الساحل السوري على مفترق طرق: بين الاندماج ومشاريع التقسيم... ما هي أفضل الحلول؟ - وضوح نيوز

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الساحل السوري على مفترق طرق: بين الاندماج ومشاريع التقسيم... ما هي أفضل الحلول؟ - وضوح نيوز, اليوم الأربعاء 31 ديسمبر 2025 07:30 صباحاً

يغلي الساحل السوري على صفيح ساخن، قد يكون أكثر الجبهات السورية الداخلية حماوة مقارنة بالسويداء ومناطق الشمال الشرقي في الوقت الحالي. شهد الشهر الأخير أكثر تظاهرتين واسعتين أنذرتا باشتباك دموي واسع بين العلويين والسلطات السورية، لكن فارق الإمكانات العسكرية الذي ظهر بشكل واضح خلال اشتباك آذار/مارس الماضي ردع تفاقم الأمور .

إلّا أن ما يجري في الساحل اتخذ منحىً تصاعدياً. ففي التظاهرة الأولى التي حصلت قبل أسابيع، لم يسجّل قتلى، أما تظاهرة الأحد الفائت، فكانت أكثر دمويّة وسقط ضحايا من الطرفين. ووفق المشهدية الحالية، لا يبدو أن سيناريوات التهدئة والحلول السياسية مطروحة في الساحل، بل إن مزيد من العنف مرتقب لجملة من العوامل.

تأثّر العلويون بالحالات التقسيمية والانفصالية التي تصدّرت المشهدين في الشمال الشرقي السوري والسويداء، خصوصاً بعد حوادث آذار، وخلال التظاهرات الأخيرة، رفعوا شعارات تطالب بالفيدرالية، كغطاء للحكم ذاتي. ويضاف إلى هذا الواقع التقارير التي تتحدّث عن تمويل رجل الأعمال رامي مخلوف مسلحين في الساحل والدفع لعائلات لاستقطابها، مقدمة لمشروع سياسي.

تقارير أخرى تتحدّث عن ظروف اقتصادية تبدّلت في الساحل السوري بعد سقوط نظام بشّار الأسد، ساهمت في تعميق الشرخ وخلق شعور بالانفصال عن الدولة بدل الاندماج. هذه التقارير تشير إلى وقف السلطات السورية رواتب العديد من الموظفين والعسكريين والمتقاعدين العلويين الذين كانوا يتبعون للأسد وحكومته. وبالتالي، فإن حالة الفقر التي تصاعدت أدّت الى تعميق الأزمة. 

باب نحو التقسيم؟
ترفض السلطات السورية مبدأ التقسيم بشكل تام، وتراهن على الوقت والمتغيرات الإقليمية في المنطقة لإبعاد مشاريع تقسيم سوريا. القضية عبارة عن شبكة مترابطة، فالرغبات التقسيمية الداخلية تترافق مع مشاريع إسرائيلية مماثلة هدفها تفتيت محيطها العربي الى دويلات مذهبية ودعم الحركات الانفصالية. ترتيب العلاقات السورية – الإسرائيلية قد يشكّل مخرجاً للستاتيكو الحالي.

لكن فرضية المشاريع التقسيمية الإسرائيلية ليست حتمية ونهائية وفق ما يرى الأستاذ الجامعي محمد عبدالله الأحمد، وإن كانت قديمة تعود إلى عصر بن غوريون. وبتقديره، فإن "ماكينة التفكير" الإسرائيلية "منقسمة" إلى أكثر من رأي، واحد يريد التقسيم وتحويل المنطقة إلى دويلات مذهبية، وآخر يتخوّف من الفوضى والحروب المستمرّة التي يخلّفها التقسيم.

على مقلب الولايات المتحدة، فإن المبعوث الأميركي توم براك كان واضحاً برفض تقسيم سوريا ودعم النظام المركزي، ونقل مصدران عن براك وفريقه أن الولايات المتحدة لا تريد عودة إيران إلى سوريا من بوابة التقسيم والدويلة العلوية. وترصد واشنطن دوراً اقتصادياً كبيراً لدمشق في مستقبل الإقليم، وذلك يستوجب منفذاً بحرياً يكون من خلال الساحل السوري.

الأحمد يقارب قضية التقسيم من زاوية أخرى، ويقول لـ"النهار" إن سوريا "لا يمكن تقسيمها"، والسلسلة الاقتصادية مترابطة من الشرق إلى الغرب، ففي الحسكة ودير الزور أبار نفط، وفي حلب مصانع، وفي إدلب زراعة، وفي الساحل منافذ على البحر، لكن الفيدرالية أو اللامركزية الإدارية مع هامش عمل سياسي "ليس عميقاً ولا يهدد وحدة سوريا" قد تكون حلاً.

تحقيق الاندماج
عودة الساحل إلى كنف الدولة السورية تستوجب العمل على أكثر من مستوى. المستوى الأول يكون بتحقيق الشراكة الحقيقية، أي إشراك العلويين بالحياة السياسية والاقتصادية والمؤسساتية، في مقابل ابتعادهم عن المشاريع الانفصالية. المستوى الثاني هو دعم الساحل اقتصادياً لتفادي اتجاههم نحو التمويل الخارجي من مخلوف وغيره. والمستوى الثالث يقضي بالعدالة بعد الحوادث الدموية المتكرّرة.

الأحمد يتحدّث عن حلول مقترحة، أولها "مشروع متكامل مبني على أساس عقد اجتماعي قائم على نهج رضائي"، بمعنى أن تكون الأطراف في الداخل السوري راضية عن مساره، ويستتبع ذلك بإشراك هذه المكوّنات في الحياة السياسية "على أساس دستوري منظّم"، وإنشاء فرق شرطة محلية في المحافظات خاضعة لوزارة الداخلية إلى جانب الشرطة العامة بمستوى تسليحي محدّد لا تهدّد بالتقسيم.

في المحصّلة، فإن الساحل السوري جزء من الموازييك العام مع الجنوب والشمال الشرقي، ويحتاج إلى حلول جذرية سياسية تنهي حالة الشرخ الموجودة مع المركز، أي دمشق. هذه الحلول تبدأ من خلال تعزيز مشاركة المكوّن العلوي بالتوازي مع مواجهة مشروع مخلوف، وما كشفته صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية عن حركة جنرالات الأسد السابقين.

 

تظاهرات الساحل السوري.

تظاهرات الساحل السوري.