"حجّة رحمن الله"… القاتل فرد أما عقوبة المهاجرين فجماعية - وضوح نيوز

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
"حجّة رحمن الله"… القاتل فرد أما عقوبة المهاجرين فجماعية - وضوح نيوز, اليوم الجمعة 12 ديسمبر 2025 07:25 صباحاً

كأنها وثيقة ولادة جديدة، ينالها المهاجر حين يحلف اليمين ويصير مواطناً أميركياً. ينتظر لسنوات عدة، يكون خلالها مواطناً تحت التجربة. أي خلل قانوني في سيرته، أي حكم قضائي في سجله العدلي قد يعني تأجيلاً لموعد حلف اليمين، وقد يذهب به أبعد من ذلك، إلى إلغاء إقامته الدائمة وسحب الغرين كارد منه، وطرده خارج أميركا.

والمهاجرون، في غالبيتهم، يريدون لحلمهم الأميركي أن يتحقق. يكدون في عملهم ويطيعون القوانين الوضعية ويتحاشون المشاكل صغيرها وكبيرها، حتى مخالفة السير يفضلون تجنّبها.

كان هؤلاء المقيمون الدائمون الذين ينتظرون التجنيس يعلمون، قبل سنة تقريباً، أن القوانين تحميهم ما داموا لا يخرقونها. أن بإمكانهم العمل كما بإمكانهم التظاهر من أجل قضايا يرونها عادلة، في بلد الحريات، من دون خوف من أن يتأخر موعد تقديم أوراقهم لنيل الجنسية والسير بالإجراءات والفترة الزمنية بعدها، والخضوع لمقابلة - امتحان من ينجح فيه لا يعود عليه إلا انتظار موعد القسم الذي غالباً ما يجري بأجواء احتفالية جماعية يلقي فيها المولودون الجدد ترحيباً حاراً وعلماً أميركياً صغيراً وكتيب تعريف بالحقوق الرئيسية وعلى رأسها حق الاقتراع.

الخطوط الزمنية للمهاجرين لا يتشابه فيها اثنان طبعاً. لكل مهاجر حكايته الخاصة والشخصية وعدد السنوات التي انتظرها، والمصاعب التي واجهها وغيرها. لكنها كانت قبل الولاية الثانية للرئيس دونالد ترامب وإدارته، قصصاً بمعظمها محض شخصية. الآن لم تعد كذلك.


إدارة ترامب التي اجتهدت في وضع ما استطاعت من عصي في عجلات المهاجرين، جاءها من حيث لا تدري مهاجر أفغاني مسلم قاد سيارته من أقصى غرب أميركا إلى أقصى شرقها ليطلق النار على جنود الحرس الوطني في العاصمة واشنطن، ويطلق رصاصة الرحمة على أحلام عدد لا يحصى من المهاجرين من بلاد "عالم ثالث" كما يسميها ترامب، لا يحبها ولا يحب شعوبها الثالثة.

 

 

اقتحام منزل يعود لمهاجر في أحد أحياء مدينة كينر بولاية لويزيانا. (أ ف ب)

اقتحام منزل يعود لمهاجر في أحد أحياء مدينة كينر بولاية لويزيانا. (أ ف ب)

 

رحمن الله لكنوال الذي قتل جندية من الحرس الوطني وجرح رفيقها، تعاون مع القوات العسكرية الأميركية في بلده الأم، ونال حظوة اللجوء إلى أميركا بسبب هذا التعاون. ومع أنه فرد، وعلى الأرجح يعاني مشاكل نفسية شديدة، فقد بات حجة لعقاب جماعي لمهاجري نحو 19 دولة، والعدد مرشح للارتفاع، بصفتها دولاً تشكل خطراً كبيراً على أميركا، والدول أفريقية أو مسلمة أو لاتينية. 

لم يعلن رسمياً حرمان مهاجري هذه الدول من الجنسية إلى الأبد، لكن علقت معاملات تجنيسهم، أو نيلهم الإقامة الدائمة وطلبات اللجوء، إلى أجل غير مسمى، مع مراجعة للطلبات المعتمدة سابقاً لمن دخلوا الولايات المتحدة بعد 20 كانون الثاني/ يناير 2021، أي تاريخ خروج ترامب من البيت الأبيض ودخول الرئيس السابق جو بايدن مكانه.

مئات الآلاف من المهاجرين باتت حياتهم معلقة بين السماء والأرض، يعيشون قلقاً غير مسبوق، إذ يرون الحكومة الأميركية تبدي عدم رغبتها بوجودهم، وتعدهم بأنها ستبذل جهدها لعرقلة حاضرهم ومستقبلهم في بلد المهاجرين. 

خلال حفل قسم يمين في بوسطن، سئل الحاضرون عن جنسياتهم وسُحب من صفوف الانتظار كل الذين يحملون جنسية البلاد المحظورة. هؤلاء لا يعرفون الآن ما الذي يتوجب عليهم فعله كي يحافظوا على وجودهم القانوني.
آخرون كانوا أكثر حظاً من الذين خاب أملهم في اللحظة الأخيرة في قاعات قسم اليمين. تبلغوا بالبريد الإلكتروني إلغاء مواعيدهم التي كانت على بعد أيام فحسب في ولايات مثل تكساس وكاليفورنيا ونيويورك.

قرار سريع مثل الذي اتخذه ترامب، في بلد بحجم الولايات المتحدة، وبآلية قوانين وإجراءات شديدة التعقيد، وفي ظل عدم وجود منفذ قانوني للتحايل على القرار أو إلغائه، يحيل المشهد العام إلى فوضى عارمة لا ينال مجتمعات المهاجرين منها إلا القلق والخوف وانعدام الأمان والثقة بأميركا التي قال الرئيس الراحل رونالد ريغان يوماً: "يمكنك أن تعيش في اليابان لكنك لن تصير يابانياً. كذلك الأمر في فرنسا. لكن أي شخص أتى من أي ركن في العالم يمكنه أن يأتي إلى أميركا ويعيش ويصير أميركياً". 

 


ريغان هو صاحب شعار "لنجعل أميركا عظيمة" الأصلي، وهو ملهم دونالد ترامب، لكن ليس في كل شيء على ما يبدو.