كيف تقود السعودية مستقبل السيارات الكهربائية في الشرق الأوسط؟ - وضوح نيوز

البوابة العربية للأخبار التقنية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
كيف تقود السعودية مستقبل السيارات الكهربائية في الشرق الأوسط؟ - وضوح نيوز, اليوم السبت 13 ديسمبر 2025 05:40 مساءً

تتسارع الخطى في المملكة العربية السعودية نحو تحقيق مستهدفات رؤية 2030 الطموحة، التي ترتكز على تنويع الاقتصاد وقيادة دفة التحول الصناعي القائم على المعرفة والابتكار. وفي هذا السياق، يبرز قطاع السيارات الكهربائية كأحد الركائز الأساسية للمستقبل، إذ لا تقتصر الجهود على تبني هذه التقنية فحسب، بل تتجاوزها إلى توطين الصناعة وبناء منظومة متكاملة تبدأ من البحث والتطوير ووصولًا إلى التصنيع والتصدير العالمي.

ولقد شهدت الساحة السعودية آخرًا تطورين نوعيين يرسخان مكانة المملكة كمركز إقليمي رائد في هذا المجال، وهما: تدشين (مركز الابتكار المشترك للسيارات الكهربائية) بين مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية (كاكست) وشركة (لوسيد) Lucid، وافتتاح مصنع (سمارت موبيلتي) لشواحن المركبات الكهربائية في مدينة الملك سلمان للطاقة (سبارك).

و لا تمثل هذه التطورات مجرد إعلانات استثمارية، بل هي نقلات إستراتيجية تدعم الاقتصاد الوطني، وتمكّن الكفاءات الوطنية، وتضمن مساهمة متزايدة للصناعات المتقدمة في الناتج المحلي الإجمالي.

وفي هذا التقرير، نسلط الضوء على أحدث مستجدات قطاع السيارات الكهربائية في السعودية، مع تحليل لأبعادها الاقتصادية والتقنية ودورها في دعم مستهدفات رؤية السعودية 2030:

أولًا؛ تدشين أول مركز ابتكار للسيارات الكهربائية في الشرق الأوسط:

في خطوة تُجسّد رؤية المملكة لتمكين الصناعات المتقدمة، أطلقت خلال الأسبوع الماضي، مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية (كاكست) بالتعاون مع شركة لوسيد، (مركز الابتكار المشترك للسيارات الكهربائية)، الذي يُعدّ  الأول من نوعه في الشرق الأوسط.

ويهدف المركز إلى تعزيز البنية التحتية التقنية وتصميم حلول مبتكرة لتوطين تقنيات البطاريات وأنظمة القيادة المتقدمة، وحلول الذكاء الاصطناعي المرتبطة بالمركبات الكهربائية، بما يدعم نمو الاقتصاد المعرفي ورفع مساهمة قطاع الصناعات المتقدمة في الناتج المحلي.

وقد أكد الدكتور طلال السديري، النائب الأول للرئيس للبحث والتطوير في كاكست، أن المركز  يُعدّ محطة محورية لتطوير تقنيات المستقبل في السيارات الكهربائية والأنظمة الذكية، بما يدعم تحوّل المملكة نحو اقتصاد قائم على المعرفة والابتكار.

كما أكد الدكتور منير الدسوقي، رئيس كاكست، أن إنشاء هذا المركز داخل المملكة سيساهم في تعزيز كفاءة السيارات الكهربائية وإجراء الاختبارات المتقدمة والنوعية داخل المملكة، إضافة إلى تمكين الكفاءات الوطنية وتوسيع مساهمة قطاع النقل في الاقتصاد الوطني، تماشيًا مع مستهدفات رؤية السعودية 2030.

ومن جهته؛ شدّد مارك وينترهوف، الرئيس التنفيذي المؤقت لشركة لوسيد، على أن المركز الجديد سيسهم في تطوير تقنيات القيادة الذاتية والذكاء الاصطناعي، إلى جانب تمكين التصنيع المحلي للمركبات، وذلك خلال مقابلة مع (الشرق بلومبرغ)، على هامش حفل افتتاح المركز الجديد في الرياض.

كما أوضح أن التعاون مع المملكة يتماشى مع استثمارات لوسيد الواسعة في التقنيات المستقبلية، وأن الشراكة ستسهم في تسريع تطوير المنظومات التقنية الخاصة بالشركة.

ثانيًا؛ مصنع لوسيد في السعودية.. جاهزية كاملة وإنتاج مرتقب قبل نهاية العام المقبل:

يشهد مشروع مصنع لوسيد في مدينة الملك عبدالله الاقتصادية تقدمًا ملحوظًا؛ إذ وصلت المنشآت إلى مرحلة الجاهزية الكاملة ويجري حاليًا تركيب المعدات، على أن يبدأ الإنتاج الفعلي لأول منصة متوسطة الحجم قبل نهاية العام المقبل. ووفق تصريحات فيصل سلطان، رئيس شركة (لوسيد) في الشرق الأوسط، ستبلغ الطاقة الإنتاجية للمصنع 150 ألف سيارة سنويًا، معظمها مخصص للتصدير للأسواق العالمية، مما يعزز موقع المملكة كمحور صناعي رئيسي.

ويمثل المصنع خطوة محورية في رفع المحتوى المحلي، إذ ستتحول عمليات لوسيد من التجميع إلى التصنيع الكامل قبل عام 2030، إضافة إلى التوسع لإنتاج طرازَي (إير) و(جرافتي). وأكدت لوسيد أنها تمر بمرحلة ضخ استثمارات كبيرة وإنشاء مصانع، مما يجعل الأرباح مرحلة لاحقة بعد الوصول إلى مستويات إنتاجية مستقرة قادرة على استيعاب الطاقة التصنيعية.

وأكد وينترهوف أن صندوق الاستثمارات العامة هو المستثمر الرئيسي في لوسيد، مشددًا على أهمية استمرار هذه الشراكة التي تمكن الشركة من التوسع عالميًا، بالتوازي مع حوارات مستمرة لجذب مزيد من المستثمرين.

ثالثًا؛ توطين البنية التحتية للشحن.. تدشين مصنع (سمارت موبيلتي):

في خطوة موازية لتوطين صناعة المركبات الكهربائية، شهدت مدينة الملك سلمان للطاقة (سبارك)، يوم الاثنين الماضي، تدشين مصنع (سمارت موبيلتي) المتخصص في تصنيع شواحن المركبات الكهربائية، إضافة إلى افتتاح أول محطة شحن داخل المدينة.

ويمثل هذا المشروع خطوة مهمة لتعزيز إستراتيجية توطين الصناعة، ودعم برنامج (صُنع في السعودية)، ضمن سياسات المحتوى المحلي، بإشراف هيئة المحتوى المحلي والمشتريات الحكومية.

وأكد مشعل الزغيبي، الرئيس التنفيذي لمدينة الملك سلمان للطاقة (سبارك)، أن المدينة مهيأة لتكون المنصة المركزية الإقليمية للتقنيات الصناعية والطاقة المتقدمة، مستغلة قربها من البنية التحتية الأساسية للطاقة في المملكة، وسهولة الوصول إلى الموانئ في الخليج العربي، مما يجعلها مركزًا مثاليًا للتصنيع والتصدير في المنطقة.

ومن جانبه، أوضح صاحب السمو الأمير فهد بن نواف، الرئيس التنفيذي لسمارت موبيلتي، أن اختيار موقع المصنع في (سبارك) كان مدروسًا ومخططًا له إستراتيجيًا. وشدد سموه على رؤيته لقطاع شحن المركبات الكهربائية، مؤكدًا أنه يجب أن يُعامَل كبنية تحتية وطنية، وأن يُطَوَّر بالتوازي مع منظومة الطاقة الكبرى في المملكة.

رابعًا؛ منظومة توطين صناعة السيارات في السعودية تنمو بسرعة:

يُعدّ صندوق الاستثمارات العامة السعودي، هو القاطرة الأساسية وراء تسريع توطين صناعة السيارات ومكوناتها. فقد أنشأ الصندوق ثلاثة مصانع إستراتيجية وهي: سير، ولوسيد، وهيونداي.

ولم يتوقف الدعم عند التصنيع، بل اتجه للاستثمار في الصناعات المغذّية للقطاع مثل تصنيع الإطارات، والزجاج، وقطع الغيار، لتعزيز الاكتفاء المحلي وتحقيق أهداف برنامج (صُنع في السعودية).

كما دعم الصندوق تأسيس الأكاديمية الوطنية للمركبات والسيارات (نافا)، لتنمية المهارات الوطنية المتقدمة في قطاع المركبات والتنقّل، واستثمر في العديد من الشركات في هذا القطاع.

وتسهم هذه الاستثمارات في بناء منظومة متكاملة تتيح للمملكة التحول إلى مركز إقليمي لتصنيع المركبات الكهربائية ومكوناتها، وضمان استدامة التوريد وتقليل الاعتماد على الأسواق الخارجية.

الآفاق المستقبلية:

تؤكد هذه التطورات الأخيرة، سواءً في البحث والتطوير المتقدم (المركز المشترك بين كاكست ولوسيد)، أو في التصنيع الواسع النطاق (مصنع لوسيد)، أو في البنية التحتية الحيوية (مصنع سمارت موبيلتي)، أن السعودية تتبنى إستراتيجية متكاملة لتصبح قوة دافعة في خريطة السيارات الكهربائية العالمية.

باختصار، تتجاوز إستراتيجية المملكة في هذا القطاع تبني تقنية صديقة للبيئة؛ بل هي خطة متكاملة تهدف إلى بناء منظومة صناعية تقنية متكاملة تضمن الريادة الإقليمية وتؤمن مصادر دخل جديدة ومستدامة للاقتصاد الوطني.

ومن ثم؛ يؤكد ما تشهده المملكة تحوّلها من مجرد سوق مستهلك إلى مركز ابتكار وتصنيع وتصدير للسيارات والتقنيات المتقدمة، بما يخدم المصالح الوطنية والإستراتيجيات الاقتصادية العالمية.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط