نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
هل بدأت القطيعة بين "حزب الله" وفرنسا؟ - وضوح نيوز, اليوم الأربعاء 10 ديسمبر 2025 10:45 مساءً
من خارج السياق السياسي المألوف، بادر "حزب الله" إلى فتح النار على الدور الفرنسي في لبنان والمنطقة عموما، والذي تقدم مجددا إلى واجهة الأحداث خلال الساعات الأخيرة، مع جولة الموفد الفرنسي الخاص إلى بيروت جان - إيف لودريان حاملا ما وصف بعرض فرنسي جديد يتصل بالمسار السياسي والأمني الذي انطلق بعد تعيين السفير السابق سيمون كرم رئيسا للوفد اللبناني في لجنة "الميكانيزم".
وكان لافتا أن الحزب الذي كان يبدي دوما حرصا على الإيحاء بأن ثمة علاقة إيجابية تربطه بالجانب الفرنسي، وقد تجلت في مناسبات ومحطات متعددة، سارع إلى القول بلسان مصادره إن هذه المبادرة الفرنسية "ستكون محدودة الإطار والأثر، ومنتهى الآمال عند واضعيها، قد يقتصر على تنظيم مؤتمر لدعم الجيش والمشاركة في قوة دولية يعمل على تشكيلها لتنتشر في الجنوب وتكون بديلا من قوة "اليونيفيل".
لا ريب في أن الحزب ما زال مقيما على قراءة يعتمدها منذ زمن، ترتكز على محدودية الدور الفرنسي في شؤون لبنان والمنطقة عموما، ما دام الجانب الأميركي يمضي قدما في رحلة عنوانها العريض إعادة النظر في الوضع الجيو - سياسي للمنطقة بعد التداعيات التي نجمت عن حدث "طوفان الأقصى"، بما فيها اتفاقات تاريخية كانت إلى الأمس القريب في حكم الراسخة والمحظور مسها. ويبقى السؤال: ما الذي دفع الحزب في هذه المرحلة بالذات إلى الإضاءة على نقطة "محدودية الدور الفرنسي" الذي لم يكن يوما خارجا عن المشيئة الأميركية؟
يوحي الأمر ضمنا بأزمة علاقة ثقة بين الجانبين، شاءت الظروف والمستجدات أن تنفجر الآن، وفرضت على الحزب أن يبادر إلى الإفصاح عن تراكمات يضمرها من الأداء السياسي الفرنسي.
منذ تولى لودريان المهمة الموكلة إليه قبل أعوام، كان حريصا على الالتقاء المباشر والمعلن بقيادات من الحزب (النائب محمد رعد أو مسؤول العلاقات الدولية في الحزب عمار الموسوي)، وكان يتعمد في مناسبات معينة أن يكون مكان اللقاء في أحد مقارّ الحزب في الضاحية الجنوبية، وأحيانا أخرى في مقر السفير الفرنسي في قصر الصنوبر. لكن الذي جرى هذه المرة أن الحزب أبلغ إلى متصلين بالجهات المعنية فيه أن ليس هناك موعد للقاء مباشر بين شخصيات حزبية ولودريان، كما أنه لم توجه دعوات إلى نواب الحزب للمشاركة في العشاء الذي أقيم ليل أول من أمس في قصر الصنوبر على شرف لودريان.
ومع ذلك، فإن المصادر عينها في الحزب تحرص على التأكيد أن تلك التطورات لن تفسد تماما علاقة الحزب بالجانب الفرنسي، ولن تكون مقدمة لقطيعة نهائية، خصوصا أن التنسيق مستمر مع السفارة في بيروت.
وإذا كان الحزب مستمرا في قراءته القائلة بأن جل الجهد الذي تبذله باريس يأتي في سياق محاولتها للحفاظ على مكان لها تحت شمس معادلة المنطقة ولاسيما لبنان الذي يشكل المتنفس الأخير لها في الشرق الأوسطن فإنه لا يخفي أنه يكنّ احتراما للدور الفرنسي في اللجنة الخماسية (شكلت في مرحلة الفراغ الرئاسي بهدف المساعدة على إنهاء هذا الفراغ) كما أنه رحب بوجودها في لجنة "الميكانيزم"، لكنه يجد أن الموقف الفرنسي الحالي يتماهى مع الموقف الدولي الذي يبدي شكليا حرصه على إنجاز سلام في المنطقة، علما أنه يخدم في المضمون المشروع الإسرائيلي الهادف إلى توسيع نطاق هيمنته عبر إقامة ما سمي "المناطق العازلة" على الحدود الجنوبية وفي غزة أيضا، لتكون تحت سلطة إسرائيلية غير مباشرة.
وبناء على هذه الوقائع، لا يتعامل الحزب بجدية مع القول إن لودريان أتى هذه المرة حاملا عرضا فرنسيا جديدا، أو على الأقل يختلف عن جوهر ما تسعى واشنطن إلى فرضه على بيروت.



0 تعليق