لقد قيد الله لي أن أزور العديد من الدول (مثل: الولايات المتحدة- الإمارات- البحرين- قطر- سلطنة عُمان) حيث شاهدت الإمكانات السياحية الكبيرة بهذه الدول، وأستطيع أن أقول - بقلب مطمئن- أن مصر تمتلك من الإمكانات السياحية المميزة ما يؤهلها لأن تتبوأ مراكز الصدارة في قطاع السياحة عالميًا، إذ تمتلك بلادنا تنوعًا قل نظيره في أنواع السياحة المعتبرة كالآثار الضخمة التي لا تضاهيها دولة أخرى على وجه الأرض، إضافًة إلى سياحة الشواطئ، والسياحة العلاجية.. .إلخ.

وتأسيسًا على ما سبق.. ومع اقترابنا من وداع عام 2025م، يجب أن نتوقف عند حقيقة واضحة كالشمس وهي أنه - أي العام- يُعد بحق "العام الذهبي" للسياحة المصرية، حيث نجحت الدولة في دمج أصالة التراث مع حداثة البنية التحتية، مما عزز مكانة مصر كواحدة من أهم 5 وجهات سياحية يجب زيارتها عالميًا.. هذا من ناحية الإجمال.

ومن ناحية التفاصيل، فقد شهد قطاع السياحة خلال عام 2025م طفرة تاريخية وإنجازات استثنائية، تمثلت في أرقام قياسية وتدشين مشروعات عملاقة، ويمكن رصد هذه الإنجازات كما يلي:

- استقبلت مصر نحو 15 مليون سائح في أول 9 أشهر فقط من العام، ومن المتوقع أن يصل الإجمالي بنهاية ديسمبر الجاري إلى 18 مليون سائح، وهو الرقم الأعلى في تاريخ السياحة المصرية، علمًا بأن الإيرادات السياحية قد بلغت نحو 9 مليارات دولار في أول 7 أشهر من العام، وسط توقعات بأن تتجاوز الإيرادات السنوية حاجز الـ 18 مليار دولار بنهاية العام المالي (2025/2026م).

- الافتتاح الرسمي للمتحف المصري الكبير في الأول من نوفمبر الماضي في حفل أسطوري حضره قادة وملوك من مختلف دول العالم، وهو ما يُعد الحدث الأبرز لهذا العام، إذ يمثل المشروع العملاق أكبر متحف في العالم مخصص لحضارة واحدة، ويضم أكثر من 100 ألف قطعة أثرية، منها المجموعة الكاملة للملك توت عنخ آمون، مع توقعات بأن يجذب المتحف سنويًا ما يزيد على 5 ملايين سائح، علمًا بأنه قد ساهم بالفعل في مضاعفة أعداد الزوار لمنطقة الأهرامات والجيزة.

- على صعيد تطوير البنية التحتية والمناطق السياحية، فقد حققت مصر في عام 2025م تقدمًا كبيرًا في مشروع التجلي الأعظم، وهو مشروع تطوير مدينة سانت كاترين لتصبح مقصدًا عالميًا للسياحة الروحانية والاستشفائية.

وفيما يتعلق بتطوير القاهرة التاريخية، فقد تم افتتاح مراحل جديدة من "ممشى أهل مصر"، وتطوير منطقة سور مجرى العيون، والقاهرة الخديوية، مما حوّل وسط العاصمة إلى مزار سياحي مفتوح.

ومن جانب آخر، تم التوسع في تشغيل مطاري: "سفنكس"، و"العاصمة الإدارية" لتسهيل وصول الوفود السياحية مباشرة إلى مناطق الجذب الرئيسية.

- على صعيد الاكتشافات الأثرية ومشاريع الترميم، فقد شهد عام 2025م الكشف عن بقايا معبد الوادي للمجموعة الشمسية للملك "ني أوسر رع" بمنطقة أبو صير، بالإضافة إلى اكتشاف أقدم مرصد فلكي في العالم بكفر الشيخ.

فيما تم تنفيذ نحو 40 مشروعًا لترميم المواقع الأثرية، منها ترميم تماثيل ضخمة للملك "أمنحتب الثالث" في الأقصر.

- في مجال الاستثمار الفندقي، يجري إنشاء أكثر من 34 ألف غرفة فندقية جديدة لزيادة القدرة الاستيعابية، مع خطة طموحة للوصول إلى 30 مليون سائح بحلول عام 2028م.

وفيما يتعلق بالتحول الرقمي، فقد تم إطلاق منصات إلكترونية متطورة لحجز التذاكر وتوفير المعلومات، مما حسّن تجربة السائح وسهل من حركة التدفقات.

وأخيرًا.. يجب التأكيد - مع الإمكانات السياحية المميزة لبلادنا- على ضرورة أن يتدرب شعبنا الأصيل على التعامل مع زوار مصر وسائحيها بما يعكس أخلاقنا وقيمنا، بأن نفتح لهم قلوبنا ونعاملهم المعاملة المثلى التي تشجعهم على زيارتنا مرة أخرى، وكلنا نذكر - منذ عام تقريبًا- قصة الطفل النوبي محمود بشير (11 عامًا) الذي نال إعجاب كافة الصحف ووسائل الإعلام والـ "سوشيال" ميديا بسبب موقفه الرائع وأخلاقه العالية في التعامل مع سائحة أرجنتينية اشترت منه "حظاظات" كان يبيعها أمام معبد فيلة بأسوان، وأعطته 20 دولارًا في بضاعة ثمنها 5 دولارات فقط، وحين اكتشف الطفل أنها 20 دولارًا ظل يبحث - ولمدة ساعتين- عن السائحة حتي يعيد إليها باقي المبلغ (15 دولارًا) حتى وجدها وأعاد إليها المبلغ بالفعل، فشكرته وأرادت مكافأته بإعطائه بعض المال، فرفض الطفل بإباء وشمم المصري الأصيل، مؤكدًا أنه تربى على إعادة الحقوق لأصحابها دون انتظار مكافأة نظير ذلك.. وتلك الأخلاق الحميدة لا شك هي أبرز سمات الجذب للسياحة المصرية، بجانب الإمكانات السياحية المميزة التي ذكرناها آنفًا- لكي تتبوأ مكانتها التي تستحقها عالميًا.

اقرأ أيضاً
رئيس الوزراء: مُؤشرات التدفق السياحي خلال هذا العام تشهدُ أرقامًا مُميزة

«مع نظرة مستقرة».. تحسن تصنيف مصر الائتماني السيادي من B- إلى B

رئيس الوزراء: الحكومة مُنفتحة للتعاون مع القطاع الخاص لإدارة المناطق السياحية