
هل الذكاء الاصطناعي يمنع أو يزيد من الأزمات النفسية؟| كشف خبراء أن استخدام روبوتات الدردشة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي للحصول على دعم نفسي يحمل مخاطر كبيرة، خاصة للأشخاص الذين يعانون من اضطرابات مثل الأوهام أو الوسواس أو التفكير الانتحاري، وأظهرت دراسة معهد ستانفورد أن هذه النماذج اللغوية قد تقدم ردودا غير مناسبة أو حتى خطيرة، لأنها مبرمجة لتكون مطيعة ومُرضية للمستخدم، مما قد يسبب أضرارا عاطفية ويقلل من استقلالية المستخدم، كما وجدت الدراسة أن بعض هذه النماذج قد تحفز التفكير في الانتحار، إذ ردت على سؤال متعلق بالجسور العالية في نيويورك بطريقة قد تثير أفكارًا سلبية لدى الأشخاص المعرضين للخطر.
هل الذكاء الاصطناعي يمنع أو يزيد من الأزمات النفسية؟
وفي تقرير آخر صدر عن هيئة الخدمات الصحية الوطنية في المملكة المتحدة، تم التعرف على ظاهرة يعكس فيها الذكاء الاصطناعي أو يعزز المحتوى الوهمي والأفكار العظيمة، وخاصة لدى المستخدمين المعرضين للذهان، ويرجع ذلك جزئياً إلى طبيعة تصميم هذه النماذج التي تعزز التفاعل المستمر والموافقة على آراء المستخدمين.
وأوضحت سارة أودوهيرتي، رئيسة «الجمعية الأسترالية» لعلماء النفس، أن كثيرًا من العملاء في العيادات النفسية باتوا يستخدمون «ChatGPT» كمكمل للعلاج، خاصة مع ارتفاع تكاليف العلاج التقليدي أو صعوبة الوصول إليه، لكن المشكلة تكمن في أن الذكاء الاصطناعي ما هو إلا «مرآة» تعكس ما يضعه المستخدم فيه، دون أن تقدم منظورا مختلفا أو استراتيجيات جديدة لحل المشكلات، ما يجعل الاعتماد عليه في الدعم النفسي خطيرًا خصوصًا لمن هم في حالات هشة نفسيًا.
وتشير «أودوهيرتي» إلى أن الذكاء الاصطناعي يفتقر للحس الإنساني ولا يمكنه تفسير ردود أفعال الأشخاص مثلما يفعل الأطباء النفسيون من خلال ملاحظة تعابير الوجه ونبرة الصوت والإشارات غير اللفظية التي تكشف عن حالة المريض الحقيقية، لذلك، فإن استخدام هذه التكنولوجيا كبديل للعلاج يصاحبها مخاطر كثيرة تفوق الفوائد، ويجب أن تقتصر على دعم وتعزيز العلاج التقليدي فقط.
من جانبه، حذر الدكتور «رافائيل ميليير»، أستاذ الفلسفة بجامعة ماكواري، من أن البشر بطبيعتهم يتأثرون بسهولة بالتقنيات التي تمدحهم باستمرار، لأنهم غير معتادين على ذلك إلا في حالات خاصة مثل الشخصيات العامة المحاطة بالمجانين، وأضاف أن الروبوتات التي تستمع بلا كلل ولا تعارض المستخدم قد تغير الطريقة التي يتفاعل بها الإنسان مع الآخرين على المدى الطويل، خاصة للأجيال القادمة التي ستنشأ مع هذه التقنية، فهي قد تخلق أجيالًا تعود على التملق والخضوع بدل الحوار والنقد البناء.
لهذا، ينصح الخبراء باستخدام الذكاء الاصطناعي كأداة مساعدة وليس بديلًا للمساعدة النفسية الحقيقية، مع أهمية تعزيز الوعي بمخاطر الاعتماد المباشر عليه في الحالات النفسية الحساسة.