في مشهدٍ تلاحمت فيه مشاعر الفخر بالحزن، نجحت قوات الحماية المدنية بالمنيا، مساء اليوم، في استخراج جثمان الشاب عبد الله محمد (25 عاماً)، من تحت ركام العقار المنهار بمنطقة "مضرب الأرز" غرب مدينة المنيا، وذلك بعد قرابة 24 ساعة من العمل المتواصل تحت الأنقاض.

روى شهود عيان اللحظات الأخيرة في حياة الفقيد "عبد الله"، مؤكدين أنه ضرب أروع أمثلة التضحية، فبمجرد شعوره ببوادر الانهيار، سارع بإنقاذ والدته المسنة وشقيقتيه من مسكنهم بالطابق الثاني وتأمين خروجهم، ولم يكتفِ بذلك، بل عاد مسرعاً لمحاولة إخراج بقية السكان والأطفال، إلا أن القدر كان أسرع، حيث انهار العقار المكون من 5 طوابق في غضون عشر دقائق فقط، ليدفن الشاب تحت الأنقاض في منطقة "بير السلم" وهو يحاول نجدة الآخرين.

خلف الحادث أوضاعاً إنسانية صعبة، حيث تسبب الانهيار في تشريد 15 أسرة من سكان العقار (بينهم أطفال وأرامل ومسنين)، و إصابة 4 أشخاص جرى نقلهم للمستشفيات لتلقي العلاج، و أدى الانهيار لتهدم أجزاء من منزلين مجاورين ومنزل مواجه، مما استدعى إخلاءها فوراً من السكان حرصاً على حياتهم.

ضبط صاحب العقار ولجنة هندسية للمعاينة

باشرت النيابة العامة بالمنيا، بإشراف المستشار محمد أبو كريشة، المحامي العام الأول لنيابات جنوب المنيا، تحقيقاتها الموسعة، حيث تقرر ضبط وإحضار صاحب العقار للتحقيق معه حول ملابسات الحادث، و تشكيل لجنة من المنشآت الآيلة للسقوط لمعاينة موقع الانهيار وتحديد أسبابه الفنية، وفحص العقارات المجاورة لبيان مدى تأثرها الإنشائي وضمان سلامة المارة.

انتقل اللواء عماد كدواني، محافظ المنيا، يرافقه نائبه الدكتور محمد محمود أبو زيد، إلى موقع الحادث لمتابعة جهود الإنقاذ ميدانياًً، موجهاً بتسخير كافة الإمكانيات اللوجستية والمعدات لرفع الأنقاض، مشدداً على استمرار تواجد الأجهزة التنفيذية والأمنية حتى التأكد من عدم وجود أي مفقودين آخرين، وتوفير كافة سبل الرعاية للأسر المتضررة، مع اتخاذ الإجراءات القانونية الرادعة حيال الواقعة.

ولا تزال قوات الدفاع المدني تواصل أعمالها بالموقع وسط ترقب وقلق من الأهالي لوجود احتمالات بوجود مفقودين آخرين تحت الركام.