نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الأمان أمنية: هذه هي قصص أطفال "SOS" - وضوح نيوز, اليوم الجمعة 19 ديسمبر 2025 07:05 صباحاً
"حلمي أن أصبح أكبر رجل أعمال في العالم، لأقدّم الدعم لقرى الأطفال SOS وأساعد الفقراء، فهذه القرية بيتي، وأنا أحبّ الجميع هنا. وفي عيد الميلاد، أتمنّى أن يتمكّن الأطفال الذين لا يملكون عائلة من الاحتفال بأمان وحبّ وسلام".
بهذه الكلمات البسيطة، يفتح أحد أولاد قرى الأطفال SOS باب الحكاية. حكاية عشرات الأطفال الذين وجدوا في هذه المؤسسة البيت والأمان، هم الذين يدركون أكثر من أي شخص أن العيد لا يُقاس بالزينة، بل بالاحتواء.
ففي قلب هذه القرية، تؤدّي أمهاتٌ بديلات دور الأم بكلّ ما تحمله الكلمة من معنى. تقول ماما ابتسام، التي أمضت 25 عاماً في قرى الأطفال SOS، والدموع تملأ عينيها "أوّل مرّة سمعت كلمة ماما، حسّيت شي طلع من قلبي". انتقلت من رعاية الشبّان والشابات إلى احتضان أطفال صغار، وهي تجربة تصفها بالصعبة والمؤثّرة. أمنيتها في العيد: "أن يحقّق أولادي مستقبلهم، وأراهم في الجامعات".
أما ماما سيدة، التي أمضت 20 عاماً في الـSOS، فتروي رهبة تسلّمها أول طفل بعمر عشرة أيّام، وتقول "الأمّ هي التي تُربّي، والطفل ينادي ماما لمن تمنحه الرعاية والحنان". ربّت 32 طفلاً وأصبح لديها 11 حفيداً. لم تعد تعيش في القرية، بل خرجت إلى المجتمع ولديها حالياً 4 أولاد.
في هذا السياق، تشرح المديرة الوطنية لقرى الأطفال SOS غادة الهاشم، أن "الجمعية التي أُنشئت في لبنان عام 1969، تدير حالياً قريتين: قرية بحرصاف في قضاء المتن، وقرية قصرنبا في البقاع، التي انتقلت خلال الحرب إلى قرية كفرحي في قضاء البترون. وترعى قرى الأطفال 82 طفلاً، فيما يمتدّ عملها خارج القرى ليشمل نحو 150 عائلة في بيروت و50 عائلة في منطقة البقاع".
وتضيف "رغم تمتّع الجمعية بقدرة استيعابية واسعة، إلا أن طبيعة الحالات التي تستقبلها الجمعية تغيّرت مع مرور الوقت. فبعد أن كان التركيز في مراحل سابقة على رعاية الأيتام، بات التركيز اليوم بشكل أكبر على حالات اجتماعية، غالباً ما تُحال إليها بقرارات حماية صادرة عن محكمة الأحداث.
كذلك، توضّح الهاشم أنّ قرى الأطفال تعتمد، إلى جانب الرعاية البديلة داخل القرى، على برنامج تمكين الأسرة الذي يهدف إلى دعم عائلات غالباً ما تكون الأم فيها المعيل الأساسي، بما يعزّز قدرتها على رعاية أطفالها والوقاية من حالات التخلّي عنهم، إضافة إلى برنامج الاستجابة للطوارئ الذي يُعنى بتلبية الاحتياجات الطارئة للمستفيدين.
في إطار الرعاية البديلة، توفّر الجمعية للأطفال داخل القرى بيئة تحاكي الأسرة الطبيعية، حيث يعيش الطفل تحت رعاية وإشراف أم بديلة، تساعدها خالة ومربية ناشئة، إلى جانب فريق تربوي متكامل. ومع تقدّم الأطفال في العمر وانتقالهم إلى مرحلة شبه الاستقلال، تُؤمَّن لهم مساكن خاصة تحت إشراف الجمعية، مع تحمّل كامل تكاليف رعايتهم ومتابعتهم إلى حين بلوغهم الاستقلال التام.
وفي ظل الأوضاع الإقتصادية والأمنية، تواجه قرى الأطفال SOS، كسائر المؤسسات في لبنان، تحديات مادية كبيرة، إذ تقول الهاشم "رغم الحرص على عدم تقليص مستوى الرعاية المقدّمة للأطفال، الجمعية بحاجة إلى تمويل إضافي لتنفيذ كل المشاريع التي نطمح أن نحققها لتوسيع نطاق الخدمات".
هذا المكان قد يبدو للبعض، مجرّد قرية تجمع الأيتام والأطفال المحرومين من الرعاية الوالدية، لكنّ فيه تجتمع أوجاع كثيرة. ففي كلّ بيت قصّة، وفي كلّ قلب غصّة، غير أنّ البراءة حاضرة دائماً، والعطاء... يغلب الوجع!