حتى لا نموت مرّتين! - وضوح نيوز

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
حتى لا نموت مرّتين! - وضوح نيوز, اليوم الجمعة 12 ديسمبر 2025 02:35 صباحاً

2003-02-20

 

أياً تكن الاسباب التي جعلت القيادة السورية تتخذ قرار اعادة انتشار قواتها في الشمال - وقد تكون الاسباب كثيرة - لا يمكننا الا ان نتطلع الى هذه الخطوة بايجابية، وخصوصا انها جاءت، على ما أعلن، في اطار تنفيذ اتفاق الطائف.

 

يقول بعضهم ان السبب لبناني محض وان الخطوة تأتي بعد سلسلة “رسائل ايجابية” قيل انها أرسلت الى المعارضة، بعد الحملة الشرسة التي تعرضت لها، وخاصة حين كانت تتكلم على الانسحاب السوري وعلى تصحيح العلاقات مع سوريا، فتُخوّن ويقال فيها ما لا يقال الا في… الاعداء! ولا ريب ان اعادة الانتشار الحالية ستؤدي الى ديناميكية ثقة في العلاقات، تساهم في تحصين المواقف لمواجهة تحديات المرحلة.

 

عدد 2003-02-20.

عدد 2003-02-20.

 

وخطوات ايجابية كهذه تدل على ان الاداء السوري الذي كنا نشكو منه بدأ يتغير، وقد نكون على عتبة مرحلة جديدة بحاجة الى تفعيل عبر تحريك عجلة الحوار في الداخل، ثم بين الداخل الشرعي وسوريا، لتصحيح ما يجب تصحيحه توصلاً الى تكريس علاقة أساسها الثقة والاحترام المتبادلان.

 

الشق اللبناني لهذه الرسالة الذي اعتمد اتفاق الطائف، هو اعتراف ضمني بأن هذا الاتفاق لم يطبق بعد تطبيقاً كاملاً كما كان يجب ان يطبّق، ولا سيما على صعيد الملف الداخلي، عنيت ملف الحوار والمصالحة والوفاق.

 

بالاضافة الى ذلك فإن اعتماد اتفاق الطائف في خطوة اعادة الانتشار هو ايضاً رسالة الى الولايات المتحدة التي كانت دائما تعتبر ان تنفيذ اتفاق الطائف هو المدخل الحقيقي لحل القضية اللبنانية والملف اللبناني - السوري.

 

ومعروف ان الولايات المتحدة كانت تستعمل هذه النقطة لتوجيه اللوم الى سوريا في شأن الموضوع اللبناني.

 

وهذه الرسالة السورية الى أميركا تأتي في أجواء التشنج وشدّ الحبال عشية زلزال قد يضرب المنطقة من المحيط الى الخليج.

 

وهي، اضافة الى انها قد تحصّن الوضع السوري في الداخل اللبناني، قد تساهم في تحصين وضع دمشق مع الخارج عبر تلميع صورتها، وخاصة بعدما عادت الاصوات في الغرب ترتفع مطالبة سوريا بانهاء احتلالها للبنان.

 

على كل حال، وكما قلنا، لا يمكننا الاّ ان نرحب بهذه الخطوة ونتطلع اليها ايجابيا تماما كما نتطلع بايجابية الى اللقاءات المكثفة التي يقوم بها الرئيس الاسد في شأن الملف اللبناني، مع اننا كنا نتمنى ان يتم التشاور وتعقد حلقات الاستماع هذه في لبنان بين السلطة والمعارضة ثم ان تحمل السلطة وجهات النظر كلها الى سوريا لتفاوض من اجل تصحيح العلاقات… ولكن، بما ان الحوار في الداخل منقطع حاليا مع المعارضة، فكل حوار من اجل تصحيح العلاقة ويشكل حركة ايجابية مرحّب به اذا أوصل كل وجهات النظر ولم يقتصر على المسموح به!

 

ان الحوار وحده هو السبيل الى الحل. لذلك نعتبر ان من مسؤولية الدولة ولاسيما الرئيس لحود اخلاء سبيل عملية الحوار لتقريب وجهات النظر وتحصين الوضع الداخلي وتحسين العلاقات مع الخارج. ولا شك في ان اللقاءات التي تتم في سوريا هي بمثابة المؤشر الايجابي لاطلاق هذا الحوار.

 

ولكن، يبدو ان الدولة التي فشلت في ملف الحوار والمصالحة الداخلية لم تنجح - لسوء الحظ - في الملف الخارجي وخصوصاً منذ توليها رئاسة القمة العربية حيث كدنا نخسر العلاقة مع السلطة الفلسطينية يوم انعقاد القمة ونكاد اليوم نخسر العلاقة مع الكويت الشقيقة. وهنا لا بد من ان نقول اننا كنا في غنى عما حصل في اجتماع وزراء الخارجية العرب وأدى الى تهديد العلاقة بين لبنان والكويت، علما بأننا الى اليوم لم نفهم موقف وزير الخارجية ولا اذا كان موقفه نابعا من اقتناع لبناني او من ايعاز خارجي!!!…

 

… لأن الاقتناع الشعبي اللبناني لا يمكن ان يكون ضد الكويت التي تعرضت لأبشع انواع الاجتياحات من نظام صدام حسين الذي ما زال يرفض الاعتراف بجريمته، كما يرفض ان يعترف بوضوح بالكويت دولة مستقلة، ويرفض تنفيذ قرارات الامم المتحدة تنفيذا تاما بما فيها قضية المعتقلين الكويتيين في السجون العراقية.

 

فلبنان الشعبي لا يمكن ان يؤيد اي خطوة قد تؤدي الى تشويش العلاقات مع الكويت التي وقفت الى جانب الشعب اللبناني أيام الحرب، وكلنا نتذكر الدور الايجابي الذي قام به الشيخ صباح الاحمد الصباح يوم ترؤسه اللجنة السداسية التي لو طبِّق مشروعها - الذي فُشِّل - لوفّرنا عن لبنان الكثير الكثير من المآسي، فضلا عن كل المواقف الاخرى التي اتخذتها الكويت وما زالت لمساعدة لبنان اقتصاديا واجتماعيا وانمائيا.

 

على كل حال نأمل ان لا تتطور سلباً هذه الحادثة وأنْ تصحح بسرعة، لأنها في النهاية صورة مصغرة للواقع العربي الأليم الذي يعمّه الضياع والتشرذم في هذا الظرف الخطير الذي نحن بحاجة فيه الى توحيد الصفوف والاتفاق ولو بالحد الادنى حول الخطوط العريضة والخطوات الواجب اتخاذها.

 

ولكن على من تقرأ مزاميرك يا داود؟ أعَلى الذين كتبوا تاريخ العالم العربي بالدم من خلال الانقلابات والحروب العربية - العربية والقمع والبطش؟ الحرب تدقّ على الابواب… فمتى يدقّ الضمير العربي ناقوس الخطر لننهض ونعي الخطر ولا نموت مرتين، مرة بسبب الحرب ومرة بسبب غيبوبتنا الذاتية!؟