نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
بين التسريبات والفبركة... الاتفاقية الأمنية مع الجزائر تشعل الانقسام السياسي في تونس - وضوح نيوز, اليوم الخميس 25 ديسمبر 2025 07:30 صباحاً
عادت الاتفاقية الأمنية الثنائية التونسية–الجزائرية إلى واجهة النقاشات السياسية في تونس خلال الأيام الأخيرة، بعد نشر وسائل إعلام وصفحات وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي قريبة من الإسلاميين نصاً نُسب إليها، تضمّن، وفق ما أوردت، بنوداً وصفتها بأنها "خطيرة"، مؤكدة أنها "تمسّ بالسيادة الوطنية وتمنح الجارة حق التدخل في الشؤون الداخلية".
وتحوّل "التسريب" الجديد لما قيل إنه "مسودة نص الاتفاقية"، التي سبق أن وصفها الجانبان رسمياً بأنها تكميلية لاتفاق التعاون الدفاعي المشترك الموقّع عام 2001، إلى محور انتقادات واسعة من أطراف معارضة وجزء من المجتمع المدني، الذين طالبوا بالكشف عن مضمونها.
أهمية الاتفاقية
وفقاً لبيانات وتصريحات رسمية صادرة عن البلدين، فإن الاتفاقية، التي لم يُكشف عن مضمونها، تأتي في سياق التحديات الأمنية المتصاعدة في المنطقة، وخصوصاً في مواجهة الإرهاب وشبكات التهريب والهجرة غير النظامية، وتُعد خطوة لتعزيز التنسيق العملياتي بين قوات الجارتين.
وقد اعتُبرت استمراراً لتاريخ طويل من التعاون العسكري والأمني بين الدولتين الجارتين، وفق عدد من المختصين، من بينهم العميد السابق في الأمن التونسي والمحلل السياسي خليفة الشيباني، الذي يؤكد لـ"النهار" أن هذه الاتفاقية هي امتداد لاتفاقات سابقة موقّعة بين البلدين، مشدداً على أنها تندرج في إطار التنسيق الثنائي في المجال الأمني.
من توقيع اتفاقية التعاون الدفاعي بين تونس والجزائر. (وزارة الدفاع التونسية)
شكوك ومخاوف
أكدت السلطات التونسية في مناسبات عدة أن الاتفاقية ليست جديدة، بل هي تحديث وتطوير لاتفاقية سابقة، وتستهدف بالأساس مواجهة التحديات الأمنية المشتركة، مشددة على أن العلاقات مع الجزائر تقوم على أسس الاحترام المتبادل والصداقة التاريخية بين الشعبين.
لكن هذه التأكيدات الرسمية، التي جاء بعضها على لسان وزير الدفاع التونسي، لم تحل دون تصاعد التساؤلات داخل الأوساط السياسية التونسية، خصوصاً بعد تسريب هذه الوثائق.
وطالبت أصوات معارضة بنشر نص الاتفاقية بالكامل للرأي العام وعرضه على المؤسسات المختصة، معتبرة أن غياب الشفافية يعزّز الشكوك حيال ما تم التوقيع عليه.
وفي تقدير عدد من المعلقين، فإن الجدل الذي تثيره هذه الاتفاقية لا ينبع من جوانبها القانونية أو الفنية فحسب، وإنما من الصبغة السرية التي أحيطت بها، ما فتح الباب أمام مخاوف تتعلق بالسيادة.
ويعتبر عدد من المعلقين أن غياب الشفافية في الإعلان عن نصوص الاتفاقية ساهم في إثارة الانتقادات وانتشار معلومات مضللة.
وتقول المحللة السياسية آسيا العتروس لـ"النهار" إن الشفافية وحدها يمكن أن توقف الجدل الحاصل والمخاوف المرتبطة بهذه الاتفاقية.
وتعتبر أن "من المهم أن تخرج السلطة عن صمتها وتجيب عن كل التساؤلات ونقاط الاستفهام العالقة والمخاوف المشروعة بشأن البنود الأمنية، سواء عبر تفنيد ما يُروّج وتكذيب الإشاعات، أو عبر كشف الحقائق للتونسيين".
مادة للتسخين السياسي
في المقابل، يرى البعض أن الضجة التي أُثيرت بشأن هذه الاتفاقية تعكس حجم الانقسامات السياسية الداخلية في تونس، بعدما تم تحويلها إلى مادة للتوظيف السياسي، إذ وجدت فيها المعارضة ساحة خصبة لإطلاق الاتهامات ضد السلطة الحالية بـ"التخلي عن السيادة".
من جهته، ردّ الرئيس قيس سعيّد على هذه التسريبات خلال لقاء برئيسة حكومته، نافياً صحة الوثائق المتداولة. وشدد على أن هذه "الوثائق مفتعلة ولا وجود لها إلا في الخيال المريض"، مشيراً إلى أن من قاموا بفبركتها "ما زالوا يتخبطون في غيّهم"، كما أعاد التأكيد أن "الدولة لا تُدار بالتدوينات، وأن هؤلاء مكشوفون ومفضوحون".
وكانت وسائل إعلام جزائرية قد نقلت عن مصادر رسمية، لم تسمّها، أن الوثائق التي تم نشرها مفبركة ومضللة، وتهدف إلى ضرب العلاقات الثنائية بين البلدين.