كيف يحوّل الاستقرار الأمني دبي إلى مركز عالمي للاستثمار والسياحة؟ - وضوح نيوز

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
كيف يحوّل الاستقرار الأمني دبي إلى مركز عالمي للاستثمار والسياحة؟ - وضوح نيوز, اليوم الجمعة 12 ديسمبر 2025 06:05 مساءً

في السنوات الأخيرة، برز الأمن في دبي كأحد أهم الأعمدة التي تستند إليها الإمارة في تعزيز قدرتها على استقطاب رؤوس الأموال والاستثمارات الأجنبية. وجاءت دراسة حديثة أعدّتها شركة EY بالشراكة مع شرطة دبي، لتؤكد بالأرقام ما يلمسه المستثمرون والزوار على أرض الواقع: الاستقرار الأمني في دبي ليس مجرد عنصر مكمِّل، بل محرك اقتصادي فعلي يرسّخ جاذبيتها التنافسية عالمياً.

 

منظومة أمنية حديثة تقود تحوّلات اقتصادية
منذ نشأتها في خمسينيات القرن الماضي، وتحديداً في "مركز شرطة نايف" الذي شكّل البداية المتواضعة لمنظومة الأمن في دبي، تطوّرت شرطة دبي لتصبح مؤسسة أمنية متقدمة ترتكز على الابتكار والحوكمة الذكية وقيادة رشيدة تدعم الاستثمار في الأمن كقيمة اقتصادية. هذا التطور جعل من الجهاز الأمني اليوم لاعباً رئيسياً في صوغ بيئة اقتصادية نشطة ومستقرة.

 

الدراسة التي امتدت مقارباتها على بيانات من 50 دولة بين 1995 و2021، خلصت إلى أن الأمن في دبي يمثل إحدى الرافعات الأساسية للنموّ الاقتصادي، وأنه عنصر حاسم في قرار المستثمر عند اختيار موقع نشاطه التجاري.

 

مساهمات اقتصادية ضخمة للأمن
تكشف الدراسة عن أرقام لافتة تؤكد حجم تأثير الأمن المنخفض الجريمة على اقتصاد دبي. فبيئة الأمان أسهمت في عام 2024 وحده في دعم الاقتصاد بما يتراوح بين 63.9 و102.3 مليار درهم، أي ما يعادل 14-23% من الناتج المحلي. أما مساهمة شرطة دبي المباشرة في هذا التأثير فتصل إلى  31.8-50.9 مليار درهم سنوياً، بما يمثل 7-11% من الناتج المحلي الإجمالي.

هذه الأرقام تعكس حقيقة واضحة: الأمن في دبي ليس تكلفة تشغيلية، بل استثمار يعود بعوائد اقتصادية ضخمة.

 

السياحة… حين يصبح الأمان ميزة تنافسية
الأمن عنصر حاسم في ازدهار السياحة، وقد أدّى دوراً جوهرياً في جذب 7 إلى 12 مليون سائح إضافي سنوياً. وتشير الدراسة إلى أن الدور المباشر لشرطة دبي في هذا النمو يقدّر بـ4 إلى 6 ملايين سائح، أي ما يعادل 19-33% من إجمالي عدد الزوار.

 

ففي مدينة تستقبل عشرات الملايين سنوياً، يتحول عامل الأمان إلى ركيزة ثقة ومؤشر جودة، ما ينعكس إيجاباً على نسب الإشغال الفندقي، والإنفاق السياحي، وصورة الإمارة عالمياً.

 

الاستثمار الأجنبي المباشر… ثقة تُترجم إلى أرقام
لم يكن قطاع الاستثمار بمنأى عن هذا التأثير. فالمناخ الأمني المستقر ساهم في جذب استثمارات أجنبية إضافية تراوح قيمتها بين 3.6 و5.8 مليار درهم خلال عام 2024. ومن هذه القيمة، تُنسب إلى شرطة دبي مساهمة مباشرة تراوح بين 1.8 و2.9 مليار درهم، أي ما يساوي 1-2% من إجمالي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر.

 

المستثمر العالمي يبحث عن بيئة تضمن استدامة أعماله وتقلل مخاطر التشغيل، وهو ما توفره دبي بدرجة جعلتها ضمن أكثر المدن جاذبية لرأس المال الدولي.

 

شرطة دبي (وكالات)

شرطة دبي (وكالات)

 

 

أثر يتجاوز الحسابات الاقتصادية
لا تقف مساهمة الأمن عند حدود المؤشرات المالية، بل تتعداها إلى بناء مجتمع يحظى بثقة عالية بمؤسساته وإحساس راسخ بالأمان، وهو ما ينعكس مباشرة على جودة الحياة واستقرار الأعمال. فكلما زادت الثقة المجتمعية، ارتفع مستوى الرضى لدى المقيمين والشركات، وتوسعت قاعدة الاستثمارات الطويلة الأمد.

يرى الخبير الاقتصادي الدكتور خلدون عبد الصمد في حديث إلى "النهار" أنّ “المدن العالمية التي تمتلك مستويات عالية من الاستقرار الأمني تحظى بميزة تنافسية نادرة، لكن دبي حوّلت هذه الميزة إلى نموذج اقتصادي متكامل. فالأمن في الإمارة ليس مجرد سياق اجتماعي، بل جزء من هويّة المدينة الاقتصادية، وعنصر يدخل في حسابات النموّ وجذب رأس المال مثل البنية التحتية والتشريعات تماماً".

ويضيف أن “الاستثمار في الأمن الذكي - الذي يجمع بين التكنولوجيا والجاهزية المؤسسية - سيقود المرحلة المقبلة من تنافسية دبي، خصوصاً مع سعيها لتعزيز مكانتها كوجهة عالمية للأعمال والسياحة”.

بهذا النموذج المتكامل، تؤكد دبي أن الأمن ليس فقط ضماناً للاستقرار، بل رصيد تنموي يفتح أبواباً أوسع للاستثمار ويعزّز مكانتها كمدينة عالمية للعيش والعمل والابتكار.