، من بينها جرائم التزييف العميق، والاعتماد غير المنضبط على الخوارزميات، وظهور «فقاعات رقمية» تعمّق الاستقطاب المجتمعي، لا سيما بين الأجيال.
وأوضح أن هذه التحولات لم تعد تمس السلوك الفردي فقط، بل باتت تؤثر في منظومة القيم ذاتها، حيث أصبحت بعض المرجعيات المجتمعية محل تفاوض واختلاف، بما يهدد القدرة على بناء رؤية قيمية مشتركة للمستقبل.
تشريع يتأخر عن الواقع؟
الشق القانوني كان حاضرًا بقوة في الجلسة، حيث تناولت الأستاذة الدكتورة سهير عبد المنعم، أستاذ القانون الجنائي بالمركز، في ورقتها البحثية، العلاقة الجدلية بين الثقافة والسياسة التشريعية في مواجهة تحديات الذكاء الاصطناعي، مؤكدة أن التهديدات التي تطال الأمن المجتمعي ليست منفصلة، بل مترابطة، وتكشف عن فجوة متنامية بين سرعة التطور التكنولوجي وقدرة التشريعات التقليدية على مواكبته.
وفي السياق ذاته، توسعت مناقشات الجلسة في الأبعاد العالمية للأزمة، حيث تناولت الدكتورة سعدية يونس، الباحث القانوني بمجمع البحوث الإسلامية، أثر الذكاء الاصطناعي على السلم العالمي، معتبرة أن هذه التقنيات باتت عنصرًا فاعلًا في تشكيل الواقع الإنساني المعاصر، إيجابًا وسلبًا، في ظل تحديات دولية متداخلة تتجاوز حدود الدولة الوطنية.
فقدان السيطرة الأخلاقية
من زاوية أكثر عمقًا، ناقشت الدكتورة نجلاء محمد، مساعد مدير مركز الفلك وعلوم الفضاء بمجمع البحوث الإسلامية، مستقبل السلم المجتمعي في عصر الذكاء الاصطناعي، محذرة من اتساع الفجوة بين سرعة تطور النظم الذكية وقدرة الإنسان على إخضاعها للضوابط الأخلاقية، مشيرة إلى أن النظم التي تتخذ قرارات تمس العدالة والهوية والفرص والثقة العامة، إذا خرجت عن السيطرة القيمية، فإنها تمثل تهديدًا مباشرًا لبنية التماسك الاجتماعي.
البحث العلمي أمام إعادة تعريف
وفي موازاة نقاشات الأمن المجتمعي، سلطت جلسة «الذكاء الاصطناعي وحوكمة البحوث الاجتماعية» الضوء على تحول لا يقل خطورة داخل منظومة البحث العلمي نفسها.
الجلسة طرحت رؤية مفادها أن الذكاء الاصطناعي لم يعد أداة مساعدة للباحث، بل أصبح فاعلًا مؤثرًا في جميع مراحل البحث، من صياغة الأسئلة وحتى النشر العلمي، وهو ما يفرض إعادة نظر شاملة في الأطر المنهجية والأخلاقية الحاكمة للمعرفة.
وناقشت الورقة العلمية - المقدمة من الباحث الأستاذ الدكتور وليد رشاد زكي، أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، والدكتور خالد كاظم أبو دوح أستاذ مساعد علم الاجتماع بجامعة سوهاج، - الفرص التي يتيحها الذكاء الاصطناعي لتعزيز التحليل واكتشاف الأنماط الاجتماعية المعقدة، مقابل تحديات لا يمكن تجاهلها، أبرزها التحيز الخوارزمي، ومشكلات الشفافية، ومخاطر انتهاك الخصوصية، وإنتاج محتوى قد يفتقد الدقة أو المصداقية.
وفي هذا الإطار، طرحت الحاجة إلى حوكمة واضحة لاستخدام الذكاء الاصطناعي في البحث الاجتماعي، تضمن بقاء القرار العلمي والمسؤولية الأخلاقية في يد الباحث البشري، مع تعزيز الدور المؤسسي للمراكز البحثية ودور النشر في ضبط هذا المسار.
نقاش مفتوح على المستقبل
نقاشات اليوم الأول من المؤتمر كشفت أن الذكاء الاصطناعي لم يعد مسألة تقنية قابلة للحسم السريع، بل ملفًا مفتوحًا يتقاطع فيه الأمن المجتمعي بالتشريع، والبحث العلمي بالأخلاق، بما يستدعي مقاربات أكثر عمقًا وتكاملًا في التعامل مع هذه التحولات المتسارعة.
اقرأ أيضاً
بعد تحذيرات الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات.. كيف تحمي هاتفك ومعلوماتك من الاختراق؟وزير العمل يستقبل وفد لجنة الطاقة والبيئة والقوى العاملة بمجلس الشيوخ








0 تعليق