نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
"عملية نارنيا"... كيف استهدفت إسرائيل العلماء النوويين الإيرانيين في حرب الـ12 يوماً؟ - وضوح نيوز, اليوم الأربعاء 17 ديسمبر 2025 05:20 مساءً
كشفت صحيفة "واشنطن بوست" الستار عن واحدة من أخطر العمليات العسكرية والاستخباراتية في الشرق الأوسط، بين إيران وإسرائيل، حيث تداخلت الاغتيالات السرية والضربات الجوية والتضليل الديبلوماسي في حرب هدفت إلى شلّ البرنامج النووي الإيراني.
كانت الاستعدادات للحرب قد اكتملت تقريباً. كان العشرات من العملاء المدربين الذين يعملون لصالح إسرائيل موجودين على الأرض في إيران، مسلّحين بأسلحة جديدة متطورة. وكان طيارو سلاح الجو الإسرائيلي في حالة استعداد لتلقي أوامر بمهاجمة البنية التحتية النووية الإيرانية ومنصات إطلاق الصواريخ الباليستية والدفاعات الجوية.
توصلت إسرائيل والولايات المتحدة، الداعم الرئيسي لها، إلى اتفاق تقريبي حول مدى قرب طهران من الحصول على سلاح نووي. كانت الحيل الديبلوماسية جارية لإخفاء الهجوم المقبل عن إيران. لكن مسؤولي الأمن الإسرائيليين كانوا يعلمون أنه لكي يتسببوا بأضرار أكثر من مجرد أضرار عابرة لبرنامج إيران النووي، كان عليهم أيضاً القضاء على "فريق الخبراء"، وهو جيل من المهندسين والفيزيائيين الإيرانيين الذين اعتقد مسؤولو المخابرات الأميركية والإسرائيلية أنهم يعملون على "الفنون المظلمة" لتحويل المواد النووية الانشطارية إلى قنبلة ذرية.
عند الساعة 3:21 صباحاً من يوم 13 حزيران/يونيو، في الدقائق الأولى من حرب إسرائيل التي استمرت 12 يوماً مع إيران، بدأت الأسلحة الإسرائيلية ضرب المباني السكنية والمنازل في العاصمة الإيرانية. كانت "عملية نارنيا"، الحملة ضد كبار العلماء النوويين الإيرانيين، جارية.
محمد مهدي طهرانجي، عالم فيزياء نظرية وخبير متفجرات خاضع لعقوبات أميركية بسبب عمله في مجال الأسلحة النووية، قُتل في شقته بالطابق السادس في طهران في مبنى يُعرف باسم مجمع الأساتذة.
فريدون عباسي، عالم فيزياء نووية قاد في السابق منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، وكان خاضعا لعقوبات أميركية وأممية، قُتل في غارة أخرى في طهران بعد ساعتين.
وقالت إسرائيل إنها اغتالت 11 من كبار العلماء النوويين الإيرانيين في 13 حزيران، وفي الأيام التالية.
أثارت الهجمات الإسرائيلية والأميركية الضخمة على برنامج إيران النووي اضطرابات في الشرق الأوسط، وأثارت وعوداً بالانتقام الإيراني، وأدت، في الوقت الحالي، إلى إفشال إمكانية التوصل إلى اتفاق ديبلوماسي للحد من أنشطة طهران النووية ووضعها تحت رقابة دولية صارمة.
كشفت صحيفة "واشنطن بوست"، بالتعاون مع برنامج "فرونت لاين" على قناة PBS، عن تفاصيل جديدة حول الهجمات والتخطيط لها وتأثيرها في إيران. استند هذا التقرير إلى مقابلات مع العديد من المسؤولين الإسرائيليين والإيرانيين والعرب والأميركيين الحاليين والسابقين، الذين تحدث بعضهم إلى الصحافيين لأول مرة، بشرط عدم الكشف عن هوياتهم، لوصف العمليات السرية والتقييمات.
قال مسؤولون من إسرائيل والولايات المتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة إن برنامج إيران النووي ربما تراجع سنوات إلى الوراء. لكن هذا بعيد كل البعد عن ادعاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأن البرنامج "تم القضاء عليه تماماً وبشكل كامل".
وتبقى إيران مصرّة على أن تطويرها النووي مخصص للطاقة النووية المدنية لا للأسلحة.
قال أمير طهرانجي لـ"فرونتلاين" إن عمل شقيقه محمد سيستمر. وأضاف: "مع مقتل هؤلاء الأساتذة، ربما يكونون قد رحلوا، لكن معرفتهم لن تضيع على بلدنا".
قامت إسرائيل باغتيال علماء إيرانيين من قبل، لكنها كانت تنكر ذلك دائماً. كان عملاء على دراجات نارية يلصقون قنابل مغناطيسية على سيارات العلماء في زحام المرور في طهران. نجا عباسي بصعوبة من محاولة مماثلة في عام 2010.
لكن محسن فخري زاده، العالم النووي البارز، قتل بوساطة مدفع رشاش يتمّ التحكم به عن بعد في كمين خارج العاصمة الإيرانية في عام 2020.
لكن، في حزيران/يونيو، خرجت يد إسرائيل من الظل. أصبحت أكثر جرأة بعد أن قضت علناً على وكلاء إيران في قطاع غزة ولبنان وسوريا.
وقال جنرال في سلاح الجو الإسرائيلي ساعد في التخطيط للهجوم على إيران: "أخيرًا أتيحت لنا فرصة عملياتية للقيام بذلك".
بالنسبة لـ"عملية نارنيا"، قام محللو الاستخبارات الإسرائيلية بتجميع قائمة تضم 100 من أهم العلماء النوويين في إيران، ثم قلّصوا قائمة الأهداف إلى نحو اثني عشر شخصاً. وقاموا بإنشاء ملفات عن عمل كل شخص، وتحركاتهم، ومنازلهم، مستفيدين من عقود من التجسّس.
لم تكن العملية خالية من العيوب. تمكنت صحيفة "واشنطن بوست" وموقع التحقيقات مفتوح المصدر "بيلينغكات" من التحقق، بشكل مستقلّ، من وقوع 71 ضحية مدنية في خمس غارات استهدفت علماء نوويين، باستخدام صور الأقمار الاصطناعية، وتحديد المواقع الجغرافية للفيديوات، وإعلانات الوفاة، وسجلات المقابر، وتغطية الجنازات في وسائل الإعلام الإيرانية.
وأكدت "واشنطن بوست" و"بيلينغكات" أن 10 مدنيين، بينهم رضيع يبلغ من العمر شهرين، قتلوا في الغارة على مجمع الأساتذة في حي سعادت آباد بطهران. تشير روايات الشهود، إلى جانب مقاطع الفيديو وصور الانفجار والأضرار الهيكلية الناتجة عنه، إلى أن الغارة كانت مماثلة لقوة قنبلة تزن ما يقرب من 500 رطل.
استهدفت إسرائيل عالماً آخر، هو محمد رضا صديقي صابر، في منزله بطهران خلال الموجة الأولى من الضربات. لم يكن صابر موجوداً في المنزل، لكن ابنه البالغ من العمر 17 عاماً قُتل.
في اليوم الأخير من الصراع، 24 حزيران، قُتل صابر في منزل أحد أقاربه على بعد حوالي 200 ميل من العاصمة، في مقاطعة جيلان. قال أحد السكان هناك لـ"بوست" إن صابر عاد إلى منزل عائلته لحضور مراسم حداد ابنه، فقُتل مع أقارب آخرين. وتحققت صحيفة "واشنطن بوست" من مقتل 15 مدنياً في هذه الغارة، بينهم أربعة قاصرين. ودُمّر منزلان، ولم يتبق سوى حفرتين في المكان الذي كان يقوم فيه المنزلان.
وقال العميد إيلاد إدري، رئيس أركان قيادة الجبهة الداخلية الإسرائيلية، إن الضربات الانتقامية الإيرانية أصابت مدارس ومستشفيات ومواقع مدنية أخرى، مما أسفر عن مقتل 31 إسرائيلياً. وقال متحدث باسم الحكومة الإيرانية في تموز/يوليو إن 1062 شخصًا قتلوا في الضربات الإسرائيلية، بينهم 276 مدنياً.
أسلحة وعملاء
أطلقت إسرائيل على الحملة الأوسع نطاقاً ضد إيران اسم "الأسد الصاعد". دمرت الطائرات الحربية والطائرات بدون طيار الإسرائيلية، إلى جانب عملاء داخل إيران، أكثر من نصف منصات إطلاق الصواريخ الباليستية الإيرانية، ومزقت دفاعاتها الجوية المتبقية.
أدت الضربات إلى القضاء على قيادة الجيش الإيراني والحرس الثوري الإسلامي. قصفت الطائرات الحربية الإسرائيلية محطات الكهرباء وأنظمة التهوية التي تحتاجها إيران لتشغيل أجهزة الطرد المركزي لتنقية اليورانيوم في نطنز وفوردو، وهما موقعا التخصيب الرئيسيان في البلاد. تلا ذلك ضربات مكثفة من قاذفات الشبح الأميركية.
داخل إيران، حشدت وكالة المخابرات الإسرائيلية أكثر من 100 عميل إيراني، وزودت بعضهم بـ"سلاح خاص" من ثلاثة أجزاء لشن ضربات دقيقة على الأصول العسكرية، حسبما قال مسؤول أمني إسرائيلي رفيع المستوى شارك بشكل مباشر في التخطيط.
تم تدريب فرق العملاء الإيرانيين في إسرائيل وأماكن أخرى. تم إطلاعهم على مهمتهم فقط، وليس على النطاق الكامل لما كانت إسرائيل تستعد له. قال المسؤول: "هذه العملية لم يسبق لها مثيل في التاريخ. قمنا بتعبئة مواردنا وعملائنا للتوجه إلى طهران وشن العملية البرية قبل أن تتمكن قواتنا الجوية من دخول المجال الجوي الإيراني".
لقد فكرت إسرائيل لعقود في شن هجوم واسع النطاق على برنامج إيران النووي وأهداف أخرى. لكن العقبات المحتملة تلاشت واحدة تلو الأخرى عندما أمر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بتدمير أعداء إسرائيل في أعقاب هجوم "حماس" في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023.
قصف اسرائيلي على طهران خلال حرب حزيران، (وكالات).
أسفر هجوم "حماس" عن مقتل ما يقرب من 1200 شخص، مما أدى إلى حصار إسرائيل لقطاع غزة، الذي قضى على الجناح العسكري لـ"حماس" وتسبب في مقتل أكثر من 70 ألف فلسطيني، وفقًا للسلطات الصحية في غزة. وقد تم تدمير "حزب الله"، وهو وكيل طهران الأكثر رعباً، بفضل الغارات الجوية المتواصلة على لبنان وعملية الموساد المذهلة التي فجرت متفجرات مخبأة في أجهزة استدعاء مفخخة يستخدمها الحزب. وقتل حسن نصر الله، الأمين العام لـ "حزب الله"، في غارة جوية إسرائيلية في أيلول/سبتمبر 2024.
وقال مسؤولون إن تطورات أخرى حفّزت إسرائيل على التخطيط. فقد انهار نظام الرئيس السوري بشار الأسد، الحليف القديم لإيران، في كانون الأول/ديسمبر 2024. واستغلّت إسرائيل ذلك، ودمّرت ما تبقى من القدرات العسكرية السورية بمئات القنابل والضربات الصاروخية، ثم احتلّت منطقة استراتيجية في جنوب غربي البلاد.
في غضون ذلك، استمرت الأعمال العدائية المتفرقة. أطلقت إيران صواريخ وطائرات مسيّرة على إسرائيل في نيسان/أبريل 2024، بعد أن قصفت إسرائيل مبنى السفارة الإيرانية في دمشق، عاصمة سوريا، وقتلت ثلاثة من كبار القادة الإيرانيين، ثم كررت ذلك في تشرين الأول/أكتوبر من نفس العام، بعد أن اغتالت إسرائيل الزعيم السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية في طهران. ردت إسرائيل بشن غارات جوية وأسقطت أغلبية الصواريخ والطائرات المسيرة الإيرانية، مما أضعف أي تهديد انتقامي مستقبلي من طهران. في التبادل الثاني، دمرت إسرائيل أنظمة الدفاع الجوي الروسية المتطورة من طراز S-300 التي كان من الممكن أن تشكل تهديدًا خلال عملية "الأسد الصاعد".
قال قائد سلاح الجو الإسرائيلي إن القضاء على "حزب الله" وسقوط الأسد كانا عاملين أساسيين. وأضاف: "تغيرت الخطط على مر السنين، لكنها أصبحت ملموسة للغاية بعد هذين الحدثين".
الفروق الدقيقة النووية
اتفقت إسرائيل والولايات المتحدة، في عهد كل من الرئيس جو بايدن وترامب، على أن إيران تعمل على صنع سلاح نووي. لكن وكالات الاستخبارات التابعة لهما اختلفت أحياناً في تقييماتها لما يفعله العلماء الإيرانيون وما يعنيه ذلك.
ابتداءً من عام 2023، جمعت وكالة المخابرات المركزية (CIA) معلومات استخباراتية تفيد بأن باحثين يعملون في وحدة تابعة لوزارة الدفاع الإيرانية تُعرف باسم SPND، كانوا يبحثون عن طرق لبناء سلاح نووي بسرعة أكبر ، إذا ما تراجع آية الله علي خامنئي، المرشد الأعلى لإيران، عن فتواه الدينية الصادرة عام 2003 والقاضية بتحريم امتلاك الأسلحة النووية أو أسلحة دمار شامل.
كان الإيرانيون يبحثون عن جهاز نووي بدائي، يستغرق إنتاجه نحو ستة أشهر، باستخدام مخزونهم الحالي من اليورانيوم المخصّب، حسب تقدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية. لم يكن من الممكن اختبار الجهاز البدائي مسبقاً أو إطلاقه من مسافة بعيدة بوساطة صاروخ باليستي، لكنه سيكون مدمراً على أي حال إذا تمّ بناؤه واستخدامه.
يبدو أن الإيرانيين كانوا يبحثون أيضاً في أسلحة الاندماج النووي، وهي نوع أكثر تقدماً وقوة من القنابل النووية. اتفق محلّلو الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية على أن قنبلة الاندماج النووي، على الرغم من أنها تثير القلق، فإنها بعيدة عن متناول إيران.
بدأت إيران في إنتاج كميات أكبر بكثير من اليورانيوم المخصب بعد أن انسحب ترامب في عام 2018 من اتفاق دولي يحدّ من أنشطتها النووية. لم يعتقد كل من وكالة المخابرات المركزية والموساد أن إيران قد بدأت صنع قنبلة. ولكن بحلول ربيع عام 2025، لم يكن المحللون الإسرائيليون متأكدين من أن خامنئي سيعلن عن تراجعه عن فتواه أو أنهم سيتمكّنون من اكتشاف أن إيران تقوم بتجميع سلاح في الوقت المناسب.
في 12 حزيران، عشية عملية "الأسد الصاعد"، أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن طهران تنتهك التزاماتها بعدم الانتشار النووي، وهو أول توبيخ من هذا النوع منذ 20 عاماً.
الديبلوماسية والتضليل
عندما زار نتنياهو ترامب في بداية ولايته الثانية، وهو أول زعيم أجنبي يقوم بذلك، قدّم أربع رؤى لكيفية تنفيذ الهجوم على إيران، حسبما قال شخص مطلع على الأمر، وقد تحدّث شريطة عدم الكشف عن هويته لوصف التبادلات الديبلوماسية الخاصة.
أظهر رئيس الوزراء الإسرائيلي أولاً لترامب كيف ستبدو العملية إذا هاجمت إسرائيل بمفردها. الخيار الثاني كان أن تأخذ إسرائيل زمام المبادرة، مع دعم أميركي ضئيل. وكان الخيار الثالث هو التعاون الكامل بين الحليفين. أما الخيار الأخير فكان أن تتولى الولايات المتحدة زمام المبادرة.
بدأت أشهر من التخطيط الاستراتيجي السري والمكثف. أراد ترامب إعطاء الديبلوماسية النووية مع إيران فرصة، لكنه واصل تبادل المعلومات الاستخباراتية والتخطيط العملياتي مع إسرائيل، حسبما قال شخصان مطلعان على الأمر. قال أحدهما: "كان التفكير هو أننا إذا فشلت المحادثات، فنحن مستعدون للتحرك".
اعتقد قادة إسرائيل أن إعطاء الديبلوماسية فرصة أمر مهم للرأي العام العالمي إذا قرروا في النهاية ضرب إيران. لكنهم كانوا قلقين أيضاً من أن ترامب، في حرصه على التوصل إلى اتفاق، قد يوافق على اتفاق سيّئ.
في منتصف نيسان، أعطى ترامب إيران 60 يوماً للموافقة على اتفاق نووي. انتهى الموعد النهائي يوم الخميس 12 حزيران. قام هو ونتنياهو بمناورات لإبقاء الإيرانيين غير مستعدين لما سيحدث بعد ذلك.
أخبر ترامب الصحفيين في 12 حزيرن بأن ضربة إسرائيلية على إيران "قد تحدث بالفعل"، لكنه أشار إلى أنه يفضل حلاً تفاوضياً. سرب مسؤولون إسرائيليون أن مستشار نتنياهو الأعلى رون ديرمر ورئيس الموساد ديفيد بارنياع سيجتمعان قريباً بالمبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف. كان من المقرر عقد جولة جديدة من المحادثات النووية بين الولايات المتحدة وإيران يوم الأحد 15 حزيران.
كانت إسرائيل قد قررت شن ضربة، كما تعلم الولايات المتحدة جيداً. كانت الديبلوماسية المخطط لها حيلة، وشجّع مسؤولون من كلا البلدين تقارير وسائل الإعلام عن خلاف بين الولايات المتحدة وإسرائيل.
وقال الشخص المطلع على الأمر: "جميع التقارير التي كُتبت عن عدم اتفاق بيبي مع ويتكوف أو ترامب لم تكن صحيحة. لكن الجيد كان أن يكون هذا هو الانطباع العام، فقد ساعد ذلك على المضي قدماً في التخطيط من دون أن يلاحظ الكثير من الناس ذلك".
حتى بعد بدء حملة القصف والاغتيالات الإسرائيلية، قامت إدارة ترامب بمحاولة ديبلوماسية أخيرة. فقد نقلت سراً اقتراحاً إلى إيران لحل الأزمة حول برنامجها النووي. ما لم تعرفه إيران هو أن هذه المبادرة ستكون فرصتها الأخيرة قبل أن يوافق ترامب على انضمام القوة النارية الأميركية إلى إسرائيل.
كانت شروط الاتفاق، التي حصلت عليها صحيفة "واشنطن بوست"، ولم يتم الإبلاغ عنها من قبل، قاسية، وتضمنت إنهاء طهران دعمها للوكلاء مثل "حزب الله" و"حماس"، بالإضافة إلى "استبدال" مصنع تخصيب الوقود في فوردو و"أي منشأة أخرى عاملة" بمنشآت بديلة لا تسمح بالتخصيب. في المقابل، سترفع الولايات المتحدة "جميع العقوبات المفروضة على إيران"، حسبما ورد في الاقتراح المؤرخ في 15 حزيران.
بعد وقت قصير من إرسال الولايات المتحدة الاقتراح إلى إيران، عبر ديبلوماسيين قطريين، رفضته طهران، وأذن ترامب بشنّ ضربات أميركية.
يقول مسؤولون أميركيون وإسرائيليون ومسؤولون في الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن الأضرار التي لحقت ببرنامج إيران النووي، وإن لم تكن كاملة، فهي كبيرة، مما أدى إلى تأخير البرنامج لسنوات، وربما أنهى في الوقت الحالي قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم الذي يمكن استخدامه لتزويد سلاح نووي بالوقود.
وقال معهد العلوم والأمن الدولي في تقييم أجراه في تشرين الثاني/نوفمبر، واستند جزئياً إلى صور الأقمار الاصطناعية: "بشكل عام، كان الضرر الذي سببته الغارات الجوية للعديد من المواقع النووية واسع النطاق، وفي كثير من الحالات، كارثياً".
ويقول مسؤولون إسرائيليون إن البرنامج الإيراني قد "تأخر بشكل كبير"، مع تدمير موقع التخصيب في نطنز، وتدمير أجزاء من مجمع الأبحاث النووية في أصفهان، وتضرر موقع التخصيب المدفون بعمق في فوردو بشكل بالغ.
وقال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي لبرنامج "فرونت لاين" إن الأضرار "كبيرة جدًا". وأضاف أن إيران تحتفظ بمخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المئة، وهو على بعد خطوة واحدة من نسبة 90 في المئة اللازمة لصنع سلاح نووي.
وقال إن المخزون "لا يزال في مكانه بشكل عام" في أصفهان وفوردو ونطنز. ومن غير الواضح ما إذا كان بإمكان إيران الوصول إلى هذه المواد، وقد مُنع مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية من الوصول إلى المنشآت الرئيسية منذ الغارات.
ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" في أيلول أن إيران زادت، منذ انتهاء الحرب التي استمرت 12 يوماً، من أعمال البناء في موقع غامض تحت الأرض جنوب نطنز، يُعرف باسم "جبل الفأس". كذلك تحاول إعادة بناء مخزونها من الصواريخ الباليستية بمساعدة الصين، وفقاً لما صرّح به مسؤولون إسرائيليون ومحلّلون مقيمون في الولايات المتحدة“.
وقد هدد ترامب بشن ضربات إذا قامت إيران بتخصيب اليورانيوم مرة أخرى بمستوى عالٍ.
ولم يبد علي لاريجاني، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، أي انزعاج في المقابلة مع "فرونلاين"، وهي أول مقابلة له مع وسائل إعلام أجنبية منذ الحرب. وقال: "لا يمكن تدمير برنامج إيران النووي أبدًا. لأنه بمجرد اكتشاف تقنية ما، لا يمكنهم سلبك هذا الاكتشاف".



0 تعليق