لا خلاف على أن البروتوكولات التشخيصية والعلاجية الحديثة تعتمد، في بعض الأحيان، على إجراءات طبية تداخلية، إلى جانب وسائل أخرى غير تداخلية تُستخدم في التشخيص أو العلاج. غير أن اللجوء إلى هذه الإجراءات يجب أن يخضع لمعايير دقيقة، حفاظًا على سلامة المرضى وتجنبًا لمضاعفات قد تصل، في بعض الحالات، إلى الوفاة.

فعلى سبيل المثال، إذا كان من الممكن أن تضع السيدة مولودها ولادة طبيعية دون مخاطر، فما الداعي لتعريضها لمضاعفات العمليات القيصرية دون ضرورة طبية حقيقية؟

وبالمثل، يُفضّل تجنب أخذ عينات الأنسجة إلا في حالات الضرورة القصوى، وكذلك الحال بالنسبة لإجراء مناظير الجهاز الهضمي العلوي أو السفلي، ومناظير القنوات المرارية، التي ينبغي أن تقتصر على حالات محددة، لا أن تُجرى بشكل روتيني دون مبرر واضح.

وينطبق الأمر ذاته على سحب عينات السوائل من الأغشية المحيطة بالتجاويف الداخلية، مثل السائل البريتوني، أو غشاء البلورا، أو غشاء التامور، وكذلك سحب عينات من تجويف المفاصل أو السائل النخاعي لتشخيص الالتهابات أو النزيف. ففي حال كان بالإمكان الاستعاضة عن هذه الإجراءات التداخلية بوسائل أقل خطورة، كالأشعة المقطعية، أو الرنين المغناطيسي، أو الفحوصات المعملية، فإن ذلك يُعد الخيار الأفضل لتجنيب المريض مضاعفات جسيمة قد تنتج عن التدخل المباشر.

وحتى في ما يخص إعطاء المحاليل الوريدية، فإن استخدامها يجب أن يكون مقيدًا بوجود مبرر طبي واضح، مثل حالات الغيبوبة أو صعوبة البلع. أما إذا كان المريض قادرًا على البلع، فلا مبرر لإعطائه محاليل وريدية دون ضرورة ملحة.

كما تستوجب التغذية العلاجية، سواء عبر الجهاز الهضمي أو من خلال القساطر الوريدية، قدرًا كبيرًا من الحذر، نظرًا لما تمثله القساطر الوريدية، خاصة المركزية منها، من مخاطر محتملة. وينبغي ألا تُستخدم القساطر المركزية، كالموضوعة في الوريد تحت الترقوة أو الأوردة الكبيرة، إلا في أضيق الحدود، مع تفضيل القساطر الطرفية السطحية كلما أمكن، لتقليل احتمالات المضاعفات.

وفي الختام، فإن هذه الدعوة لا تعارض التقدم العلمي أو التطور في الإجراءات التشخيصية والعلاجية، بل تؤكد على ضرورة ترشيد استخدامها وتقنينها، بما يضمن الحفاظ على حياة المرضى، التزامًا بجوهر الرسالة الطبية، وامتثالًا لقوله تعالى:

«ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعًا».

للمزيد تابع

خليجيون نيوز على: فيسبوك | إكس | يوتيوب | إنستغرام | تيك توك