نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
هل من يَسْمع!؟ - وضوح نيوز, اليوم الجمعة 12 ديسمبر 2025 04:05 صباحاً
2002-07-04
هل يمكن اعتبار الوضع السياسي اللبناني الداخلي سليما في ظل التخبط والتراشق والفولكلور الذي نعيشه يوميا؟ هل يمكن اعتبار السلم الاهلي بألف خير، والوحدة محصّنة والمحبة تعم القلوب تماما كالاطمئنان، والشفافية مطبقة على كل المستويات؟
وهل الكلام الكاذب ولغة البلف التي نسمعها كل يوم على لسان السياسيين، كل السياسيين، بعد كل جولة تراشق وقصف وتخوين، هل هذا الكلام وهذه اللغة يكفيان لاقناعنا بأن البلاد بألف خير؟ بماذا نبدأ؟
بعلاقة الرئيس لحود بالرئيس الحريري ام بعلاقة الاثنين بالرئىس بري؟ ام نبدأ بكلام النائب جنبلاط المتقلب والمتغيّر تماما كتحالفاته التي تتقلب حسب مجرى الرياح الاقليمية والدولية؟
الصفحة الأولى من عدد 2002-07-04
ام نبدأ بالهجمة الشرسة والشنيعة التي تعرض لها مؤتمر لوس انجلس لأنه نادى، كما قال البطريرك صفير بالسيادة والحرية والاستقلال، كما يتعرض للتخوين كل من يذكّر الدولة بأن مسؤوليتها هي استرجاع الوحدة والسيادة والاستقلال والمحافظة عليها مهما كلّف الامر، بينما نرى آخرين يسرحون ويمرحون متحدّين الدولة ومكرسين نظرية الدولة ضمن الدولة!
… واسمحوا لنا هنا ان نذكّر من نسي ما حصل في الاوزاعي من خضة لمشروع الجسر. لا نريد ان ندخل في البحث حول ضرورة او عدم ضرورة انشاء هذا الجسر، ولكن، ومهما كان رأينا، فلا يمكن ان نقبل بأن يحصل ما حصل في الاوزاعي من تحدٍ سافر قام به حزب كان قد نعم قبل التحرير باحترام شعبي سرعان ما فقده بعد التحرير يوم تسلم الارض - كل الارض - في الجنوب، وتصرف هناك وكأنه هو الدولة وهو السلطة وهو الجيش والحاكم بأمر الله!…
وهذا بالفعل ما فعله في الاوزاعي ليذكّر من نسي بأنه ما زال موجودا وفاعلا… وخصوصا ان هذا الحزب ربما اصبح في حاجة الى استعمال هذه الوسائل داخل الحلبة اللبنانية ليذكّرنا بوجوده و”قوته” بعدما توقف عن “تحرير” مزارع شبعا “على ذوقه”، ربما بأمر خارجي ولاسباب تتجاوز الاعتبارات اللبنانية، بل هي متصلة مباشرة بما يحصل اقليميا ودوليا تحت عنوان الحرب على الارهاب التي تشنها الولايات المتحدة الاميركية، فكانت فشة الخلق في الداخل وعلى حساب هيبة الدولة و”دولة المؤسسات” والمؤسسات الامنية.
فهل حصل ما حصل ليذكّرنا “حزب الله” بأنه ليس بحزب عادي وليس هو بحزب يعمل تحت جناح الدولة، بل هو دولة ضمن الدولة؟ وهل يراد لنا استحضار ايام سوداء مضت، حين كانت منظمة التحرير وكل المنظمات الفلسطينية ما قبل الحرب وخلالها قد اصبحت اقوى من الدولة تتصرف كأنها صاحبة الارض والدار والبشر؟
معيب جدا هذا التصرف ل”حزب الله” ومعيب اكثر تنازل الدولة عن سلطتها، التي لا تمارَس، الا على فريق من اللبنانيين اصبح مكسر عصا يُنكل به اثباتا لوجود دولة غير موجودة، دولة مفتتة ومنقسمة بعضها على بعض وكارهة بعضها لبعض لا شغل لاركانها الا الكيد واحدهم للآخر.
لقد خسرت الدولة هيبتها في الجنوب بعد التحرير وخسرت هيبتها في الضاحية الجنوبية، مع كل استعراض عسكري ميليشيوي، وخسرت هيبتها في جنوب الضاحية الجنوبية، في الاوزاعي، فضلاً عن خسارة هيبتها في كل المخيمات الفلسطينية على الاراضي اللبنانية!
وهل نستمر في السرد لنتكلم ايضا عن سد شبروح ورائحة الفضائح التي بدأت تفوح منه قبل ان يفيض بالماء؟ ام نتكلم عن “السد المنيع” امام حل قضية الخليوي التي لم نعد نفهم “كوعها من بوعها”؟ ام نتكلم عن فضائح صفقات شراء الفيول وشبكات المافيات المستفيدة على حساب الدولة وخزينتها؟ ام نتكلم عن العلاقة بين رئيس الحكومة والاجهزة الامنية وما يقال عن التنصت والمراقبة والرقابة؟ ام نتكلم عن الوضع الاجتماعي السليم والاقتصادي الاسلم؟ قد يقول البعض ان هذا الكلام المتشائم غايته ضرب المعنويات و”تهشيل” السياح وتشويه صورة لبنان.
اسمحوا لنا ان نقول ان هذا الكلام يهدف الى تذكير من لا يريد ان يتذكر بأننا ما زلنا مقتنعين، بأننا نريد ان نعيش بكرامة في ظل نظام ديموقراطي حر وبأن الديموقراطية تعني المصارحة وتعني المعارضة وتعني المحاسبة وتعني التغيير، وخصوصا ان النظام العالمي الجديد لن يقبل بعد اليوم انظمة لا تؤمن بالديموقراطية، انظمة كرتونية تعتمد الهرطقة التوتاليتارية او “الخداع الديموقراطي”.
على الصحافة مسؤولية معالجة الحقائق وتسمية الاشياء بأسمائها، لا التغافل والتعمية. لذلك من الطبيعي ان نقول بكل صراحة وبساطة ان الدولة لم تعد دولة وأنّ الحكم منقسم بعضه على بعض وأنّ الحكومة افلست وأن المؤسسات مشلولة وأنّ الشفافية “من كثرة” شفافيتها لم تعد موجودة وأنّ رائحة الفضائح اصبحت تبز رائحة المجارير الفلتانة على حساب البيئة والصحة العامة وأنّ الوضع السياسي والتعامل السياسي هما على صورة المجارير الفلتانة…
واسمحوا لنا ان نقول ان ناقوس الخطر قرع ويُقرع كل يوم على ابوابنا في ظل الاجواء الانقلابية الخطيرة التي تعم المنطقة.
لذلك، ولأن العالم العربي على فوهة بركان، ولأننا على ابواب مرحلة تغيير قد تشمل الجميع، ينبغي ان نبادر نحن الى تغيير نهجنا السياسي في الداخل من اجل تحصين جبهتنا الداخلية لئلا تكون رياح التغيير التي ستعصف في الشرق الاوسط على حسابنا وحساب وحدتنا ووحدة ارضنا. فهل في دولة الاثرياء والمخابرات و… الافلاس، من يسمع!؟