مصر تعيد رسم خرائط النّفوذ في القرن الأفريقي... تحرّكات لاحتواء إثيوبيا وحماية البحر الأحمر - وضوح نيوز

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مصر تعيد رسم خرائط النّفوذ في القرن الأفريقي... تحرّكات لاحتواء إثيوبيا وحماية البحر الأحمر - وضوح نيوز, اليوم الاثنين 8 ديسمبر 2025 06:15 صباحاً

كثّفت مصر تحرّكاتها في منطقة القرن الأفريقي تكثيفاً لافتاً مؤخراً، ما زاد من سخونة هذا الملف إلى مستويات غير مسبوقة. ويرى محللون تحدّثوا إلى "النهار" أن تلك التحركات تهدف إلى تعزيز الاستقرار في هذه المنطقة الحيوية التي تمسّ الأمن القومي المصري، فضلاً عن حماية المصالح البحرية والمائية للدولة المصرية، واحتواء إثيوبيا التي باتت سلوكياتها – وفق تقديرهم – عاملاً "مزعزعاً" لأمن المنطقة.
وشملت التحركات المصرية اتصالات سياسية وديبلوماسية وأمنية رفيعة المستوى، وتعاوناً في مجالات عدة مع الصومال وإريتريا وجيبوتي. وجاء ذلك عقب رصد ما يصفه محللون وسياسيون بـ"مساعٍ خطيرة" من جانب إثيوبيا، تهدد أمن دول المنطقة وأمن البحر الأحمر وقناة السويس.
وفي المقابل، اتهمت أديس أبابا مصر قبل أيام بأنها تقود "حملات لزعزعة الاستقرار في القرن الأفريقي، بما في ذلك داخل إثيوبيا". ولم تعلّق القاهرة رسمياً على البيان، لكنها أعلنت، الأحد، عن لقاء جمع وزير الخارجية المصري الدكتور بدر عبد العاطي بمبعوثة الاتحاد الأوروبي للقرن الأفريقي آنيت فيبر، على هامش فعاليات منتدى الدوحة. وجرى خلال اللقاء بحث تطورات الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي وسبل دعم الأمن والاستقرار والتنمية فيها.

 

سياسة "خطرة"
يقول رئيس مؤسسة النيل للدراسات الأفريقية والاستراتيجية الدكتور محمد عز الدين لـ"النهار": "بعد الملء الخامس وتشغيل سدّ النهضة، اعتقدت أديس أبابا أن فرض سياسة الأمر الواقع سيمرّ في البحر كما مرّ في النهر. لذا بدأت تتبجّح وتطالب بالحصول بالقوة على موطئ قدم في البحر الأحمر، برغم عدم وجود سند قانوني أو تاريخي يسمح لها بالحضور على سواحله".
وقد رفعت إثيوبيا من مستوى تهديداتها بشأن السيطرة على ميناء عصَب الإريتري مؤخراً، ما جعل نذر الحرب تلوح في الأفق. وفي مطلع عام 2024، سعت أديس أبابا للحصول على 20 كيلومتراً من سواحل مدينة بربرة عبر اتفاق غير قانوني مع إقليم أرض الصومال الانفصالي، الأمر الذي أشعل توتراً شديداً بينها وبين الحكومة الصومالية في مقديشو.
ويضيف عز الدين أن هذا النهج أكثر خطورة من تهديد سدّ النهضة ذاته: "لا أحد يستطيع وقف جريان النيل شمالاً، ولذلك جنحت القاهرة للديبلوماسية والقانون الدولي، وركزت على مطالبة المجتمع الدولي بالضغط لتوقيع اتفاق ملزم لتشغيل السد وإدارته. أما البحر الأحمر فالأمر فيه أشد خطورة، ومن ثم فهناك تحركات مصرية مختلفة هذه المرة".

حفظ السلام
ويرى الصحافي الإريتري المتخصص في الشؤون الأفريقية محمود أبو بكر أن الوجود المصري في المنطقة "يحمل طابعاً يرسّخ الاستقرار ويحقق السلام".
ويقول أبو بكر لـ"النهار": "على سبيل المثال، جاء الوجود المصري في الصومال وفق اتفاق عسكري لحفظ السلام بين مقديشو والقاهرة، وفي إطار بعثة الاتحاد الأفريقي. وقد شاركت دول أفريقية عدة في هذه البعثة، بينها إثيوبيا نفسها التي كانت ضمنها 15 عاماً. فهل كان ذلك زعزعة للاستقرار؟ بالطبع لا. هدف البعثة كان حفظ السلام ومكافحة الإرهاب".
ويضيف: "باستثناء هذا، لا وجود عسكرياً لمصر في القرن الأفريقي. أما علاقاتها مع دول المنطقة فهي قديمة قِدم التاريخ. فقد كان هناك تبادل تجاري بين قدماء المصريين وبلاد بونت، وهناك روايات تاريخية تذكر أن إحدى الملكات المصريات زارتها".
ويؤكد أن بلاد بونت التاريخية تشمل أراضي الصومال وإريتريا وجيبوتي، مشيراً إلى أن "مصر كانت دائماً عامل استقرار في تلك المنطقة، ولم يسجل التاريخ يوماً أنها زعزعت استقرارها. أما إثيوبيا التي تروّج هذه الادعاءات، فهي تسعى لأن تصبح محور القرار في المنطقة".

تحرّك واعٍ
من جانبها، تقول الباحثة الأكاديمية المتخصصة في الشؤون الأفريقية رشا حجازي لـ"النهار": "بالنظر إلى موقع مصر على قناة السويس التي تمر عبرها نحو 12 بالمئة من التجارة البحرية العالمية وأكثر من 30 بالمئة من حركة الحاويات، فإن أمن البحر الأحمر ليس مسألة إقليمية فحسب، بل يرتبط مباشرة بمصالح اقتصادية عالمية تتقاطع فيها مصالح مصر مع أطراف دولية عدة".
وترى حجازي أن "القاهرة تتحرك بوعي استراتيجي لا يقوم على الحشد الكمي، بل على الاتساق النوعي والعقلانية الهيكلية. فهي لا تسعى لفرض أمر واقع، بل لصياغة واقع. وتدرك أن أي انتصار سريع في المنطقة قد يتحول إلى هزيمة مؤجلة في معادلة أكبر".
وتختتم: "من هذا المنظور، فإن الحفاظ على توازن الإقليم ليس خياراً تكتيكياً، بل هدف مصري يرتبط مباشرة بمعادلة الأمن القومي الممتد".

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق