نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
معدلات الأمطار تتراجع والقلق يتعاظم... هل ينجو لبنان من موسم جافّ؟ - وضوح نيوز, اليوم الأحد 28 ديسمبر 2025 10:30 صباحاً
يبدو أنّ نهاية هذا العام تحمل مشهداً جوياً اشتاق اللبنانيون إلى رؤيته، إذ تظهر التوقعات بأنّ هذا الأسبوع الأخير من كانون الأول/ديسمبر 2025 سيكون حافلاً بالأمطار، وكأنّ السماء تستقبل عاماً جديداً بمحاولة تعويض الأرض ما فاتها من مياه، خصوصا بعد موسم مطري سابق طُبع بجفاف غير مسبوق، يعدّ الأسوأ منذ عشرات السنين.
هذا المشهد يفتح باب التساؤل عن واقع الهطولات في لبنان في ظل التغيرات المناخية المتسارعة. فهل تنجح السنة المطرية 2025–2026 في الاقتراب من المعدلات المرجوّة؟ وما كميات الأمطار التي سُجّلت حتى هذا الأسبوع مقارنة بالسنوات الماضية؟
منخفض جوي جديد سيصل لبنان... عواصف وثلوح وأجواء باردة مطلع الأسبوع!
يوضح رئيس قسم التقديرات في مصلحة الأرصاد الجوية في مطار رفيق الحريري الدولي - بيروت محمد كنج في حديث إلى "النهار"، أنّ معدلات الأمطار المحققة حتى 26 كانون الأول 2025 لا تزال أقل من معدلات السنة الماضية، علماً أنّ الموسم السابق 2024–2025 كان الأدنى تاريخياً على صعيد مصلحة الأرصاد الجوية. ورغم توقّع تساقط أمطار غزيرة خلال الأيام الأخيرة من العام، يرجّح أن تبقى الأرقام دون المعدلات العامة، وإن اقتربت من أرقام العام الماضي أو تجاوزتها قليلاً.
في هذا السياق، يشير كنج إلى أنّ بعض المناطق لم تحقق معدلات الأمطار فيها حتى الآن سوى 30%. ففي زحلة، سُجّل 63 ملليمترا زئبقا مقابل معدل يبلغ نحو 220 ملليمترا، أي أقل من 30%، فيما بلغ الهطول في الفترة نفسها من العام الماضي 73.2 ملليمترا. وبالنسبة إلى مدينة بيروت، لم تسجّل الأمطار إلا نحو 45% فقط من المعدل، إذ بلغ الهطول حتى هذا الأسبوع 136 ملليمترا، مقابل 163 العام الماضي، في حين أن المعدّل المفترض هو 304. أما في طرابلس، فبلغ الهطول 120 ملليمترا مقابل 189 في الفترة نفسها من السنة الماضية، فيما يجب أن يصل المعدل إلى 304.
وعن سبب الخلل الكبير في الموسم السابق، يشرح كنج أن شهر كانون الثاني/يناير يشكّل نحو 25% من موسم الأمطار، وفي هذا الشهر من السنة المطرية 2024-2025 لم يتساقط سوى 19 ملليمترا، أي أقل من 10% من المعدل الذي يبلغ نحو 196 ملليمترا، ما شكّل خسارة أساسية في موسم يفترض أن يبلغ معدله السنوي على الساحل اللبناني نحو 825 ملليمتراً.
وبالنسبة إلى الموسم الحالي، يؤكد كنج أنّه لا يمكن بعد تصنيفه موسما جافا قبل شهر كانون الثاني، "ورغم أنّ كانون الأول جاء جافاً نسبياً، تشير التوقعات إلى إمكان تساقط نحو 100 ملليمتر من الأمطار بين 26 كانون الأول ورأس السنة، من دون أن يكون ذلك كافياً لبلوغ المعدلات الطبيعية".
وفي ما يتعلّق بربط هذه المعطيات بالتغير المناخي، يشير إلى ظاهرة باتت جلية في الفترة الأخيرة، تتمثّل في غزارة الأمطار خلال فترات زمنية قصيرة، وهو ما يُعرف بالنمط المتطرّف الناتج من الاحترار المناخي والتغيّر السريع في درجات الحرارة، وما يرافق ذلك من سيول وانجرافات للتربة، وهي ظواهر شهدها اللبنانيون خلال السنوات الماضية، مشيراً إلى أنّ "لبنان يقع بين الصحارى العربية الممتدة من ليبيا إلى مصر وسيناء وشبه الجزيرة العربية من جهة، والمناطق الباردة من جهة أخرى، ما يجعله أكثر عرضة لظاهرة الاحترار المناخي، إذ قد يتأثر أحياناً بكتل هوائية حارة من الصحراء".
لا تكمن المشكلة فقط في تراجع كميات الهطول، فالعواصف الثلجية التي كانت تشكّل عنصراً أساسياً في تغذية المياه الجوفية والينابيع والأنهار لم تعد تزور لبنان كما في السابق. وفي هذا السياق، يقول كنج: "لاحظنا في السنة الماضية غياب العواصف الثلجية، لكننا نأمل حدوثها هذا العام. في الواقع، لم تعد الأمطار عاملاً مؤثراً لأنها تتساقط بتطرّف ولا نستفيد منها بالشكل المطلوب".
إلى ذلك، لا ينفصل التغير المناخي عن أزمة المياه التي يعيشها لبنان منذ سنوات، إذ تُظهر تقارير أنّ معدلات الهطول السنوية بدأت بالتراجع التدريجي منذ عام 2014، ما انعكس مباشرة على المخزون المائي. وفي ظل هذا الواقع، يعلّق اللبنانيون آمالهم كل شتاء على الأمطار لتخفيف أعباء تأمين المياه، في بلد يفتقر إلى أي خطط فعلية ومستدامة لإدارة الموارد المائية ومواجهة تحديات الجفاف المتفاقم.