مع بداية فصل الشتاء، تتغيّر طريقة تفاعل البشرة مع العوامل الخارجية بشكل كبير، فالبرودة، انخفاض الرطوبة، الرياح الجافة، والتدفئة الداخلية كلها عناصر تُفقد الجلد رطوبته الطبيعية، ما يجعله أكثر حساسية وأسرع تهيّجًا، وهنا يظهر السؤال الأكثر تداولًا في عالم العناية بالبشرة: هل يجب الاستمرار في تقشير البشرة خلال الشتاء؟ وإن كان ذلك مسموحًا، فما الحدود الآمنة وما الذي يجب تجنّبه تمامًا؟

في هذا المقال ، سنستعرض كل ما تحتاجينه لفهم طريقة التعامل مع عملية التقشير في موسم البرد، بدءًا من كيفية استجابة البشرة، مرورًا بأفضل أنواع التقشير المناسبة للطقس البارد، ووصولًا إلى الأخطاء الشائعة والنصائح العملية التي تضمن لكِ بشرة نقية وهادئة طوال الشتاء.

لتعرفوا أكثر عن أسرار الجمال انضموا مجانًا إلى قناة تاجك لأسرار الجمال على الواتساب.

البشرة ليست مجرد طبقة تغطي الوجه، بل منظومة دقيقة تتفاعل مع البيئة، وفي الشتاء تحديدًا، تتأثر بطريقتين رئيسيتين:

تُفرز البشرة زيوتًا تساعدها على البقاء مرطّبة ومحمية، لكن مع البرودة وانخفاض الرطوبة، يقل هذا الإفراز، ما يجعل السطح الخارجي أكثر جفافًا وقابلًا للتشققات. الحاجز الجلدي (Skin Barrier) هو خط الدفاع الأول للبشرة، وفي الشتاء، يتعرض هذا الحاجز لنوع من “الإجهاد” نتيجة تغيّر الجو بين الخارج البارد والداخل الدافئ، ما يجعله أكثر هشاشة وأقل قدرة على تحمّل التقشير القوي.

هذه الأسباب تجعل البشرة أقل قدرة على التعامل مع المقشرات القاسية، سواء كانت كيميائية بتركيز عالٍ أو مقشرات فيزيائية خشنة.

قد يبدو غريبًا أن تكون البشرة الجافة والمتهيجة بحاجة إلى التقشير، لكن الحقيقة أن التقشير المنضبط له فوائد مضاعفة في الشتاء:

إزالة الجلد الميت المتراكم بسبب الجفاف

تحسين امتصاص الكريمات المرطبة والسيرومات

تنعيم الملمس وإزالة القشور البيضاء

إعطاء إشراقة صحية بدل البهتان الموسمي

تجديد الخلايا وتفعيل الدورة الدموية

الحفاظ على نضارة البشرة ومنع انسداد المسام

لكن هذه المزايا لا تتحقق إلا عندما يتم التقشير بالأسلوب الصحيح، وفي توقيت مناسب، وبمنتجات لطيفة وآمنة.

في موسم يزداد فيه جفاف البشرة وحساسيتها، يصبح التقشير عملية دقيقة تحتاج إلى اختيار الطرق والمكونات بعناية لضمان تجديد الخلايا دون إضعاف الحاجز الجلدي، وهنا تأتي قائمة المسموح الآمن لتقشير البشرة في الشتاء:

اختيار التقشير اللطيف

في الشتاء تصبح البشرة أكثر حساسية وجفافًا، لذلك فإن المقشرات القوية قد تسبّب تهيجًا واحمرارًا، ولهذا يُعدّ التقشير اللطيف الخيار الأفضل خلال هذا الموسم.

تشمل المقشرات المسموح بها:

PHA بتركيز منخفض مثل اللاكتيك أسيد 5% أو الماندليك أسيد 5–10% PHA مثل Gluconolactone BHA بتركيز خفيف جدًا للبشرة الدهنية المقشرات الإنزيمية المستخلصة من البابايا والأناناس، هذه الأنواع تنظف البشرة بلطف وتُحافظ على توازنها دون إضعاف الحاجز الجلدي.

ضبط عدد مرات التقشير

البشرة في الشتاء تحتاج إلى راحة أكبر بسبب الجفاف وانخفاض الرطوبة، لذلك يجب تقليل عدد مرات التقشير مقارنة بالصيف، ويوصي الخبراء بالتالي:

البشرة الجافة والحساسة: مرة أسبوعيًا البشرة المختلطة والدهنية: مرتين أسبوعيًا البشرة العادية: مرة إلى مرتين أسبوعيًا حسب الاستجابة

الالتزام بهذا المعدّل يمنع إرهاق البشرة ويضمن نتائج لطيفة ومتوازنة.

الدمج بين التقشير والترطيب المكثف

لا يكتمل التقشير في الشتاء دون ترطيب عميق يدعم طبقة الحماية الطبيعية للبشرة، وبعد كل جلسة تقشير، يُنصح باستخدام منتجات تحتوي على: Ceramides ، حمض الهيالورونيك، سكوالين، بانثينول، زبدة الشيا للبشرة شديدة الجفاف، هذه المكونات تمنع الجفاف، وتهدئ الاحمرار، وتضمن استعادة الرطوبة المفقودة بشكل فعّال.

اختيار التوقيت المناسب للتقشير

التوقيت له دور أساسي في تقشير الشتاء؛ فالبشرة تكون أكثر قابليّة للتهيج عند التعرض للطقس البارد بعد التقشير مباشرة، لذا يُفضَّل: التقشير قبل النوم،  اختيار الأيام التي لا يوجد بها خروج طويل، تجنّب التعرض للشمس بعد التقشير، تجنّب التقشير في الصباح يساعد على حماية البشرة من الجفاف الزائد وعدم تهيّجها خلال النهار.

الاعتماد على المقشرات الفيزيائية الناعمة

يمكن استخدام المقشرات الفيزيائية في الشتاء بشرط أن تكون لطيفة للغاية ولا تسبب خدوشًا دقيقة على سطح الجلد. من أفضل الخيارات: مقشرات الجوجوبا (Micro Jojoba beads)،  السكر الناعم، الطين الناعم، بينما يجب الابتعاد تمامًا عن المقشرات ذات الحبيبات الكبيرة والخشنة التي قد تزيد التهيّج والجفاف.

مع زيادة حساسية البشرة خلال الشتاء، يصبح تجنب بعض ممارسات التقشير أمرًا ضروريًا لحماية الحاجز الجلدي ومنع الجفاف والتهيج وهنا أبرز ما يجب الامتناع عنه تمامًا في هذا الموسم:

خلال الشتاء تصبح البشرة أضعف وأكثر جفافًا، لذلك فإن استخدام المقشرات عالية التركيز قد يسبب ضررًا كبيرًا للحاجز الجلدي، يجب تجنب: AHA 30%، BHA 2% عند استخدامه يوميًا، الجمع بين الريتينول ومقشر قوي في الليلة نفسها، جلسات التقشير الاحترافية المتقاربة، هذه الخيارات تزيل الطبقة الواقية للبشرة وتتركها معرضة للجفاف والالتهاب. واحدة من أشهر الأخطاء خلال الشتاء هي مزج أكثر من مقشر في الروتين نفسه، مما يؤدي لتهيج شديد، أمثلة على الخلطات الخطرة: ريتينول + AHA، فيتامين C القوي مع أحماض التقشير، استخدام تونر مقشر وسيروم مقشر وكريم مقشر في نفس اليوم، هذا التداخل يسبب احمرارًا، تشققات، وحتى حروق سطحية لدى بعض الأشخاص. التقشير اليومي خطأ شائع، حتى لو بدت النتيجة جيدة في البداية، مع برودة الشتاء، يتضاعف الجفاف وسرعان ما تتدهور البشرة، لذلك يجب إعطاؤها مهلة كافية بين الجلسات لتجديد نفسها. إذا كانت البشرة تعاني من أي نوع من التهيّج أو الجفاف، فإن التقشير سيزيد الوضع سوءًا، تجنبي التقشير تمامًا عند وجود: جفاف شديد تشققات حول الفم احمرار متواصل إحساس بالحرق عند وضع المنتجات تقشّر واضح على الأنف والخدين بعد التقشير يصبح الجلد مكشوفًا وأكثر حساسية تجاه الشمس، وحتى شمس الشتاء يمكن أن تسبب اسمرارًا أو تصبغًا، لذلك يجب الحرص على استخدام: واقٍ شمسي SPF 30 على الأقل، إعادة التطبيق خلال اليوم عند الخروج

اختيار المقشر المناسب لا يعتمد فقط على مكوّناته، بل على طبيعة بشرتك واستجابتها للجفاف الشتوي، فلكل نوع احتياجات مختلفة لضمان تقشير آمن وفعّال دون تهيّج.

البشرة الجافة جدًا

البشرة الجافة تصبح أكثر خشونة وتشققًا في الشتاء، لذا تحتاج مقشرات رقيقة تحافظ على الماء داخل الجلد، أفضل الخيارات:  Mandelic Acid، Lactic Acid، المقشرات الإنزيمية، تجنب BHA تمامًا، يُفضّل دائمًا دمج التقشير مع كريم سميك أو بلسم مرطّب لدعم الحاجز الجلدي.

البشرة الحساسة

تتفاعل البشرة الحساسة بسرعة مع أي مكوّن قوي، لذلك يجب اختيار مقشرات لُطفتها عالية وتأثيرها تدريجي، مناسب لها: PHA، مقشر إنزيمي مرة أسبوعيًا، تجنب أي تركيزات عالية، ويمكن الاعتماد على وصفات طبيعية لطيفة مثل خليط الشوفان والعسل لتهدئة الجلد.

البشرة الدهنية والمختلطة

رغم أن هذه البشرة تفرز الدهون، إلا أنها تتأثر بالجفاف الشتوي أيضًا، لذلك يجب اختيار مقشرات تنظّف المسام دون إضعاف الحاجز الجلدي، مناسب لها: Salicylic Acid 0.5% – 1%، AHA خفيف، تقشير كيميائي لطيف مرة إلى مرتين أسبوعيًا، مع ضرورة تجنب الإفراط في الاستخدام حتى لا تتحول البشرة للجفاف والالتهاب.

البشرة العادية

هذا النوع من البشرة متوازن نسبيًا، ويمكنه التعامل مع غالبية المقشرات بشرط الالتزام ببعض الضوابط، نصائح لها: الترطيب أساسي بعد كل جلسة، عدم تجاوز مرتين أسبوعيًا، وهي البشرة التي تحصل غالبًا على نتائج سريعة دون مشاكل إذا تم اتباع الروتين الصحيح.

أهم الأخطاء التي يرتكبها الكثيرون:

تقشير البشرة الجافة دون ترطيب مسبق

استخدام الريتينول مع AHA في نفس الليلة

ترك المقشر لفترة أطول من الهدف “لتسريع النتيجة”

التقشير قبل الخروج مباشرة في الجو البارد

استخدام مقشرات للجسم على الوجه

تقشير الشفاه بمقشرات خشنة تسبب تشققات

كل هذه الأخطاء تؤدي إلى نتائج عكسية، وقد تسبب التهابًا وجفافًا لا يزول بسهولة.

لتضمني أفضل نتيجة، إليك قائمة نصائح:

اختاري المقشر بناءً على نوع بشرتك وليس بناء على الترند.

لا تضعي المقشر على مناطق متهيجة مسبقًا.

طبّقي المقشر مساءً فقط.

استخدمي كريم حاجز (Occlusive) مثل الفازلين حول الفم والأنف.

لا تستخدمي الماء الساخن بعد التقشير.

التزمي بروتين الترطيب اليومي، وليس فقط بعد التقشير.

راقبي بشرتك إذا ظهرت علامات تحسس، أوقفي المقشر مباشرة.

تقشير البشرة في الشتاء ليس هدفه فقط إزالة الجلد الميت، بل صيانة الحاجز الجلدي والحفاظ على النضارة وسط موسم معروف بالجفاف والبهتان.