الفوضى الدولية... نعمة أم نقمة للقوى المتوسطة؟ - وضوح نيوز

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الفوضى الدولية... نعمة أم نقمة للقوى المتوسطة؟ - وضوح نيوز, اليوم الأربعاء 31 ديسمبر 2025 07:30 صباحاً

 

اللعبة سهلة. أو هكذا يُفترض أن تكون.

 

في عالم يحكمه قطبان، بإمكان الدول غير المنتمية إلى أيّ من المعسكرين، وفي طليعتها الدول المتوسطة القوة، اختيار التحالف "على القطعة": تتعاون تارة مع القطب الأول وتارة مع الثاني، بناء على ما يناسب اللحظة والحاجة.

 

تعبّر عن هذا التأرجح كلمة رائجة هي "التحوّط". يساعد التحوّط أصحابه على ضرب عصفورين بحجر واحد: تفادي الخسارة الكاملة في حالة تراجع أحد القطبين، وكذلك تسابقهما إلى كسب ودّ المتحوّطين. تنتهي السهولة النظرية عند هذا الحد. 

 

حقبة جديدة

يعتقد البعض أن العالم دخل حقبة التعددية القطبية. والمخاوف منها كانت واضحة من خلال تحليل لأليك راسل نشرته "فايننشال تايمز" مؤخراً. قال مسؤول سابق من جنوب شرق آسيا: "بينما أردنا حصول هذا الانتقال، اعتقدنا أنه (سيحدث بطريقة) تدريجية وطبيعية". وبحسب وزير التجارة الماليزي السابق تنغكو ظفرول عزيز، إن "التعددية في عالم متعدد الأقطاب لن تكون سهلة".

 

جانب من افتتاح قمة مجموعة العشرين الأخيرة (أ ب)

جانب من افتتاح قمة مجموعة العشرين الأخيرة (أ ب)

 

تقوم نظرية راسل على واقع أن الولايات المتحدة لا تتراجع لأسباب بنيوية، وإنما إرادية.

 

لكن لهذا تحديداً، قد لا يصعب إيجاد بعض المكابح لهذه المخاوف. إذا كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب يدفع باتجاه التراجع الأميركي، فمن المحتمل أن يكون خليفته رئيساً أكثر إيماناً بالانخراط الدولي. مع ذلك، لن يتعجب أحد إذا لم ترد الدول الرهان على هذا الاحتمال، لأن فشله ليس بلا أكلاف.

 

لا تستعجلوا

اعتبار أن العالم متعدد الأقطاب هو مجرد "سراب" كما كتبت جنيفر ليند من دارتموث كوليدج في "فورين أفيرز". بحسب مقاييسها، ومن ضمنها الناتج القومي والناتج القومي المضروب بالناتج المحلي الإجمالي للفرد، لا يزال العالم بقطبية ثنائية. من آثار هذا النظام أن القوى القريبة جغرافياً من القطبين ستُجبَر على الاختيار "بشكل صحيح" تحت طائلة مواجهة التداعيات.

 

الرئيسان ترامب وشي في قمة

الرئيسان ترامب وشي في قمة

 

بناء على هذا التحليل، لن تكون كل القوى المتوسطة أمام الشدة نفسها من التحديات. دول مجلس التعاون الخليجي، وفي مقدمها المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر، محمية ببعدها الجغرافي من التوسع الشرس للقطبين في جوارهما. هذا إلى جانب الاستراتيجيات التي مكّنتها من جذب اهتمام الجبارين وغيرهما من القوى البارزة. لا يمكن قول الأمر نفسه عن الدول الواقعة في شرق آسيا أو في القارة الأميركية.

 

"اختفاء"

تبدو الأمور صعبة حتى بالنسبة إلى قوى غربية كبيرة سابقة مثل الدنمارك. فالعين الأميركية لا تزال على غرينلاند. وليس الأمر أسهل على قوة آسيوية صاعدة ونشطة كالهند. بعد الرسوم الأميركية الأخيرة على شراء الهند النفط الروسي، بدا التحوّط الهندي عبر إعادة التقارب مع الصين جهداً مضنياً لرئيس الوزراء ناريندرا مودي.

 

لا يمنع كل ذلك حصول "طلب متزايد" على القوى المتوسطة في عالم يزداد تشظّياً، بحسب تعبير الأستاذ المشارك في جامعة وبستر الجورجية إيراكلي شافاخيشفيلي.

 

مع ذلك، العقبة مزدوجة. ليست القوى المتوسطة كتلة متجانسة، وثمة علامات استفهام حول فاعليتها في ظروف محددة. فهل أمكن كازاخستان مثلاً الحفاظ على سياستها الخارجية المتعددة التوجهات لو قُدّر لروسيا الانتصار في أوكرانيا؟

 

تحدث باري پوزن من "معهد ماساشوستس للتكنولوجيا" عن "اختفاء" الدول-الطرفية في عالم ثنائي الأقطاب. لكنّ عالماً يختلف مراقبوه بشأن عدد أقطابه، بين من يؤكد الأحادية والثنائية والتعددية، هو عالم فوضوي في الغالب. لذلك، ثمة خطر أيضاً في "اختفاء" ديبلوماسية الدول المتوسطة، ولو الطوعي، في عالم كهذا.