يوسف أيوب يكتب: الاتزان الاستراتيجي بين "الأمن القومى الأمريكي" والكتاب الأبيض المصرى - وضوح نيوز

صوت الامة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
يوسف أيوب يكتب: الاتزان الاستراتيجي بين "الأمن القومى الأمريكي" والكتاب الأبيض المصرى - وضوح نيوز, اليوم الأحد 28 ديسمبر 2025 11:30 صباحاً

واشنطن تُرسّخ مبدأ "أمريكا أولاً" وتستخدم القوة لفرض مكاسب اقتصادية.. والوثيقة المصرية تحفظ المصالح الوطنية بسياسة متوازنة

مبادئ ثابتة لسياسة مصر الخارجية تحترم الدولة الوطنية وسيادة ووحدة الدول ورفض الفراغ السياسي والأمني.. وإطلاق العنان للدبلوماسية الاقتصادية

 

 

12 يوماً فصلت بين إصدار الإستراتيجية الأمريكية الجديدة للأمن القومى، والكتاب الأبيض للسياسة الخارجية المصرية، الأولى أصدرتها إدارة الرئيس دونالد ترامب في الخامس من ديسمبر، والثانية أصدرته وزارة الخارجية في 17 ديسمبر.

الوثيقة الأمريكية جاءت في 33 صفحة وحددت أطر استراتيجية الأمن القومي الأمريكى لعام 2025، التي تُرسّخ مبدأ "أمريكا أولاً" ليكون الركيزة الأساسية للسياسة الخارجية. ووصفها البيت الأبيض بأنها خارطة طريق لضمان بقاء الولايات المتحدة أعظم وأنجح دولة في التاريخ البشري، بينما الكتاب المصرى جاء في 170 صفحة، وحمل عنوان: "الاتزان الاستراتيجي؛ ملامح من السياسة الخارجية المصرية في عشر سنوات"، ووصفته الخارجية بأنه "مرجعًا توثيقيًا وتحليليًا لمفهوم الاتزان الاستراتيجي في السياسة الخارجية المصرية، حيث يستعرض أطر التحرك الدبلوماسية المصرية في الدوائر العربية والأفريقية والأوروبية والأسيوية والدولية استناداً لمفهوم الاتزان الاستراتيجي، والشراكات الشاملة مع القوى الكبرى، ويبرز الدور المحوري للدبلوماسية المصرية في دعم مسارات السلم والأمن والتنمية في الأطر الثنائية والمنظمات الاقليمية والدولية، ومكافحة الإرهاب، والدبلوماسية الاقتصادية والبيئية، ويبرز تعامل الدبلوماسية المصرية مع التحديات الإقليمية والدولية بنهج متوازن ومسئول، ساهم في ترسيخ مكانة مصر كركيزة أساسية للاستقرار في محيطها الإقليمي والدولي".

الاستراتيجية الأمريكية شهدت تعليقات عدة أبرزها أن واشنطن تنسحب تدريجيا من مناطق نفوذها التقليدية خاصة في الشرق الأوسط وأوربا وتركز على محيطها الجغرافى، وما تراه تهديداً حقيقيا متمثلاً في الصعود الصينى، اقتصادياً، بينما الكتاب الأبيض يشير إلى توسع مصر لعلاقاتها وفق أمكانياتها، انطلاقاً من الندية السياسية.

اطلاق العنان للدبلوماسية الاقتصادية

الرابط بين الوثيقتان هو الاقتصاد، فالسياسة الخارجية الأمريكية والمصرية، مع تركيزهما على مصالحهما "الوطنية" من وجهة نظر كل دولة، الا انهما يمنحان للاقتصاد قوة محركة للأداء الدبلوماسي، لكن بفوارق واضحة في الآليات، فالولايات المتحدة الأمريكية تستخدم القوة لفرض مكاسب اقتصادية، بينما مصر تطلق العنان لمفهوم الدبلوماسية الاقتصادية، بقولها إنه لا يمكن فصل السياسة الخارجية عن السياسة الداخلية، وفي هذا الإطار تم إعادة تعريف أولويات السياسة الخارجية، لتصبح أكثر ارتباطًا وتعبيرا عن أولويات المشروع التنموي الضخم الذي أطلقته الجمهورية الجديدة في مصر منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي المسئولية في 2014.

وفى شرحه لهذا المفهوم يشير الكتاب الأبيض إلى أن "العمل الدبلوماسي المصري، خلال العقد الأخير، أصبح مرتبطًا بشكل عضوي، بالأولويات الاقتصادية. ويتم ذلك من خلال ثلاثة محاور أساسية للتحرك، وهى، الدور الذي تلعبه السفارات والبعثات المصرية في الخارج في الترويج للاقتصاد المصري، وفتح أسواق للصادرات المصرية، فضلاً عن جذب الاستثمار الأجنبي للقطاعات الاقتصادية المختفة ذات الأولوية الوطنية، وتوطين الصناعات والتكنولوجيا وفقا لخطط التنمية الوطنية، وتأسست في وزارة الخارجية لهذا الغرض وحدات متخصصة في متابعة تطورات الاقتصاد المصري، تتولى موافاة السفارات والبعثات المصرية بشكل أسبوعي بالمعلومات اللازمة للتواصل مع مجتمع الأعمال في دول الاعتماد بما يتسق مع الأهداف التنموية لمصر والأولويات القطاعية للاستثمار، ودعم الجهد التنموي المصري في القطاعات ذات الأهمية الاستراتيجية والمشاريع القومية الكبرى، واخيراً التحرك على مستوى المنظمات والتجمعات الاقتصادية الإقليمية والدولية للدفاع عن المصالح الاقتصادية المصرية، وربطها بتحركات الدول النامية والمجموعات الاقتصادية البازغة وعلى رأسها تجمع دول البريكس، لتوفير شروط دولية مواتية لتحسين موقع الاقتصاد المصري بشكل خاص، واقتصاديات الدول النامية بشكل عام، في نظام تقسيم العمل الدولي، بما في ذلك المساهمة في إصلاح هياكل النظام الاقتصادي الدولي لتوفير بيئة أكثر ملائمة لتحقيق المقاصد التنموية لأغلبية دول العالم، بالإضافة إلى متابعة تطورات الاقتصاد العالمي وانعكاساته على خطط الاقتصاد المصري واحتياجاته".

هذا المفهوم قد يكون موجوداً منذ فترة ضمن أطر تعاملات الدبلوماسية المصرية، لكنه اليوم بات أكثر وضوحاً، ويحظى بأولوية سواء في علاقات مصر الثنائية او متعددة الأطراف، وايضاً في كافة تحركات وزير الخارجية في الخارج، فأغلب لقاءاته تركز على الشق الاقتصادى، وهو ما يؤكد التغير في المنهجية المصرية، بأعطاء الأولوية العامة للترويج الاستثماري كمهمة أساسية للعمل الدبلوماسي المصري، ويتم ذلك من خلال إعطاء أهمية خاصة للقطاعات الاستراتيجية ذات الأولوية في خطط التنمية الوطنية، وأقرب مثال على ذلك ما أشار إليه الكتاب، حينما قامت الدبلوماسية المصرية بدورها في تنفيذ الاستراتيجية الوطنية الرامية لتحويل مصر إلى مركز إقليمي للطاقة في منطقة الشرق الأوسط، والترويج للإنجازات المصرية في قطاع الطاقة، من خلال بعثاتنا في الخارج والعمل على جذب الاستثمار خاصةً في مشروعات الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر، وكذلك الدفع بالأولويات المصرية في كافة تجمعات الطاقة الإقليمية والدولية وعلى رأسها منتدى غاز شرق المتوسط، والذي مثل تأسيسه وإنجاحه أولوية أساسية للدبلوماسية الاقتصادية المصرية خلال السنوات العشر الماضية.

كما أن الكتاب يشير إلى زاوية أخرى، مرتبطة بقطاع النقل والإمداد اللوجيستي، ومثال على ذلك ما رصدته الدبلوماسية الاقتصادية المصرية لكل أمر يكون له تأثير على الاقتصاد المصرى، منها عملية إطلاق ممر “الهند- الشرق الأوسط- أوروبا IMEC"، التي تم الإعلان عنها عام 2023 على هامش قمة مجموعة العشرين في نيودلهي، حيث أعدت الخارجية المصرية تقييمًا لإمكانيات التعاون المصري والتكامل مع هذا الممر الجديد، وأسفر التحرك الدبلوماسي المصري مع الدول الواقعة على مسار هذا الممر عن تجاوب المسئولين في العديد من هذه الدول مع مقترح ضم مصر للمسار، وتمثل أحدث التطورات في هذا الشأن في زيارة مبعوث الرئيس الفرنسي لممر ال IMEC لمصر خلال الفترة من 16 إلى 20 فبراير 2025، للتعرف على ما تمتلكه مصر من بنية تحتية في مجالات الطاقة/ الموانئ/ الطرق البرية/ السكك الحديد/ كابلات الاتصالات، التي تم تطويرها بشكل غير مسبوق خلال العقد الأخير، بما يزيد من فرص تكاملها مع الممر الجديد.

 

مجموعة العشرين والدفاع عن المصالح

كما أن القاهرة، أتخذت قراراً بالانخراط بقوة في المنظمات والمحافل الاقتصادية متعددة الأطراف دوليًا وإقليميًا، وأهمها مجموعة العشرين التي قامت بدعوة مصر للمشاركة في اجتماعات المجموعة لأول مرة عام ٢٠١٦ خلال الرئاسة الصينية للمجموعة، حيث شارك الرئيس السيسى في قمة سبتمبر 2016 بمدينة هانغتشو بالصين، ومثلت تلك المشاركة، وتوقيتها بشكل خاص، نقطة مفصلية في جني ثمار الجهود المصرية لشرح التطورات التي شهدتها الساحة المصرية بعد ثورة 30 يونيو 2013، والعودة المصرية القوية للعب دورها الاقتصادي والسياسي الريادي على الساحتين الإقليمية والدولية منذ تولي الرئيس السيسى المسئولية. وتكررت دعوة مصر لاجتماعات المجموعة عام 2019 تحت الرئاسة اليابانية بالتزامن مع رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي، وشارك الرئيس السيسى في قمة المجموعة التي استضافتها مدينة أوساكا يومي ٢٨ و ٢٩ يونيو 2019، وبفعل هذه النجاحات للدبلوماسية الاقتصادية المصرية على مستوى القمة، تم توجيه الدعوة لمصر للمشاركة في أعمال مجموعة العشرين خلال السنوات الثلاث الماضية بشكل متتالي، ليصل إجمالي عدد المشاركات المصرية في أعمال المجموعة إلى خمس مشاركات خلال السنوات الثمانية الأخيرة، حيث شاركت مصر أيضًا في أعمال المجموعة تحت الرئاسة الهندية عام ٢٠٢٣، وتحت الرئاسة البرازيلية عام ٢٠٢٤، وتحت الرئاسة الجنوب أفريقية عام ٢٠٢٥، وهو ما يعكس المكانة الذي باتت تحظي بهما مصر بين دول المجموعة، والتقدير لدورها المؤثر والايجابي في اجتماعاتها ومخرجاتها.

 

تجمع البريكس: الإطار الأحدث للتحرك

وكان الانضمام إلى تجمع دول البريكس أحد الأهداف الرئيسية للدبلوماسية المصرية، وبدأت مصر بالمشاركة في قمم صيغة "البريكس بلس" الموسعة ضمت دول البريكس الخمسة "البرازيل وروسيا والصين والهند وجنوب أفريقيا" مع مجموعة من أهم شركاء التجمع الاقتصاديين، بانتظام منذ تدشين هذه الصيغة في قمة بكين في سبتمبر 2017 التي حضرها الرئيس السيسي، وبلغ عدد الدول التي طلبت الانضمام للتجمع أكثر من 30 دولة، إلا أنه تقرر في أول عملية لتوسيع عضوية التجمع منذ عام 2009، توجيه الدعوة لمصر للانضمام إلى البريكس في 2024 ، كتتويج للتحرك الدبلوماسي للتعامل النشط مع التجمع على مدار السنوات السابقة، وفي الوقت الحالي يشكل دول البريكلس 46% من سكان العالم، ويبلغ نصيب دوله أكثر من 36% من الناتج المحلي العالمي، مقدراً بالقوة الشرائية، بما يجعله معادلاً في نصيبه من الناتج العالمي لنصيب دول مجموعة الدول السبع الصناعية مجتمعة.

وشارك الرئيس السيسى في قمة التجمع التي عقدت في مدينة قازان الروسية في أكتوبر 2024 ، للمرة الأولى بعد انضمام مصر كعضو كامل في التجمع. وصدر عن القمة إعلان قازان الذي شاركت مصر في صياغته، ونص على ضرورة إصلاح الهيكل المالي العالمي، وأهمية توفير التمويل الميسر للدول النامية  وخاصة للمساعدة على تحقيق الانتقال العادل للطاقة النظيفة بها، فضلاً عن رفض الممارسات التجارية أحادية الجانب، والتوافق حول الدور الهام لآلية التعاون البنكية بالتجمع والتوسع في توفير التمويل بالعملات المحلية من جانب بنك التنمية الجديد لدول البريكس، والذى سبق ونجحت الدبلوماسية المصرية في ضم مصر لعضويته عام 2023، قبل عام من انضمام مصر إلى عضوية تجمع البريكس نفسه. وتدعم مصر حاليًا التوجه لتسوية المعاملات المالية والتجارية بين أعضاء التجمع بالعملات المحلية.

 

الاتزان الاستراتيجي.. عقيدة رئاسية راسخة

وبخلاف الجانب الاقتصادى المهم للدبلوماسية المصرية، فإن كتاب "الاتزان الاستراتيجي؛ ملامح من السياسة الخارجية المصرية في عشر سنوات" وهو يستعرض المحددات الحاكمة للسياسة الخارجية المصرية وأولوياتها في ضوء المتغيرات الإقليمية والدولية المتسارعة، يؤكد إتباع مصر سياسة خارجية متوازنة تقوم على صون المصالح الوطنية، ورفض الاستقطاب، وتعزيز الاستقرار الإقليمي، والتفاعل النشط مع مختلف الشركاء الإقليميين والدوليين على أسس من الاحترام المتبادل والمنفعة المتبادلة وعدم التدخل في الشئون الداخلية للدول.

والكتاب يستند في فلسفته وقراءته إلى كلمه الرئيس عبد الفتاح السيسى خلال حفل إفطار الأسرة المصرية 6 إبريل 2024، والتي أرسى خلالها مبدأ الاتزان الاستراتيجي، بقوله "الاستمرار في سياسات الاتزان الاستراتيجي التي تنتهجها الدولة المصرية تجاه القضايا الدولية والإقليمية، والتي تحددها محددات وطنية واضحة في مقدمتها مراعاة أبعاد الأمن القومي المصري والسعي لإقرار السلام الشامل القائم على العدل، ودعم مؤسسات الدول الوطنية واحترام إرادة الشعوب".

وعلى مدار اكثر من 10 سنوات، تمارس الدولة المصرية سياسة خارجية متزنة، تقوم على الانفتاح على جميع الأطراف الدولية والإقليمية، إنطلاقا من الندية السياسية، وتحقيق مصالح مشتركة، وليس الانقياد أو التبعية، وهو ما عرف بمبدأ الاتزان الاستراتيجي، الذى انعكس في عدد من التوجهات والأولويات، تنطلق جميعها من بوصلة المصلحة الوطنية المصرية، والتزمت بها سياسة مصر الخارجية.

والحقيقة أن عقيدة "الاتزان الاستراتيجي" اتاحت المحافظة على ثوابت السياسة الخارجية المصرية التقليدية، وفي القلب منها العمل على تحقيق أهداف السلام والاستقرار الإقليمي والتنمية. وانعكس ذلك على سبيل المثال في استمرار الريادة المصرية لجهود حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، خاصة في أعقاب العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة، وإعداد تصور أصبح اليوم موضع توافق إقليمي ودولي لإعادة إعمار غزة، وإنهاء العدوان عليها، وإعادة الزخم لمبدأ حل الدولتين وحق الشعب الفلسطيني في الاستقلال وإقامة دولته على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

وعلى مستوى النظام الدولي، أظهرت السياسة الخارجية المصرية أيضاً تمسكاً بثوابتها التاريخية في الدعوة لنظام دولي متعدد الأطراف قائم على احترام قواعد القانون الدولي، مع إبداء المرونة في التعامل مع التحديات الجديدة، سواء من خلال لعب دور قيادي في بلورة موقف دولي من ظاهرة الإرهاب وتبني مقاربة شاملة لمكافحته تتجاوز التصورات الأمنية التقليدية لتتعامل معه كتحد شامل يهدد الحضارة الإنسانية ويجب معالجته وتجفيف جذوره المالية والأيدولوجية بنفس الحسم الذي تتم به المواجهة الأمنية والعسكرية معه، أو من خلال مواجهة التحديات الاقتصادية والبيئية الجديدة للنظام الدولي، وطرح تصورات متماسكة، بالتنسيق مع الدول متشابهة التفكير- لبناء بيئة دولية أكثر تمكينا لجهود التنمية وتحقيقاً للعدالة الاقتصادية والمناخية والاجتماعية على مستوى النظام الدولي ككل، وبشكل يربط بوضوح تام بين قضايا التنمية الاقتصادية والعدالة البيئية والاستقرار السياسي.

 

المرونة الاستراتيجية

ووفق الكتاب الأبيض، يقوم جوهر "الاتزان الاستراتيجي"، على اتباع سياسة خارجية مستقلة ترفض الانخراط في أي شكل من الاستقطاب الدولي، وتمتلك من المرونة الاستراتيجية ما يتيح لها القدرة على التعاون مع كل الأطراف الإقليمية والدولية، انطلاقا من اعتبارات المصلحة الوطنية/ وتحت هذا المبدأ حددت القاهرة توجهاتها، ومبادئها التي يقوم عليها "الاتزان الاستراتيجي" وهى كما جاءت في الكتاب:

أولاً: احترام الدولة الوطنية، باعتبارها الوحدة الأساسية وحجر الزاوية في النظام الإقليمي والدولي، ويرتبط بذلك احترام سيادة الدول الأخرى، وعدم التدخل في شئونها، والتأكيد على أن إضعاف مؤسسات الدولة أو تهديدها يؤدي إلى عدم استقرار العلاقات بين الدول، ويزيد من فُرص الاضطراب والفوضى، وزيادة دور الكيانات المنظمة من غير الدولة كالتنظيمات والميليشيات العسكرية.

ثانياً: الالتزام برفض الانخراط في مختلف مظاهر الاستقطاب الدولي، وعدم الدخول في أحلاف مع أحد الأطراف ضد أخرى.

ثالثاً: تحقيق السلام في العلاقات الدولية، وفقاً لأحكام القانون الدولي ومبادئ وأهداف ميثاق هيئة الأمم المتحدة، ويشمل هذا الهدف التمسك بمبدأ فض المنازعات بالطرق السلمية وفقاً لقرارات الشرعية الدولية؟

رابعاً: الالتزام بالحفاظ على النظام الدولي متعدد الأطراف، وفى قلبه الأمم المتحدة وأجهزتها، باعتباره الركيزة الأساسية للحفاظ على مكتسبات السلام والاستقرار والتنمية، والضمانة القوية لحفظ الأمن والسلم الدوليين، مع العمل في الوقت نفسه على تطوير وتحديث هذا النظام.

خامساً: الالتزام بمبدأ مكافحة الإرهاب في كل صوره وأشكاله، كونه يمثل تهديداً للدولة الوطنية ومؤسساتها وأمنها، ومصدراً لإثارة مشاعر الخوف وانعدام الأمن في المُجتمع، وزعزعة العلاقات الودية بين الدول، وهنا دعت مصر إلى ضرورة تبني المجتمع الدولي مقاربة شاملة لمواجهة الإرهاب في كافة صوره ومظاهره وأشكاله، وتقويض قدراته وتجفيف منابع تمويله. ويرتبط بذلك، السياسات الصارمة التي اتبعتها مصر لمكافحة الهجرة غير الشرعية، والإتجار بالبشر، وإيجاد أطر شرعية لتنظيم الهجرة، وقد أشار الرئيس السيسى أكثر من مرة إلى أن "مواجهة خطر الإرهاب واستئصاله من جذوره تتطلب إلى جانب الإجراءات الأمنية والعسكرية مقاربة شاملة تتضمن الأبعاد السياسية والأيديولوجية والتنموية"، مؤكداً أيضاً "أن المواجهة الشاملة مع الإرهاب تعني بالضرورة مواجهة كافة أبعاد ظاهرة الإرهاب فيما يتصل بالتمويل والتسليح والدعم السياسي والأيديولوجي، فالإرهابي ليس فقط من يحمل السلاح وإنما أيضاً من يدربه ويموله ويسلحه ويوفر له الغطاء السياسي والأيديولوجي".

سادساً: إدارة العلاقات الاقتصادية بين الدول بهدف تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة في العالم، من خلال إدارة علاقات اقتصادية قائمة على توازن المصالح وتحقيق الفائدة للجميع.

سابعاً: الاهتمام بالمصريين في الخارج ورعاية مصالحهم.

هذه هى المبادئ التي يقوم عليها عقيدة "الاتزان الاستراتيجي"، وهذه العقيدة كانت ضرورية، وفقاً لما رأته القيادة السياسية بعد الاضطراب السياسي والأمني الذى شهدته المنطقة وفى القلب منها مصر بعد أحداث 2011، حيث رتبت هذه الحالة غير المسبوقة من عدم الاستقرار أولويات السياسة الخارجية المصرية تجاه محيطها العربي، تحديداً بعد أن استعادت السياسة الخارجية زمام المبادرة وحركتها النشطة في أعقاب ثورة 30 يونيو 2013.