يُعد الطعام البحري (Seafood) مكوناً رئيسياً في فنون الطهي العالمية، ويجذب عشاقه للسفر حول العالم بحثاً عن النكهات الطازجة والوصفات الأصيلة. أفضل وجهات السفر لمحبي المأكولات البحرية هي تلك التي تتميز بـ قربها من مصادر الصيد، وتوفر تقاليد طهي غنية تعتمد على المحيط، وتستطيع تقديم الأسماك والقشريات في أشكالها الألذ والأكثر طزاجة. هذه المدن والبلدان لا تقدم وجبة عادية، بل تُقدم تجربة ثقافية متكاملة تتجسد فيها روح البحر.

اليابان والبرتغال: الدقة الآسيوية والأصالة الأطلسية

تتصدر اليابان قائمة الوجهات لمحبي المأكولات البحرية بفضل فلسفتها في الطهي القائمة على البساطة والطزاجة الفائقة. تُعتبر سوق تسوكيجي الخارجي (Tsukiji Outer Market) في طوكيو (والذي كان يشمل سوق الجملة قبل نقله) رمزاً لعظمة المأكولات البحرية اليابانية. اليابان ليست مشهورة فقط بـ السوشي والساشيمي (الذي يعتمد على قطع الأسماك النيئة بدقة متناهية)، بل أيضاً بـ يكاتها الواسع في طهي الأسماك، مثل التمبورا والمشاوي. وتُظهر الدقة والاهتمام بالجودة في المأكولات البحرية اليابانية احتراماً عميقاً للمكون الرئيسي. في المقابل، تُمثل البرتغال وجهة أوروبية لا تُضاهى، خاصة في لشبونة وبورتو، حيث يعد سمك القد (Bacalhau) جزءاً لا يتجزأ من الهوية الوطنية (مع مئات الوصفات لتحضيره). كما يتميز المطبخ البرتغالي بـ المأكولات البحرية المشوية البسيطة التي تُبرز نكهة الأسماك الطازجة المحضرة على الفحم.

بيرو وفيتنام: الابتكار في المأكولات الباردة والساخنة

توفر مدن مثل ليما (Lima) في بيرو وهانوي (Hanoi) في فيتنام تجارب فريدة للمأكولات البحرية تجمع بين الابتكار والتقليد. وضعت بيرو نفسها على الخريطة العالمية للطعام بفضل طبقها الأيقوني "سيفيتشي" (Ceviche)، وهو عبارة عن سمك نيئ يُنقع في عصير الحمضيات (ليمون لايم) ويُقدم بارداً مع البطاطا الحلوة والذرة. تتطلب جودة "سيفيتشي" استخدام أسماك طازجة للغاية، مما يعكس العلاقة القوية لبيرو بالمحيط الهادئ. في المقابل، تُقدم فيتنام مزيجاً من النكهات الآسيوية الطازجة في مأكولاتها البحرية، حيث تشتهر الأطباق مثل لفائف الربيع المحشوة بالروبيان الطازج، وحساء نودلز الأسماك (Bun Ca). ويتميز المطبخ الفيتنامي بالاعتماد على الأعشاب الطازجة والمكونات الخفيفة التي تعزز طعم المأكولات البحرية دون إخفائه.

مدن السواحل الأمريكية: التخصص الإقليمي والقشريات

تُقدم بعض المدن الساحلية في الولايات المتحدة تجارب متخصصة لمحبي المأكولات البحرية. تُعد بوسطن (Boston) في ماساتشوستس وجهة عالمية لتذوق لوبستر نيو إنجلاند (New England Lobster) وحساء المحار الغني (Clam Chowder). يعتمد المطبخ هنا على القشريات والمحار التي يتم صيدها في المياه الباردة، مما يمنحها نكهة مميزة. أما نيو أورلينز (New Orleans) في لويزيانا، فتشتهر بـ المأكولات الكريولية والكاجونية التي تعتمد على الجمبري والمحار وكركند المياه العذبة (Crawfish)، وتُقدم في أطباق قوية النكهة مثل جامبالايا (Jambalaya) وإيتوفي (Étouffée). هذا التخصص الإقليمي يضيف بعداً فريداً للرحلة، حيث لا يقتصر الأمر على نوع الطعام، بل على ثقافة تحضيره.

في الختام، يُعد السفر بحثاً عن المأكولات البحرية مغامرة لا تُنسى. من الدقة والبراعة في طوكيو، إلى التقاليد المشوية في لشبونة، والابتكار البارد في ليما، والوجبات المتخصصة في بوسطن ونيو أورلينز، تُظهر هذه الوجهات أن أفضل تجربة للطعام البحري تتطلب أكثر من مجرد مطعم جيد؛ بل تتطلب تاريخاً بحرياً غنياً والتزاماً راسخاً بالطزاجة والجودة.