
أوضحت دار الإفتاء المصرية، في بيان صادر عنها، أن الدعاء بعد الإقامة وقبل الدخول في الصلاة أمرٌ مشروع ومستحب شرعًا، ولا حرج فيه مطلقًا، بل هو من السنة وله أصل واضح في الهدي النبوي وأقوال الأئمة المجتهدين من مختلف المذاهب الإسلامية.
وأكدت الدار أن إنكار هذا الفعل واتهامه بالبدعة قول لا أصل له في الشريعة، ولا يُعتد به، بل يُعد غلوًا وتشددًا في غير موضعه.
ما هي البدعة؟ التمييز بين اللغوي والشرعي
شرحت دار الإفتاء مفهوم البدعة الشرعية بأنها: “ما أُحدث في الدين مما لا أصل له في الشريعة يدل عليه”.
وأكدت أن ما له أصل شرعي لا يُعد بدعة مذمومة حتى وإن أُطلق عليه لفظ “بدعة” من الناحية اللغوية، موضحة الفرق بين:
وأشارت إلى تصنيفات العلماء، وعلى رأسهم العز بن عبد السلام، الذي قسم البدع إلى خمسة أنواع: واجبة، محرمة، مندوبة، مكروهة، ومباحة، بحسب انطباقها على مقاصد الشريعة.
أصل الدعاء بعد الإقامة في السنة النبوية
أكدت دار الإفتاء أن الدعاء بعد الإقامة له أصل صريح من سنة النبي ﷺ:
كما أُشير إلى أن الإقامة تدخل ضمن معنى الأذان لغة وشرعًا، لقول النبي ﷺ: “بين كل أذانين صلاة”، والمقصود الأذان والإقامة.
ويدخل الدعاء عند الإقامة ضمن الحديث المشهور: “الدعاء بين الأذان والإقامة لا يُرد”.
رد علمي على من يبدّع الدعاء بعد الإقامة
شدّدت دار الإفتاء على أن المنع أو التقييد بالدعاء بعد الإقامة هو في ذاته بدعة؛ لأن السنة جاءت مطلقة في الدعاء، ولم يرد نهي عنه بعد الإقامة. وكل من قيد المطلق بغير دليل شرعي أحدث في الدين ما ليس منه.
ووصفت التشدد في إنكار هذه السنة بأنه تنطع مذموم، يخالف ما قرره الأئمة من سعة في فقه العبادات.
نصوص المذاهب الأربعة في استحباب الدعاء بعد الإقامة
1. الحنفية:
-
ابن نجيم: “لا بأس بالدعاء عند الأذان والإقامة”.
-
ابن عابدين: يُستحب أن يقال عند “قد قامت الصلاة”: “أقامها الله وأدامها”.
2. الشافعية:
-
النووي، الشيرازي، الماوردي: يستحب الدعاء عند الإقامة، بنفس الأذكار المشروعة.
-
ابن حجر الهيتمي: “وجعلني الله من صالحي أهلها”.
3. المالكية:
4. الحنابلة:
رغم عدم التوسع في النقل، لم يُعرف عنهم إنكار هذا الفعل، ويجري على أصول مذهبهم قبوله ما دام له أصل شرعي.
دعاء مشروع وليس بدعة
أكّدت دار الإفتاء أن من يدعو بعد الإقامة قد أصاب السنة والعمل المأثور، ومن أنكر عليه فهو المخطئ والمبتدع في الإنكار، مشيرة إلى أهمية التيسير والاعتدال في فهم الدين، لا سيما في المسائل التي ورد فيها نقل معتبر عن العلماء والفقهاء الثقات.