نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
منح وقفية تواكب التحولات الاقتصادية والاجتماعية الحديثة - وضوح نيوز, اليوم الأربعاء 17 ديسمبر 2025 12:20 مساءً
أ. إبراهيم محمد عبدالله العمري
تمثل الأوقاف إحدى الركائز الدينية والأساسية للتنمية المستدامة في المجتمعات الإسلامية، حيث تقوم على مبدأ استدامة الأصل وتعظيم المنفعة وفق شرط الواقف. ومع تسارع التحولات الاقتصادية والاجتماعية والتقنية، بات من الضروري تطوير مجالات المنح الوقفية لتواكب متطلبات الوقت الحالي والمستقبلي، دون الإخلال بشرط الواقف أو مقاصده. ويبرز هذا التحدي بوضوح في ظل مستهدفات رؤية السعودية 2030، التي تسعى إلى تمكين القطاع غير الربحي وتعظيم أثره التنموي، وجعل الأوقاف شريكًا فاعلًا في التنمية الوطنية من خلال تنوع مشاركته في شتى المجالات التي تخدم المجتمع اقتصاديا وتطوير امكانياته العلمية والعملية.
شرط الواقف والمرونة التنموية
يُعد شرط الواقف الأساس الحاكم لتوجيه المنح الوقفية، إلا أن الفقه الوقفي أتاح مساحة للاجتهاد في تفسير الشرط بما يحقق مقاصده العامة، خاصة إذا كان الشرط عامًا كـ «الصرف في وجوه البر» أو «خدمة المجتمع». وتكمن أهمية الإدارة الوقفية الحديثة في تحويل هذا الشرط إلى برامج حديثة ذات أثر مستدام، تتماشى مع احتياجات المجتمع الحالية وأولوياته المستقبلية. ويقع على عاتق النظار ومجلس النظارة بتوضيح الأثر من تنوع مجالات الدعم من الأوقاف وان لا يقتصر الدعم فقط لسد حاجة المحتاج، بل الى تمكينه وتحسين وضعه الاقتصادي وايضاً المساهمة في تطوير المعرفة العلمية التي من شأنها ان تعود بالنفع على كافة أطياف المجتمع
بعض مجالات المنح الوقفية الحديثة المتوافقة مع رؤية 2030
شهدت مجالات المنح الوقفية توسعًا نوعيًا ينسجم مع محاور رؤية 2030، ومن أبرزها:
• التمكين الاقتصادي وريادة الأعمال الاجتماعية: تقديم منح وقفية لدعم المشاريع متناهية الصغر حتى تمكن هذه المشاريع من قدرتها على الإنتاج والاستمرارية مما يعود بالنفع على المستفيد وبرامج التدريب المهني، وصناديق التمويل تساهم في الحد من البطالة بتوفير الأدوات العلمية اللازمة للمحتاج بما يتوافق مع احتياج سوق العمل مما ينعكس اثرة اقتصادياً على المجتمع ويعد وقف عبد اللطيف جميل نموذجا في دعم التمكين الاقتصادي من خلال تأهيل الشباب والشابات في مجالات مهنية وتقنية متعددة
• التعليم النوعي والتقني: من اهم المجالات التي تساهم في تطور المجتمع ويعود عليها بالنفع العلمي والاقتصادي، التطور في المجالات التقنية وأنظمة الذكاء الاصطناعي ولعل من برز في هذا المجال مؤسسة مسك الخيرية من خلال تقديم المعرفة العلمية دون مقابل من خلال الدورات وورش العمل المتميزة في هذا المجال وأيضا وقف جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية التي تهتم بالبرامج البحثية
• الصحة الوقائية والابتكار الصحي: مع تطور الأنظمة الصحية على مستوى العالم، من المهم جدا ان يكون هناك دعم لرفع الوعي الصحي الوقائي وتطوير هذه المنظومة في ابتكار طرق واليات الكشف المبكر وأيضا ابتكارات حديثة لمعالجة الامراض والأوبئة المتزايدة ومن الأوقاف التي تعير هذا المجال اهتماماً كبير هي وقف الملك عبد العزيز للأبحاث الطبية حيث يقوم الوقف بتمويل البرامج البحثية التطبيقية للكشف المبكر عن الامراض وتطوير الطرق العلاجية تعتمد على التقنيات والبيانات
مساهمة المنح في الأوقاف للمشاريع والمجالات المعاصرة والمستقبلية يعود بالأجر على الواقف ويحقق غايته بمساهمته في إيجاد حلول ذات أثر مستدام على المجتمع بالكامل وأصبحت في وقتنا الحالي من الأمور الضرورية لاستدامه العمل الخيري وتوظيف هذه الأدوات الحديثة التي تساهم في تطور المجتمع وتخدم الأجيال القادمة لأعوام عديدة
إن تطوير المنح الوقفية لم يعد خيارًا، بل ضرورة استراتيجية لضمان استدامة الأوقاف وتعظيم أثرها. ومن خلال الالتزام بشرط الواقف، وتوظيف أدوات الإدارة الحديثة، والاستفادة من المنصات الدولية كمنتدى الأوقاف، ويمكن للمنح الوقفية أن تقود حلولًا تنموية معاصرة تُسهم في نهضة المجتمع وتخدم الأجيال القادمة، ويأتي دور مجالس النظارة الوقفية في ابراز هذه المجالات للواقف وتوضيح أثرها المستقبلي ونفعها العام على المجتمع بما يتحقق مع توجه الواقف













0 تعليق