نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
كلام يجب أن يسمعه باول - وضوح نيوز, اليوم الجمعة 12 ديسمبر 2025 02:35 صباحاً
2003-05-01
يا ليتهم وفّروا عنا وعن أنفسهم مسرحية جلسة الثقة، فنحن نعرف وهم يعرفون أن الثقة تمنح في دمشق حيث الباب العالي و”الروح القدس”، أما مجلس النواب اللبناني فدوره يقتصر، بعد أن يكون قد تبلغ كلمة السر، على تنظيم مسرحية رفع الأيدي كهذه التي عشناها في اليومين الأخيرين.
ولو كان - بكل صراحة - للشعب اللبناني أي دور في هذه العملية لحجب الثقة لا عن الحكومة فحسب، بل عن السلطة والحكم والحكّام لألف سبب وسبب وبالأخص لاختيارهم وزراء من طراز عاصم قانصوه الذي لا يحترم لبنان ولا شعب لبنان عندما يردد قوله الشهير (في حديث صحافي قبل يومين) بأن انسحاب سوريا من لبنان يؤدي حتماً الى اندلاع حرب أهلية.
هذا الكلام الابتزازي الرخيص معيب ومهين للشعب اللبناني ولكل مؤسسات الدولة، فضلاً عن رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة وقائد الجيش والجيش، لأنه يتعارض كلياً مع كل ما يقولونه ويعلنونه، حول وحدة الدولة والوفاق وقوة الجيش وحصانته… قد تقبل الدولة والحكّام بكلام مهين كهذا، لا ندري، ولكن لا يمكن الشعب اللبناني بكل فئاته أن يقبل بأن توجّه إليه إهانات من “وزير” غير مقتنع بوطنه وهويته، معتبراً أن شعبه قاصر وبحاجة الى وصاية.
عدد 2003-05-01.
فكفانا يا معالي الوزير قانصوه تسديد فواتير على حساب الوطن والشعب.
ولو كانت هذه الدولة - من فوق الى تحت - تحترم نفسها لحاسبت وحاكمت وأقصت هذا “الوُزَيّر”! ولكن… على كل حال ما يحصل اليوم في المنطقة أهم من هذه المحطّة الحكومية السخيفة - وأعني الحكومة والمحطة - فلا شك في أن نهاية الأسبوع ستحمل عناصر أساسية جديدة ستؤثر مباشرة على مستقبل المنطقة.
نبدأ أولاً بالكلام الفرنسي الجديد الذي جاء على لسان وزير الخارجية دومينيك دوفيلبان الذي عرض تصوّر فرنسا لحل قضية الشرق الأوسط. اللافت في الموقف الفرنسي الذي يأتي عشية زيارة الوزير الأميركي كولن باول للبنان وسوريا هو أنه يحمل أكثر من رسالة جديدة قديمة برسم إسرائيل وسوريا ولبنان.
ففي كلام الوزير الفرنسي تأكيد على دعم خريطة الطريق ومطالبة الفلسطينيين والإسرائيليين بالموافقة عليها مع الإصرار على سوريا بأن لا تعرقلها، بل أن تسهِّل تنفيذها.
بمعنى آخر ها هي فرنسا، تحاول بهذا الموقف أن تعود لتكون شريكة في حل أزمة المنطقة عبر كسر الآحادية الأميركية التي حصّنها سقوط نظام صدام حسين.
وهذه الرسالة الفرنسية موجهة الى دول المنطقة كما أنها موجهة الى أميركا على الأخص لإعادة تأكيد نهاية حالة الانفصال وإعادة إحياء الشراكة والحلف بين دول أوروبا والولايات المتحدة الأميركية.
أما الرسالة الثانية التي يحملها الكلام الفرنسي والتي لا تقل أهمية، بل العكس، فهي تعني لبنان وسوريا مباشرة من خلال مطالبة فرنسا بانسحاب سوريا من لبنان وفقاً للقرار 520.
وأهمية هذا الكلام الذي يأتي أيضاً عشية زيارة باول للمنطقة تكمن في أن “سقفه” أعلى من “السقف” الأميركي حيال موضوع الوجود السوري في لبنان. وكأن فرنسا تريد أن تسجّل موقفاً خاصاً بها في الشأن اللبناني محاولة أن تحافظ على موقعها ودورها بعدما أقصتها أميركا أو أقصت هي نفسها نتيجة الحرب على العراق.
واللافت أيضاً أن الموقف الفرنسي الجديد جاء بعد زيارة الرئيس الحريري لفرنسا مما جعل البعض يتساءل إذا كان قد اتخذ بالتنسيق معه أو مع سوريا أو إذا كان الأمر قد اقتصر فقط على تبليغ الحريري ليبلّغ بدوره سوريا، أو إذا كان هذا الموقف قد تقرر دون علم الحريري أو السوريين أو الإثنين معاً.
ويعتبر بعض المراقبين أن فرنسا بموقفها من الشأن اللبناني الذي يعتمد على القرار 520 تحاول أيضاً إعادة إحياء دور الأمم المتحدة في حل أزمة الشرق الأوسط.
على كل حال قد يدعم هذا الموقف بشكل أو بآخر الموقف الأميركي والزيارة المرتقبة لباول للبنان وسوريا خصوصاً بعدما أُطلق سراح خريطة الطريق عقب تسليمها رسمياً الى الحكومتين الفلسطينية والإسرائيلية.
والإعلان الرسمي عن خريطة الطريق جاء ليؤكد إصرار أميركا على تحريك عملية السلام في المنطقة جدياً وسريعاً من أجل التوصل الى حل أساسه قيام دولة فلسطينية مستقلة.
إن ما حصل ويحصل يعني أن المحور الأساسي لزيارة باول للبنان وسوريا هو تسهيل تنفيذ خريطة الطريق عبر مطالبة سوريا بالتوقف عن دعم المنظمات الفلسطينية المتطرّفة والأصولية ومن خلال وضع حد للدور العسكري والمقاوماتي الإقليمي والدولي ل”حزب الله”.
وسيربط الوزير الأميركي قضية دعم سوريا ل”حزب الله” بتدخلها في الشأن اللبناني وخصوصاً في منع الدولة اللبنانية من نشر الجيش على الحدود مع إسرائيل بعد انسحابها من الجنوب.
كما أنه سيطالب سوريا بالانسحاب من لبنان تنفيذاً لاتفاق الطائف. أما في موضوع الإصلاحات داخل سوريا فيعتبر بعض المراقبين أن المطالبة على هذا الصعيد قد تزيد أو تنقص حسب تجاوب سوريا في الملف الإقليمي، أما البعض الآخر فيؤكد أن هذا الموضوع جدي وليس مطروحاً للمناورة وأن المطالب الأميركية ستطرح على سوريا بالجملة لا بالمفرّق، وهي غير قابلة للتجزئة.
ولا شك في أن موقف فرنسا عشية زيارة باول سيقلّص الى حد كبير هامش المناورة السورية، فدمشق كانت تعتمد على ليونة الموقف الأوروبي ولا سيما الفرنسي لتواجه به صقور السياسة الأميركية.
أما في ما يختص بزيارة باول للبنان فنتمنى عليه، إذا كان يأتي إلينا ليستمع، أن يجتمع ليس بأهل السلطة فقط ولكن بالمعارضة، ولا نعني هنا المعارضين داخل النظام والمختلفين معه على توزيع المغانم والحصص والكراسي! فموقف المعارضة كان وما زال معروفاً خصوصاً في ما يتعلق بانتشار الجيش على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية، وحل قضية مزارع شبعا مع سوريا أولاً، وتسليم “حزب الله” سلاحه الى الدولة اللبنانية تنفيذاً لاتفاق الطائف وللقرار السابق بحل كل الميليشيات، وتحويل الحزب الى حزب سياسي بتمويل لبناني لا الى حالة تشبه حالة الدولة ضمن الدولة، فضلاً عن المطالبة ببسط سلطة الدولة على كل الأراضي اللبنانية بواسطة قواتها الذاتية بعد انسحاب القوات السورية وفق جدول زمني محدد بناء على ما جاء في اتفاق الطائف، مع التأكيد على تصحيح العلاقة مع سوريا لتنطلق من احترام استقلال البلدين وسيادتهما، علاقة مبنية على الثقة والمحبة والأخوّة المتبادلة، وهذا بالتأكيد يبدأ بتغيير الأداء السوري في لبنان الذي اعتمد حتى اليوم التدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية.
أما قضية الشرق الأوسط فموقف المعارضة منها واضح ويطالب بحل عادل وشامل أساسه قيام دولة فلسطينية مستقلة وعودة الجولان الى سوريا ورفض التوطين في لبنان بأي شكل كان.
لذلك نعود لنقول أن خوفنا من أن يقتصر لقاء باول على أهل الحكم هو أن لا يسمع هذا الموقف، بل أن يسمع من الدولة مواقف متطرفة يُطلب من لبنان أن يتخذها ليؤدي دور المزايد ويقول لأميركا ما لا تريد أن تقوله سوريا.
أما إذا كان هدف الزيارة التبليغ فقط لا غير، فخير من بلّغ الدولة اللبنانية وأهل السلطة هي العاصمة السورية ومن يمثلها في لبنان… فلا خوف إذاً من أن لا تصل الرسالة الأميركية من سوريا الى الشقيق لبنان إذا اقتصرت زيارة الوزير الأميركي على العاصمة السورية