هل الطلاق بداية مرحلة جديدة أم نهاية للعائلة؟ - وضوح نيوز

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
هل الطلاق بداية مرحلة جديدة أم نهاية للعائلة؟ - وضوح نيوز, اليوم الثلاثاء 16 ديسمبر 2025 10:55 صباحاً

ملاك وجيه شميطلي

 

 

مع مرور الوقت، تغيّر كل شيء من حولنا، ليس بسبب التطور التكنولوجي وتسارع وتيرة الحياة فحسب، بل لأن مفاهيمنا الاجتماعية والإنسانية تغيّرت أيضاً. العادات والتقاليد التي كنّا نتمسّك بها لم تعد ثابتة كما في السابق، بل بات من الممكن إعادة النظر فيها بوعي وعقلانية، ضمن حدود تحافظ على توازن الفرد والمجتمع.
انطلاقاً من ذلك، يبرز سؤال جوهري: هل مفهوم الطلاق اليوم هو نفسه كما كان في جيلٍ سابق؟ الجواب بطبيعة الحال لا. فقد أصبح هناك وعي أكبر بالاستقلالية النفسية والعاطفية، وبأهمية الصحة النفسية داخل العلاقة الزوجية. كثيرون باتوا يرون أن الانفصال، في بعض الحالات، ليس فشلاً، بل خطوة شجاعة نحو حياة أكثر صحة، لأن الاستمرار في علاقة مؤذية يعني ظلماً للنفس، وللشريك، وللأطفال معاً.
الطلاق بلا شك قرار صعب ومؤلم نفسياً، لكنه قد يشكّل فرصة حقيقية للنمو والتطوّر. هو انتقال من بيئة مليئة بالتوتر والصراع إلى مساحة جديدة أكثر هدوءاً وسلاماً. فالمشاكل اليومية بين الزوجين لا تقتصر آثارها عليهما فحسب، بل تنعكس بشكل مباشر على الأطفال، خصوصاً في مراحل الطفولة والمراهقة. البيت الذي يفتقد انسجام الأهل يتفكك من الداخل، لأن التوازن بين الأم والأب هو الرابط الأساسي الذي يحفظ استقرار العائلة.

weddingdreamzwki4KKlMGvcunsplash11024x68

الأطفال والانفصال عند الحديث عن الطلاق، لا يمكن تجاهل الأطفال، بصفتهم الفئة الأكثر تأثراً بهذا التحوّل. يعيش الطفل صراعاً داخلياً بين حبّه للطرفين وخوفه من فقد أحدهما. وقد أثبتت الدراسات النفسية أن التواصل الواعي بين الأهل، ومراعاة مشاعر الأطفال، يخفف من الصدمات النفسية ويساعدهم على التأقلم مع الواقع الجديد. كما أن وجود روتين ثابت وبيئة مستقرة بعد الطلاق يمنح الأطفال شعوراً بالأمان، ويقلل من القلق والتوتر النفسي.
ومع تطور العصر، لم يعد الطلاق تجربة خاصة تُعاش داخل جدران المنزل فحسب، بل أصبح أحياناً تجربة علنية تحت أضواء وسائل التواصل الاجتماعي. هذا الضغط الإضافي يضاعف التحديات النفسية التي يواجهها الأطفال، ويبرز أكثر من أي وقت مضى أهمية الدعم النفسي والتواصل الصحي بين الأهل. فالتعامل الواعي مع الطلاق يساعد على الحدّ من آثاره السلبية، ويؤمّن بيئة داعمة للأطفال، حتى لو تغيّر شكل العائلة.
أهمية الدعم النفسي للأهل من الضروري أن يحصل الأهل على دعم نفسي، ليس فقط بعد الطلاق، بل حتى قبل اتخاذ القرار. وجود إختصاصي نفسي يساعد على فهم المشاعر، وتقييم الخيارات المتاحة، وتحديد ما إذا كان الانفصال هو الحل الأنسب أو إذا كان هناك إمكان لإصلاح العلاقة بطريقة صحية. فاستقرار الأهل النفسي ينعكس مباشرة على الأطفال، ويؤثر في شكل العلاقة المستقبلية داخل العائلة.
الأخطاء البشرية وتأثير المجتمع
 أحياناً يكون الاختيار خاطئاً منذ البداية، لكن ذلك لا يعني أن الإنسان محكوم بالاستمرار في حياة يدفع فيها ثمن قرار لم يكن مدركاً عواقبه. نحن بشر، والخطأ جزء من تجربتنا الإنسانية، لكنه يجب ألا يتحول إلى حكم دائم على سعادتنا. في كثير من الحالات، يكون الزواج نتيجة ضغوط اجتماعية أو إصرار عائلي، من دون فهم حقيقي للتوافق النفسي والعاطفي بين الطرفين.
بعد الطلاق، يصبح الأهل نموذجاً جديداً لأطفالهم في كيفية إدارة الخلاف، واحترام الآخر، وبناء حياة متوازنة رغم الألم. فالطريقة التي يتعامل بها الأب والأم مع بعضهما بعد الانفصال قد تكون أكثر تأثيراً من قرار الطلاق نفسه، لأنها ترسّخ لدى الطفل مفاهيم الأمان أو الصراع، السلام أو التوتر.
في هذا السياق، يجب ألا يكون الطلاق حرباً، بل نقطة تحوّل واعية. التعامل معه بهدوء واحترام يسمح لكل طرف ببدء مرحلة جديدة من دون كره أو حقد، ويؤمّن للأطفال بيئة مستقرة، حتى وإن تغيّر الشكل التقليدي للعائلة. فالنهاية الحقيقية ليست الانفصال، بل غياب الوعي والاحترام.
فرصة للنمو الشخصي أحياناً 
يمنح الانفصال الإنسان فرصة لإعادة النظر في حياته، والنظر إلى التجربة من زاوية أوسع وأكثر موضوعية. قد تقود هذه المراجعة إلى نضج شخصي أعمق، أو إلى اقتناع بأن قرار الانفصال كان خطوة صحيّة نحو حياة أفضل.
فالطلاق ليس نهاية للعائلة، بل قد يكون بداية جديدة لها. بداية تحمل وعياً أكبر، ونضجاً أعمق، وحباً مختلفاً. فالعائلة الحقيقية لا تنتهي بتغيّر شكلها، بل تستمر ما دام هناك احترام، وتواصل، وحب صادق للأطفال.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق