نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
بين صلاة الرجاء وواقع الانقسام - وضوح نيوز, اليوم الخميس 4 ديسمبر 2025 11:15 صباحاً
ماريا السكاف
اجتمعنا جميعاً في لحظةٍ نادرة، كأن الزمن قرر أن يهدأ قليلاً كي يترك للبنان فرصة يلتقط فيها أنفاسه. استقبلنا الحبر الأعظم بقلوب مفتوحة، وصلينا معه بخشوعٍ جمع بين رجاء المتعبين وآمال الذين لا يزالون يحلمون رغم كل شيء. رحل بابا السلام بعد زيارةٍ انتظرناها طويلًا… لكن بقي سؤال واحد يرن في كل زاوية من هذا الوطن: هل رحل السلام معه؟
رأينا مشهداً يشبه لبنان الذي نحلم به: مواطنون من مختلف الطوائف، سياسيون، رؤساء أحزاب، عائلات وأطفال… كلهم جنباً الى جنب بلا حواجز، مشهد بسيط إلا أنه نادر.
لبنان، هذا البلد الذي نتباهى به على أنه "وطن التعايش" ويظهر دائماً واحة تنسجم فيها الأديان وتلتقي فيها الطوائف، لكن الحقيقة المؤلمة أنّه غالباً ما يمثّل هذه الصورة أكثر مما يعيشها. نقول إننا بلد الوحدة، لكننا لا نتصرّف دائماً كمن يستحق هذا اللقب. نجيد الاحتفال بالصيغة اللبنانية في المناسبات، لكننا نسهو عن ممارستها في الحياة اليومية، وكأننا نحفظ النص ولا نعرف كيف نؤدي الدور.

ذرفنا دموعاً مختلطة: دموع فرح بزيارةٍ طال انتظارها، ودموع حزن على وطنٍ لا يزال يبحث عن نفسه. رفعنا رؤوسنا نحو السماء، شاكرين لحظةً منحتنا قليلاً من الرجاء. ترددت كلمة "السلام" مرات عدة على ألسنة الأطفال، والعجَزة، وضحايا 4 آب، والمواطنين جميعاً الذين يحملون جروح هذا البلد في صدورهم. لكن… هل هناك من يسمع حقاً؟ هل يصل صدى هذه الصلوات إلى حيث يجب أن يصل؟ أم أنّ السلام بالنسبة الى لبنان يبقى زيارة عابرة، لا مقيما فيه؟
كانت هذه الزيارة فرصة… فرصة لرفع أصواتنا عالياً، لنظهر للبابا وللعالم أنّ هذا الشعب يستحق حياةً أفضل، وأنه لم يتعب من المطالبة بحقه حتى وسط طمأنينة بسيطة. ونتمنى، نتمنى لو تتوقف الأحزان عن الهطول فوق بلد أصبح يشبه شجرة أرز لم تعد تتحمل المزيد من العواصف على رغم شموخها وصلابتها.
نتمنّى صباحًا، نستيقظ فيه على خبرٍ واحد فحسب: أنّ السلام الذي صلينا لأجله لم يغدُ أمنية… بل صار واقعاً حيّاً.