مونديال 2030 وتحولات العلاقة الكروية الأفريقية–الأوروبية - وضوح نيوز

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مونديال 2030 وتحولات العلاقة الكروية الأفريقية–الأوروبية - وضوح نيوز, اليوم الاثنين 15 ديسمبر 2025 08:35 مساءً

تُختزل الفجوة الكروية بين قارتي إفريقيا وأوروبا في كثير من الأحيان في عامل المال، غير أن التجربة المغربية، كما يعكسها الخطاب الذي يقدّمه رئيس الاتحاد فوزي لقجع، تكشف أن جوهر الاختلال أعمق من ذلك بكثير. فالفارق الحقيقي يكمن في طريقة تنظيم المنظومة الكروية، واستمرارية القرار، وقدرة المؤسسات على تحويل الرؤية إلى سياسة طويلة الأمد.

لم تبلغ أوروبا موقعها الحالي عبر الوفرة المالية وحدها، بل عبر بناء نموذج حكامة جعل من الاستقرار والتخطيط شرطين أساسيين للتفوق. في هذا السياق، لا يُقرأ تنظيم كأس العالم 2030 المشترك بين المغرب وإسبانيا والبرتغال كحدث رياضي معزول، بل كمنعطف رمزي وعملي في آن واحد. فهو أول مونديال يجمع بين إفريقيا وأوروبا داخل فضاء تنافسي وتنظيمي واحد، بما يحمله ذلك من دلالات تتجاوز البنية التحتية والملاعب إلى إعادة طرح سؤال الشراكة الكروية بين القارتين. من هذا المنطلق، يصبح المونديال منصة اختبار لنموذج جديد، لا مجرد تتويج لمسار تنظيمي ناجح.

 

المغرب يقدّم نفسه كفاعل قاري قادر على المساهمة في صياغة نماذج جديدة للتعاون الكروي. (وكالات)

المغرب يقدّم نفسه كفاعل قاري قادر على المساهمة في صياغة نماذج جديدة للتعاون الكروي. (وكالات)

 

وانطلاقًا من هذا التصور، تبرز فكرة المنافسات الأوروبية - الإفريقية التي لمح إليها لقجع في حديث صحفي، باعتبارها الرهان الأكثر جرأة والأشد حساسية. فهذه المنافسات، إذا أُحسن تصميمها، يمكن أن تشكل امتدادًا طبيعيًا لروح مونديال 2030، عبر خلق فضاءات تنافسية منتظمة تتيح للأندية والمنتخبات الإفريقية احتكاكًا عالي المستوى دون المرور الحتمي عبر بوابة الهجرة الرياضية نحو أوروبا. وهي في جوهرها محاولة للانتقال من علاقة غير متكافئة، تقوم على تصدير المواهب، إلى علاقة شراكة قائمة على إنتاج القيمة داخل القارة.

غير أن لقجع، ضمنيًا، يضع شرطًا حاسمًا لنجاح هذا الطرح: الذكاء التنظيمي والتوازن في الحكامة. فخطر هذه المنافسات لا يكمن في الفكرة ذاتها، بل في إمكانية انزلاقها نحو تكريس الهيمنة الأوروبية بشكل أكثر نعومة، إذا لم تُضبط آليات المشاركة والعوائد والقرار الرياضي بشكل عادل. لذلك يتحول السؤال من جدوى المشروع إلى كيفية بنائه، ومن الحلم إلى شروط تنزيله الواقعي.

من هنا، يقدّم المغرب نفسه، بعد تجربة مونديال 2030، ليس فقط كبلد منظم للتظاهرات الكبرى، بل كفاعل قاري قادر على المساهمة في صياغة نماذج جديدة للتعاون الكروي، يقوم على تقاسم الخبرات، وتحسين الحكامة، والاستثمار في الإنسان قبل النتائج. وبهذا المعنى، يصبح ما بعد 2030 لحظة مفصلية: إما بداية لتقليص الفجوة البنيوية بين إفريقيا وأوروبا، أو فرصة ضائعة أخرى تُضاف إلى سجل الطموحات غير المكتملة.