حين تتجه أنظار العالم إلى العاصمة السعودية في الفترة من 18 إلى 22 ديسمبر، فإن ما سيحدث على أرض ملعب "الأول بارك" لا يقتصر على كرة القدم أو منافسة بين أربعة أندية إيطالية كبرى، بل يمثل مشهداً متعدّد الأبعاد يجمع بين الرياضة والاقتصاد والاستراتيجية الدولية.

وتجمع النسخة الـ38 من البطولة نابولي بطل الدوري، ميلان حامل اللقب، إنتر ميلان وصيف دوري أبطال أوروبا، وبولونيا بطل الكأس، في منافسة شرسة على اللقب والجائزة المالية التي قد تصل إلى 11 مليون يورو، لكن القيمة الحقيقية للحدث تتجاوز المستطيل الأخضر بكثير.

السعودية ليست مجرد مضيف، بل شريك استراتيجي يسهم في صناعة الحدث على المستويين التنظيمي والترويجي. وقد أبرز رئيس رابطة الدوري الإيطالي إيتسيو سيمونيلي، هذه الرؤية بقوله: "نسعى لجعل البطولة منصّة عالمية لترويج الدوري الإيطالي، والسعودية توفر لنا البيئة المثلى لتنظيم البطولة وتسويقها دولياً". ويوضح التصريح أن المملكة أصبحت حلقة وصل بين الرياضة والاقتصاد العالمي والجذب الثقافي الدولي، حيث تتحوّل الملاعب السعودية إلى منصّة لإظهار قدرة المملكة على تنظيم أحداث بمواصفات عالمية.

استضافة مثل هذه البطولات تمنح السعودية مصداقية ومكانة دولية في المشهد الرياضي العالمي، وتبرز قدرتها على خلق بيئة متكاملة تلبّي متطلبات كبار الفرق والأندية الأوروبية. وصول الجماهير الدولية والمشجعين إلى الرياض يحرّك عجلة الاقتصاد المحلي، بالإضافة إلى تعزيز قطاع الترفيه والتسوّق، وهو ما يجعل من كل بطولة فرصة لتوسيع نطاق تأثير الاقتصاد الوطني بما يتماشى مع "رؤية 2030".

وتشير الدراسات إلى أن استضافة الأحداث الرياضية الكبرى في السعودية أسهمت بجذب ملايين السيّاح الرياضيين، مع خلق عشرات آلاف الفرص الوظيفية المباشرة وغير المباشرة، وتوليد مداخيل بمليارات الريالات على مدار السنوات الماضية.

وتختبر الرياض من خلال احتضان منافسات السوبر الإيطالي خبرات تنظيمية متقدمة، وإيجاد منصّة لجذب الاستثمارات والشراكات الدولية في المجال الرياضي. الملاعب الحديثة، التقنيات التحكيمية المتقدمة، الشاشات العملاقة، والتجربة الجماهيرية المتطورة، كلها عناصر تعزز من قيمة الحدث وتجعله استثماراً طويل الأمد في صناعة الرياضة داخل المملكة.

يسعى ميلان للاحتفاظ بلقب السوبر الإيطالي وينافسه غريمه اللدود انتر ونابولي وبولونيا. (وكالات)

وتشهد البطولة منافسات ساخنة، ففي نصف النهائي، يلتقي نابولي مع ميلان الخميس، حيث يسعى الفريق الجنوبي بقيادة أنتونيو كونتي لاستغلال قوته التكتيكية، بينما يهدف الروسونيري للدفاع عن لقبه وإثبات السيطرة. في المباراة الأخرى، تواجه بولونيا إنتر ميلان الجمعة، مع وضع التوقعات لصالح "نيرازوري" بعد انتزاعه صدارة "سيري آ"، بينما يسعى بولونيا لتحقيق أول لقب له في السوبر الإيطالي. وقال مدرّب إنتر كريستيان كيفو "نحمل راية الكرة الإيطالية في الخارج، ونريد أن نقدّم مستوى يليق بتاريخنا وجماهيرنا".

الحدث يمثل كذلك أداة ثقافية وديبلوماسية، حيث يتيح للحضور والمشجعين من مختلف القارات التواصل مع المملكة على مستوى أوسع من الرياضة، وبناء صورة إيجابية عن السعودية كدولة قادرة على المزج بين الحداثة والاحترافية في تنظيم الأحداث العالمية. ويصبح الجمهور الدولي جزءاً من هذه التجربة، ما يوسّع من تأثير المملكة عالمياً، ويعزز من مكانتها كوجهة رياضية عالمية متكاملة.

يوضح الحدث أن الرياضة ليست مجرد منافسة على اللقب، بل منصّة لتحقيق أهداف استراتيجية متكاملة، تجعل السعودية لاعباً عالمياً رئيسياً في صناعة الرياضة، اقتصادياً وثقافياً وديبلوماسياً، وتعكس قدرة المملكة على تحويل الفعاليات الرياضية الكبرى إلى أدوات نموّ وازدهار مستدام.