منذ انطلاق بطولة كأس الأمم الأفريقية عام 1957، رسخت البطولة مكانتها كواحدة من أكثر المسابقات القارية إثارة، حيث كانت مسرحًا مفتوحًا للعروض الهجومية الغزيرة والمواجهات التي حفرت أسماءها في ذاكرة كرة القدم الأفريقية بفضل سيل الأهداف واللحظات الدرامية الخالدة.

وعلى مدار عقود طويلة، شهدت البطولة مباريات جسدت المتعة الخالصة لكرة القدم، إذ تفوقت النزعة الهجومية على الحسابات الدفاعية، وبرزت أسماء أساطير ولاعبين صنعوا الفارق بأهداف غيرت مسار البطولات وخلدت في سجلات القارة السمراء.

وسلط الموقع الرسمي للاتحاد الأفريقي لكرة القدم (كاف) الضوء على أكثر المباريات غزارة تهديفيًا في تاريخ البطولة، مستعيدًا لحظات استثنائية حبست أنفاس الجماهير وأعادت تعريف مفاهيم التفوق الهجومي في الكرة الأفريقية.

وتظل مواجهة مصر ونيجيريا في نسخة عام 1963 واحدة من العلامات الفارقة، بعدما شهدت تسجيل تسعة أهداف كاملة، في لقاء تفوق فيه المنتخب المصري هجوميًا وحقق فوزًا تاريخيًا بنتيجة 6-3، ليصبح حتى اليوم أكثر المباريات تهديفًا في تاريخ كأس الأمم الأفريقية. وفي النسخة ذاتها، فازت إثيوبيا على تونس بنتيجة 4-2 في لقاء لا يقل إثارة.

وفي نسخة 1970، قدم منتخب كوت ديفوار عرضًا هجوميًا استثنائيًا عندما اكتسح إثيوبيا بنتيجة 6-1، حيث خطف النجم لوران بوكو الأضواء بتسجيله خمسة أهداف كاملة في واحدة من أبرز العروض الفردية، بينما أضاف لوسيني الهدف السادس، ليبقى اللقاء شاهدًا على القوة الهجومية الفردية في تاريخ البطولة.

وشهد نهائي نسخة 1972 مواجهة مثيرة بين الكونغو ومالي، انتهت بفوز الكونغو 3-2، بعدما تبادلت المنتخبات السيطرة والتسجيل في لقاء اتسم بالندية والتكتيك العالي، فيما اكتفت مالي بهدف متأخر لم يغير من مسار التتويج.

وفي مباراة تحديد المركز الثالث من النسخة نفسها، فرض منتخب الكاميرون تفوقه على زائير بنتيجة 5-2، مؤكدًا بدايات ظهوره كقوة كبرى في القارة رغم خيبة الخروج من نصف النهائي.

أما نسخة 1990، فقد شهدت واحدة من أبرز العروض الهجومية للمنتخب الجزائري على أرضه، حين فاز على نيجيريا بنتيجة 5-1، بقيادة الأسطورة رابح ماجر، في مباراة مهدت الطريق لتتويج “محاربي الصحراء” باللقب القاري.

وفي نسخة 2004، قدمت الكاميرون واحدة من أكثر المباريات إثارة عندما حولت تأخرها أمام زيمبابوي إلى فوز مثير بنتيجة 5-3، في لقاء أكد قوة الشخصية الهجومية لـ“الأسود غير المروضة”.

وافتتح المنتخب المصري مشواره في نسخة 2008 بفوز كبير على الكاميرون 4-2، في مباراة عكست الهيمنة المصرية في تلك الفترة، وتألق خلالها محمد زيدان بتسجيله هدفين، رغم ثنائية صامويل إيتو، ليواصل “الفراعنة” طريقهم نحو اللقب القاري الثاني على التوالي.

وفي نسخة 2010، عاشت الجماهير واحدة من أكثر المباريات درامية عندما تعادلت أنجولا ومالي 4-4، بعدما تقدمت أنجولا برباعية نظيفة قبل أن تحقق مالي عودة إعجازية في الدقائق الأخيرة.

كما شهدت نسخة 2021 فوزًا تاريخيًا لجزر القمر على غانا بنتيجة 3-2، في واحدة من أبرز مفاجآت البطولة، أكدت قدرة المنتخبات الصاعدة على مقارعة كبار القارة.

وفي نسخة 2023، تألق إيميليو إنسو بثلاثية قادت غينيا الاستوائية للفوز على غينيا بيساو 4-2، وهو الأداء الذي مهد تتويجه بالحذاء الذهبي، فيما حققت أنجولا فوزًا مثيرًا على موريتانيا بنتيجة 3-2 في لقاء اتسم بالندية والإثارة حتى الدقائق الأخيرة.

وتبقى هذه المواجهات الغنية بالأهداف شاهدة على الطابع الهجومي المميز لكرة القدم الأفريقية، حيث ارتبطت بأسماء أساطير مثل صامويل إيتو، رشيدي ياكيني، وباتريك مبوما. ويتصدر المنتخب المصري قائمة أكثر المنتخبات تسجيلًا للأهداف في تاريخ كأس الأمم الأفريقية برصيد 175 هدفًا، يليه منتخب كوت ديفوار بـ151 هدفًا، ثم نيجيريا والكاميرون وغانا، لتظل الأرقام عنوانًا لهوية هجومية راسخة في القارة السمراء.