نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
من دير الأحمر إلى مجدلون... "ميلاد بعلبك" رسالة تجذر في الأرض - وضوح نيوز, اليوم الأحد 21 ديسمبر 2025 12:35 مساءً
في مشهدٍ يفيض بالرجاء، عاشت منطقة بعلبك أجواء ميلادية استثنائية هذا العام، حيث تلاقت الإرادة الإنمائية في دير الأحمر مع العمق الروحي في مجدلون، لتشكلان معاً لوحة صمود وتجذر.

لم تكن هذه الفعاليات مجرد احتفالات عابرة، بل تحولت إلى تظاهرة وطنية تهدف إلى إعادة وصل أبناء المنطقة بجذورهم، وجذب العائلات التي أبعدتها ظروف الحياة نحو العاصمة والمدن الكبرى، لتعود إلى حضن أرضها في زمن الميلاد.
زينة الميلاد في بعلبك. (النهار)
دير الأحمر: نموذج التعاون والتنمية السياحية
انطلقت فعاليات سوق الميلاد 2025 في دير الأحمر بتنظيم محترف من مركز تطوير وتسويق السياحة (DMO)، وبدعم ورعاية مباشرة من راعي أبرشية بعلبك ودير الأحمر للموارنة المطران حنا رحمة، ورئيس اتحاد بلديات دير الأحمر المهندس هنري فخري، بمشاركة فاعلة من منسقية حزب "القوات اللبنانية" ومجلس مندوبي المغتربين.

وقد توج هذا الزخم برعاية سياحية لافتة من مشروع "Dier El Ahmar Village".
وخلال الافتتاح، أكد المطران رحمة ومدير DMO طوني سعادة أن هذه السوق هي ثمرة "العمل الموحد" الذي يجمع بين المقيمين والمغتربين، تماماً كما غرس الأجداد قيم التكافل، وقد تحولت البلدة إلى مقصد ليس لأبنائها فحسب، بل لجميع عائلات بعلبك - الهرمل التي شاركت بكثافة، مؤكدة أن دير الأحمر كانت وستبقى واحة تلاقٍ وفرح في كل الظروف.

مجدلون: أكبر مغارة في الشرق الأوسط
وعلى مقربة من بعلبك، وبدعوة من "عيلة يسوع بحبك وجايي يزورك"، افتتح كاهن رعية مجدلون الأب إلياس غاريوس، أكبر مغارة ميلادية في لبنان والشرق الأوسط، بمساحة بلغت 2000 متر مربع استغرق تنفيذها عاماً ونصف عام.
الافتتاح الذي تم وسط حضور رسمي وشعبي، ثم اصطحب الأب غاريوس الحضور في جولة داخل أرجاء المغارة، معرّفاً إياهم على محتوياتها التي تجسد مراحل الخلاص، وشرح الهدف من وراء هذا الصرح الضخم؛ مؤكداً أنها ليست مجرد معلم معماري، بل هي مساحة للتأمل الروحي وللتذكير بأن حضور الله يتجسد في أرضنا وبين أهلنا، داعياً الجميع لاستلهام معاني الرجاء من هذا العمل.

ومن جهته، أكد رئيس بلدية مجدلون إيلي نصر أن هذا الإنجاز هو فخر للمنطقة بأكملها، مشدداً على أن مجدلون تفتح قلبها قبل أبوابها لكل الزوار، وهي اليوم تكرس هويتها منارة للعيش المشترك والإيمان الصلب. كما وصف المحامي أحمد الطفيلي رئيس بلدية بعلبك، هذا العمل بأنه "رسالة أمل ووحدة لا تهزمها العواصف"، بينما اعتبر الدكتور إلياس الهاشم أن هذه المغارة تضاهي بعظمتها هياكل بعلبك، لتعلن للعالم أن "ملك السلام" يولد اليوم في بقاعنا الصامد.
ميلاد العودة وتثبيت الهوية في الأرض
وتكمن أهمية هذه الفعاليات في كونها جداراً أمام الهجرة الداخلية والارتهان للمدينة؛ فهي تعمل بشكل مباشر على تثبيت الهوية المسيحية في البقاع الشمالي عبر تحويل القرى إلى مراكز جذب اقتصادية وسياحية قادرة على خلق فرص عمل واستثمارات محلية، مما يمنح الشباب والجيل الصاعد سبباً حقيقياً للبقاء والتمسك بالأرض.

كما أن ضخامة هذه الفعاليات، من سوق الدير المليئة بالحياة إلى مغارة مجدلون العالمية، نجحت في جذب "أهل العاصمة" من أبناء المنطقة، حيث لم يعد العيد مجرد زيارة خاطفة، بل صار "موسم عودة" للاحتفاء بالهوية والمشاركة في نهضة القرى، مما يعيد الحيوية للدورة الاجتماعية والاقتصادية ويؤكد أن الانتماء للجذور هو الضمان الوحيد لمواجهة التحديات الوجودية في هذا الوطن.
