بين جد هاجر وأب أسطورة… لوكا زيدان يبدأ مغامرته الدولية - وضوح نيوز

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
بين جد هاجر وأب أسطورة… لوكا زيدان يبدأ مغامرته الدولية - وضوح نيوز, اليوم الخميس 25 ديسمبر 2025 10:30 مساءً

مشوار الجزائر في مسابقة كأس أمم أفريقيا الـ 35، التي تحتضنها المغرب، كان عاطفياً بالنسبة إلى الأسطورة الفرنسية زين الدين زيدان.

وقف "زيزو" مزهواً على مدرجات ملعب الأمير مولاي الحسن بالرباط، وهو يراقب نجله لوكا يرتدي قميص المنتخب الجزائري لأول مرة في البطولة القارية. إنها لحظة لم تكن مجرد مباراة، بل لقطة رمزية تعكس رحلة عائلة كاملة بين الأجيال، من الجدّ الذي عاش الهجرة والصعوبات، إلى الأب الذي أصبح أيقونة عالمية، وصولاً إلى الابن الذي اختار العودة إلى الجذور.

إرث الهوية


قصة لوكا تبدأ بجده إسماعيل زيدان، المولود في منطقة القبائل بالجزائر، والذي عاش ظروف الاستعمار الفرنسي، وهاجر إلى فرنسا بحثًا عن حياة أفضل. جدّ لوكا حمل معه ثقافة وهوية جزائرية صافية، رغم صعوبات الاندماج، وكانت حكاياته ومبادئه جزءاً من الذاكرة العائلية، التي شكّلت الأب زين الدين زيدان.

زين الدين أو "زيزو" كما يناديه الفرنسيون، والذي أصبح أسطورة عالمية وفاز بكأس العالم 1998، شهد تجربة مزدوجة: الشهرة والنجومية في فرنسا، إلى جانب شعور دائم بالانتماء إلى الجزائر، بلد أجداده. هذا المزيج من التحديات، النجاح، والحنين للجذور، أصبح الخلفية التي نشأ فيها لوكا، وحفّزت فيه شعورًا قويًا بالهوية العائلية.

 

اقرأ أيضاً: الجزائر والمغرب يتحدان في مدرجات كأس أمم أفريقيا بعد سنوات من القطيعة

 

 

العودة إلى الجذور

على عكس والده الذي اضطر إلى التكيف مع فرنسا، قرر لوكا أن يمثل الجزائر على الصعيد الدولي، معبّرًا عن ارتباطه العميق بالجذور العائلية. وقال في تصريحات مؤثرة: "مثل أيّ أب، كان والدي إلى جانبي. قال لي: هذا اختيارك، أستطيع أن أعطيك نصائح، لكن القرار الأخير يعود لك".

وأضاف عن جده إسماعيل: "تحدّثت معه قبل الانضمام للمنتخب، وكان كالمجنون من الفرح. في كلّ مرة أذهب إلى المنتخب يتّصل بي، ويقول إنني اتخذت القرار الصحيح، وهو فخور بي. القميص القادم سيكون من أجله".

بهذه الكلمات، لم يكن لوكا يختار فقط منتخباً لكرة القدم، بل كان يختار الهوية والاعتزاز بالجذور العائلية والتاريخية، وخطوة رمزية تربطه مباشرة بالقيم التي عاشها جدّه، ونقلها أبوه.

الهدوء تحت الضغط

الظهور الأول جاء في مسابقة كبرى ضد السودان، وفي مباراة افتتاحية للمجموعة الخامسة، ضمن كأس أفريقيا. كان الضغط كبيرًا على الحارس الذي يحمل اسم زيدان، لكن لوكا أثبت أنه جاهز لمواجهة التحديات الكبيرة، حيث قدم أداءً هادئًا ومتزنًا، فسيطر على الكرات العالية، مما أعطى الفريق الثقة في بناء الهجمات من الخلف، وتصدى لمحاولة انفراد من المهاجم السوداني محمد عبد الرحمن، فأظهر قدرة كبيرة على حسم المواجهات الفردية.

 

زيدان يراقب نجله في ملعب مولاي الحسن في الرباط. (وكالات)

زيدان يراقب نجله في ملعب مولاي الحسن في الرباط. (وكالات)

 

حافظ لوكا على تركيزه طوال اللقاء، رغم طرد لاعب سوداني، مما ساعد الجزائر على السيطرة على المباراة. الحفاظ على شباك نظيفة، وظهوره بثقة في المباراة، لم يكن مجرد بداية تقنية، بل إعلاناً عن شخصية قوية وواثقة بنفسها، تجمع ما بين الإرث العائلي والمهارة الفردية.

علّق المدرب فلاديمير بيتكوفيتش قائلاً "لوكا منح الفريق الثقة، وأظهر أنه قادر على التعامل مع المواقف الصعبة رغم قلّة خبرته الدولية".

القوة الخفية

حضر المباراة والده زين الدين وشقيقه ثيو، وكان الحضور أكثر من مجرّد تشجيع؛ كان تجسيدًا لعلاقة الأب بالابن، والاعتراف بالقرار الشخصي. هذه اللحظة الإنسانية على المدرجات والملعب تعكس الجانب العاطفي الذي دفع لوكا لاتخاذ قراره بشجاعة ووعي كامل. وفق ما قال لوكا "منذ الصغر، لدينا ثقافة جزائرية في العائلة… والقدرة على إسعاد جدّي بتمثيل المنتخب أمر مهمّ جدًا بالنسبة لي".

المونديال؟

بينما كانت البطولة القارية فرصة لإظهار موهبته، كان لوكا يتطلّع بالفعل إلى المستقبل الكبير: "الخطوة الأولى هي كأس أفريقيا، وبعدها كأس العالم موجودة في زاوية من تفكيري… إنها أكبر بطولة يمكن أن تلعبها". اللاعب الآن ليس فقط حارسًا واعدًا، بل رمز للجيل القادم من الجزائريين الذين يختارون العودة إلى الجذور والاعتزاز بالهوية، مع الاحتفاظ بحلم الإنجازات الكبيرة على المستوى الدولي.

مع الفوز 3–0 على السودان، وظهور لوكا بثقة وهدوء، يمكن القول إن الجزائر وجدت حارساً شاباً قادراً على مستقبل طويل، وربما يكون خليفة الحارس المخضرم وهاب رايس مبولحي. لكن الأهم أن قصته ليست مجرد مباريات أو تصديات، بل سرد متواصل عن الانتماء، الإرث، والطموح، قصة تجمع بين الجد الذي عاش الاستعمار، ثم الأب الذي صنع نفسه عالمياً، وصولاً إلى الابن الذي عاد إلى الجذور ليكتب فصله الخاص.

في نهاية المطاف، لوكا زيدان لم يكتفِ باللعب، بل صنع جسراً بين الماضي والحاضر، بين الأسرة والهوية، وبين الطموح والوفاء للجذور، مثبتًا أن الكرة يمكن أن تكون أكثر من مجرد لعبة، فهي رسالة إنسانية وتجربة عاطفية متجددة عبر الأجيال.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق