أثارت واقعة فتاة المترو والمسن الصعيدي حالة واسعة من الجدل على منصات التواصل الاجتماعي، عقب تداول مقطع فيديو يوثق مشادة كلامية نشبت داخل أحد قطارات مترو الأنفاق، بين رجل مسن من أبناء صعيد مصر وفتاة شابة، على خلفية اعتراضه على طريقة جلوسها داخل العربة.

وبحسب ما ظهر في الفيديو المتداول، فإن الفتاة كانت تجلس واضعة إحدى قدميها فوق الأخرى، وهو ما اعتبره الرجل المسن سلوكًا غير لائق، لتبدأ مشادة كلامية تطورت سريعًا وسط دهشة واستياء عدد من الركاب.

تفاصيل الواقعة داخل عربة المترو

أظهر الفيديو رجلا مسنا يبدو عليه الانفعال، يحمل عصًا ويتحدث بصوت مرتفع قائلا:
«إنتوا مبتحترموش حد؟ هو مفيش احترام خالص؟ ينفع الرجالة كلها قاعدة وهي حاطة رجل على رجل؟».

وفي المقابل، ردت الفتاة على حديثه بعبارات مقتضبة قائلة: «أنت مالك ومالي؟»، قبل أن تصف الرجل بقولها: «إنت مجنون، إيه الجنان ده»، الأمر الذي زاد من حدة التوتر داخل العربة، وتحوّل الموقف إلى نقاش علني أمام الركاب حول حدود الحرية الشخصية وآداب التعامل في الأماكن العامة.

ردود فعل غاضبة وانقسام مجتمعي

تسببت واقعة فتاة المترو والمسن الصعيدي في حالة من الغضب والاستياء لدى عدد كبير من المتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث انقسمت الآراء بين من اعتبر تصرف الفتاة حقًا شخصيًا لا يجوز التدخل فيه، وبين من رأى أن ردّها اتسم بعدم الاحترام لرجل مسن، خاصة في ظل الاختلافات الثقافية والاجتماعية بين أبناء المحافظات.

قانون الذوق العام وضبط السلوك في الأماكن العامة

في هذا السياق، يبرز مشروع قانون الذوق العام بوصفه إطارا تشريعيا ينظم سلوك الأفراد داخل الأماكن العامة، حيث يسري تطبيقه على الشوارع والميادين ووسائل النقل والمرافق العامة والمتنزهات.

ويلزم القانون جميع المواطنين بضرورة مراعاة قواعد الذوق العام واحترام القيم المجتمعية التي تعكس هوية المجتمع المصري، مع الحفاظ في الوقت ذاته على التوازن بين الحرية الشخصية وعدم التعدي على الآخرين.

صلاحيات التنفيذ والضبط الإداري

ومنح مشروع القانون وزارة الداخلية، بالتنسيق مع الوزارات والجهات المعنية، صلاحية تحديد جهات الضبط الإداري المختصة بتطبيق أحكامه، ووضع الآليات المناسبة لتنفيذ العقوبات المقررة.

كما أجاز القانون تفويض بعض مهام الضبط إلى شركات الحراسات الأمنية الخاصة المرخصة، وفق ضوابط وشروط محددة يصدر بها قرار رسمي، بما يضمن سرعة التعامل مع المخالفات داخل الأماكن العامة.

أبرز مخالفات الذوق العام

حدد مشروع قانون الذوق العام عددا من السلوكيات التي تعد مخالفات صريحة، من أبرزها:

تخطي طوابير الانتظار في الأماكن العامة دون مبرر قانوني.

إشغال مقاعد كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة دون وجه حق.

تجاوز الحواجز المخصصة للدخول إلى الأماكن العامة.

تصوير الأشخاص دون الحصول على موافقتهم المسبقة.

تصوير الحوادث الجنائية أو المرورية دون إذن الجهات المختصة.

ارتكاب أفعال خادشة للحياء أو ذات طابع جنسي.

رفع صوت الموسيقى داخل المناطق السكنية أو تشغيلها وقت الأذان.

إلقاء القمامة والمخلفات في غير الأماكن المخصصة لها.

آليات الإبلاغ عن مخالفات الذوق العام

أتاح القانون للمواطنين إمكانية الإبلاغ عن المخالفات من خلال رقم مخصص لوحدات تلقي بلاغات الذوق العام، إلى جانب إطلاق تطبيق إلكتروني يعمل على أنظمة الأندرويد والآيفون، يتيح للمستخدمين متابعة البلاغات المقدمة ومعرفة الإجراءات المتخذة بشأنها.

الغرامات والعقوبات المالية

نص مشروع القانون على فرض غرامة مالية لا تقل عن 500 جنيه ولا تزيد على 5 آلاف جنيه بحق مرتكبي مخالفات الذوق العام، مع مضاعفة الغرامة في حال تكرار المخالفة خلال عام واحد.

وفي المقابل، كفل القانون حق المتضرر في التظلم من الغرامة أمام المحكمة الإدارية المختصة، وفقًا للإجراءات القانونية المعمول بها.

تشريع يوازن بين الحرية والمسؤولية

ويأتي مشروع قانون الذوق العام في إطار حرص الدولة على حماية القيم المجتمعية، وتحقيق التوازن بين حرية الفرد واحترام الآخرين، بما يسهم في خلق بيئة عامة أكثر انضباطًا وأمانًا.

وأكد المشروع أن الهدف منه ليس التضييق على المواطنين أو تقييد حرياتهم، وإنما تعزيز ثقافة الاحترام المتبادل، والارتقاء بمستوى السلوك العام داخل الأماكن العامة، بما يعكس الصورة الحضارية للمجتمع المصري.