النفوذ الإيراني في بغداد على المحك! - وضوح نيوز

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
النفوذ الإيراني في بغداد على المحك! - وضوح نيوز, اليوم الاثنين 29 ديسمبر 2025 10:30 صباحاً

د. عاصم عبد الرحمن

 

 

في أسبوع حاسم يضع مستقبل العراق على المحك، تحولت مفاوضات تشكيل الحكومة العراقية الجديدة إلى ساحة مواجهة مفتوحة بين إرادة الدولة ومنطق الميليشيات. فبعد مرور أكثر من شهر على الانتخابات البرلمانية (التي أجريت في تشرين الثاني\نوفمبر2025)، لم يعد السؤال "من هو رئيس الوزراء القادم؟" بل "هل سيبقى السلاح بيد وكلاء طهران؟". الأحداث المتسارعة في الأيام السبعة الماضية كشفت عن تصدّع غير مسبوق في جدار النفوذ الإيراني، ما يؤشر إلى مرحلة جديدة قد تكون بداية النهاية لمشروع ولاية الفقيه في بلاد الرافدين.

MARDWN_181808_large_093736.webp

إنذار "سافايا" والزلزال السياسي
شهد الأسبوع الماضي تحولاً دراماتيكياً مع دخول العامل الدولي بقوة على خط الأزمة. التصريحات النارية التي أطلقها مبعوث الرئيس الأميركي، "سافايا"، في 22 كانون الأول\ديسمبر الحالي، قلبت الطاولة على رؤوس قادة الإطار التنسيقي. رسالة واشنطن كانت واضحة ولا تقبل التأويل: "بيانات النيات لا تكفي... نزع السلاح يجب أن يكون شاملاً وغير قابل للتراجع".

هذا الموقف الصارم وضع القوى السياسية العراقية أمام خيارين لا ثالث لهما: إما الذهاب نحو دولة ذات سيادة، وإما البقاء في دوامة العزلة الدولية والعقوبات. الضغط الأميركي المتزامن مع تحذيرات إسرائيلية جدية باستهداف مخازن السلاح، أجبر قادة الميليشيات على البحث عن طوق نجاة، حتى لو كان ذلك على حساب الولاء العقائدي لطهران.

تصدع "البيت الولائي"... الانقسام يضرب الوكلاء
لأول مرة منذ سنوات، تظهر تشققات عميقة داخل ما يسمى "محور المقاومة" في العراق. مصادر مطلعة من داخل الغرف المغلقة في بغداد (بحسب تقارير "وان نيوز" ووكالات محلية) أكدت وجود انقسام حاد بين الفصائل:
1. جناح البراغماتية السياسية: يضم فصائل تسعى للحفاظ على مكاسبها السياسية والاقتصادية، وأبدت استعداداً "ظاهرياً" لتسليم السلاح للدولة أو دمجه تحت مظلة المؤسسات الرسمية لتجنب الاستهداف.
2. جناح التشدد العقائدي: تقوده ميليشيات مثل "كتائب حزب الله"، التي رفضت أي حديث عن نزع السلاح واشترطت انسحاباً أميركياً كاملاً، معتبرة أن أي تنازل هو خيانة للمشروع الإيراني.

هذا التشرذم ليس مجرد خلاف تكتيكي، بل هو انعكاس مباشر لحالة الضعف التي يعاني منها "الرأس المدبر" في طهران. فالنظام الإيراني، الذي اعتاد إدارة المشهد العراقي بإشارة إصبع، يقف اليوم عاجزاً عن توحيد صفوف وكلائه.

ذعر في طهران.. فقدان العمق الاستراتيجي
من منظور المقاومة الإيرانية، ما يجري في بغداد هو ارتداد طبيعي للأزمات الخانقة التي تحاصر نظام الملالي في طهران. التقارير الواردة تشير إلى غضب إيراني عارم من رضوخ بعض الفصائل للضغوط الأميركية. طهران ترى في نزع سلاح الميليشيات تجريداً لها من أهم أوراق الضغط الإقليمي، وقطعاً لشريان حيوي يمدّها بالنفوذ والعملة الصعبة.

محاولات النظام الإيراني التدخل وفرض "رئيس وزراء تسوية" يحمي سلاح الميليشيات، اصطدمت هذه المرة بجدار صلب من الرفض الشعبي والدولي. الضعف الداخلي للنظام، المتزامن مع تصاعد الاحتجاجات في المدن الإيرانية وتدهور الوضع الاقتصادي، جعل قدرته على المناورة في الملف العراقي محدودة للغاية مقارنة بالسنوات السابقة.

السيناريوهات القادمة
نحن أمام أيام حاسمة ستحدد وجه العراق لسنوات قادمة. محاولات الميليشيات المناورة عبر "إعادة التموضع" أو تغيير المسميات لن تنطلي على المجتمع الدولي ولا على الشارع العراقي المنتفض.
المعركة الآن انتقلت من صناديق الاقتراع إلى مخازن السلاح. وأي حكومة قادمة ستولد من رحم هذه الأزمة ستكون محكومة بمعيار واحد: قدرتها على تنفيذ قرار "حصر السلاح بيد الدولة" فعلياً لا صورياً.

إن تراجع النفوذ الإيراني في العراق ليس مجرد خسارة سياسية لطهران، بل هو مؤشر استراتيجي على تآكل مشروع التوسع الخميني في المنطقة برمتها، مما يعزز فرص الشعب الإيراني ومقاومته المنظمة في الداخل لإسقاط رأس الأفعى.