نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
خطوة إيجابيّة أُولى - وضوح نيوز, اليوم الجمعة 12 ديسمبر 2025 03:15 صباحاً
2002-03-07
رغم ان الرئيس حافظ الاسد كان دائما يبدي حرصه على استقلال لبنان، ورغم اننا نحن بعده ومعنا كل المسؤولين السوريين حريصون كل الحرص على استقلال لبنان… فان من شأن الزيارة التي نقوم بها الى لبنان الشقيق ان تزيل بعض الهواجس عند الناس الذين ما صدّقوا ولا يصدقون ان هذه بالفعل هي نيتنا”.
… هذا ما قاله الرئيس بشار الاسد في مستهل اجتماع المجلس الاعلى اللبناني - السوري، بالاضافة الى كلام عن استعداد لمعالجة العمالة السورية والتهريب عبر الحدود وغيره - حسب مصادر مطلعة - وهذا الكلام يكشف مدى أهمية هذه الزيارة التاريخية.
الصفحة الأولى من عدد 2002-03-07.
نعم، لدى بعض اللبنانيين هواجس حيال العلاقة اللبنانية - السورية والنهج السوري في لبنان وانزعاج سوريا من استقلال لبنان وسيادته.
نعم، لدى بعض اللبنانيين كي لا نقول الكثير منهم هواجس - مبررة وفي محلها - وخوف وتخوف نتيجة تراكم الاخطاء وسوء التفاهم السوري - اللبناني منذ الاستقلال، وخصوصا في المرحلة الاخيرة، عنينا منذ 1975 مع بداية الحرب في لبنان والدور المباشر الذي لعبته سوريا فيها.
وليس المجال هنا لسرد وقائع الماضي التي ادت الى ما أدت اليه من هواجس مبررة.
نريد ان نقول ان كلام الرئيس الاسد كان في أهمية الزيارة التي اعتبرناها خطوة أولى على طريق تصحيح العلاقات اللبنانية - السورية وفتح صفحة جديدة بين البلدين. ما قاله الرئيس السوري يشكل “اعترافاً” مباشراً بالمعارضة اللبنانية واعترافاً مباشراً بأن هنالك خللاً ما في أداء العلاقات اللبنانية - السورية أدى الى وجود هذه الهواجس، وهذا “الاعتراف” يشكل في رأينا احتراماً لرأي أصحاب الهواجس رغم الاختلاف في وجهات النظر.
وهذان الاعتراف والاحترام ل”رأي الآخر” نتمنى ان يشكلا ايضا نقلة نوعية في التعاطي السوري مع الواقع اللبناني، بحيث لا يعود بعد اليوم في المفهوم السوري عميلاً لاسرائيل او خائناً للعروبة، كل من أبدى تخوفاً او اعتراضاً او انتقاداً او ملاحظة على النهج السوري في لبنان… على أمل ان يتعاطى الحكم اللبناني بالطريقة نفسها مع المعارضة وان ينكسر جدار الحذر والاشتباه ويتوقف مسلسل التهديد والتهويل والتوقيف الاعتباطي والمقاطعة. ما قاله الرئيس الاسد حول هواجس بعض اللبنانيين هو اقرار بأن ثمة مسؤولية مزدوجة تتحملها حكومات البلدين منذ السبعينات وحتى اليوم في ما يتعلق بأجواء الريبة واختلال موازين العلاقات الثنائية.
وهذا يعني ان هنالك حاجة في سوريا كما في لبنان لتصحيح هذا الخلل وتجليس الصورة. ان كلام الرئيس السوري وزيارته يعنيان ان هناك تعاطياً سورياً مختلفاً يعتمد الاعتراف بالمشكلة ومواجهتها والعمل على ازالتها لا العمل على ازالة من يتكلم عنها! أما الزيارة في ذاتها فتعتبر خطوة اولى ايجابية وخصوصا اننا كنا دائما من القائلين ان عدم قيام رئيس للجمهورية السورية بزيارة رسمية للعاصمة اللبنانية والقصر الجمهوري بالذات، معناه الانتقاص من سيادة لبنان واستقلاله كي لا نقول انه برهان آخر على عدم الاعتراف بلبنان دولة مستقلة سيدة وحرة، والاصرار على اعتباره مقاطعة من مقاطعات سوريا وخصوصا في غياب التمثيل الديبلوماسي المرجو بين البلدين. كما ان اختيار الرئيس السوري الوصول الى مطار بيروت الدولي جاء بدوره تصرفاً ايجابياً ولو على صعيد الشكل.
… وقد نقول شكراً للمبادرة السعودية التي حملت العرب على التحرك… ومن ضمنه زيارة الاسد للبنان تنسيقاً وتوحيداً للمواقف من المبادرة وقبل انعقاد القمة العربية وربما توزيعاً للأدوار بين بيروت ودمشق.
واذا بقي الموقف السوري مترددا حيال الاجواء المحيطة بانعقاد القمة مما يجعل الاسد لا يحضر القمة شخصيا، يكون قد زار لبنان على نحو رسمي حتى لا تفهم مقاطعته للقمة - في حال قاطعها لأسباب عربية واقليمية - وكأنها مقاطعة للبنان او “تكريسا” لعدم اعتراف سوريا به كدولة مستقلة. بل ان زيارة الاسد للبنان قبل القمة أهم من الزيارة لو حصلت يوم القمة، لأن البعض كان يمكن ان يفسرها زيارة لحضور القمة في موقع انعقادها - ونحن منهم - دون ان ترتدي طابع الزيارة الرسمية للدولة اللبنانية. ولا شك في ان البحث في خلوة الرئيسين قد دار على المبادرة السعودية، رغم عدم وجود اشارة مباشرة لهذا الموضوع في البيان الختامي.
فسوريا تريد أن تتخذ احتياطاتها كي لا تُعزل في القمة. من هنا التنسيق مع لبنان ثم زيارة السعودية.
كل هذا يدخل طبعا في اطار “لعبة” تبادل الرسائل بين سوريا والولايات المتحدة التي تنسق مع دمشق على المستوى العملاني المخابراتي في شكل شبه سري حول تبادل المعلومات في انتظار موقف علني سوري من الحرب التي اعلنتها اميركا على الارهاب. أما العلاقات الثنائية، فَبَحْث الجانب الاقتصادي والانمائي فيها كان مهماً جداً، مع العلم ان الشق الزراعي جاء ايضا رسالة سورية - لبنانية لاميركا والمجتمع الدولي متممة لعملية اتلاف المخدرات التي بدأت في لبنان باشراف وزير داخليته وابدال هذه الزراعات بزراعة القطن، مما يعني التوقف عن دعم زراعة المخدرات التي تشكل في نظر واشنطن مصدر تمويل اساسياً للمنظمات الارهابية والاصولية. وكنا تمنينا لو شمل البحث موضوع اتفاق الطائف وعدم تنفيذ كل بنوده وخصوصا ما يختص بالوجود العسكري السوري في لبنان، كي تسحب هذه الورقة من بازار المزايدات وتدخل في اطار البحث الجدي لتصحيح العلاقات وايجاد حل لكل المشاكل العالقة في اطار المؤسسات عبر حوار صريح وهادئ وبنّاء بغية تكريس السيادة والاستقلال على مستويي القرار السياسي والارض. زيارة الرئيس الاسد للبنان خطوة ايجابية اولى نتمنى ألاّ تكون يتيمة ولا مناورة شكلية عابرة، بل خطوة أولى ضمن سياسة استراتيجية متكاملة هدفها طي صفحة الماضي وفتح صفحة جديدة اساسها الثقة المتبادلة والاحترام المتبادل بين البلدين عبر ازالة لا الهواجس فحسب، بل مسببات هذه الهواجس.