بعد السخرية من "وجهه المنفوخ"... بوتين يطلب التحقق من التسجيلات المسرّبة لبشار الأسد؟ النهار تتحقق FactCheck - وضوح نيوز

المتداول: تصريح منسوب الى المتحدث باسم الكرملين جاء فيه ان "الرئيس الروسي فلاديمير بوتين طلب شخصياً التحقّق من صحة الفيديو الذي ظهر فيه الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد ومستشارته السابقة لونا الشبل وهما يتحدثان عن خضوعه لعمليات تجميل"، معتبراً ان هذا "الحديث المسرّب يعتبر إهانة مباشرة لبوتين". 

الحقيقة: لا دليل على صحة هذا التصريح. ومصدره صفحة في الفايسبوك تُعرَف بنشرها أخباراً كاذبة وتصريحات خيالية. وقد نشرته أمس الاثنين 8 كانون الاول 2025. FactCheck#

"النّهار" دقّقت من أجلكم 

خلال الساعات الماضية، تكثف التشارك في خبر جاء فيه: "الكرملين: بوتين طلب شخصياً التحقق من تسريب حديث الاسد عن عمليات التجميل". وفي تفاصيله ان "المتحدث باسم الكرملين قال إنه يجري العمل  حالياً على التحقق من صحة الفيديو الذي يظهر فيه بشار الأسد ولونا الشبل وهما يتحدثان عن أنّ الرئيس بوتين يخضع لعمليات تجميل، مؤكداً أن هذا الإجراء يجري بطلب مباشر من الرئيس بوتين، لأن الحديث المسرب يُعدّ إهانة مباشرة لرئيس دولة بحجم فلاديمير بوتين". وحصد الخبر مئات التعليقات واللايكات. 

تسريبات حصرية لـ"العربية" تكشف أحاديث بين الأسد ولونا الشبل

جاء انتشار الخبر عقب نشر قناة "العربية/الحدث"، في 6 كانون الاول 2025، تسجيلات مصورة حصرية تجمع الرئيس السوري السابق بشار الأسد ومستشارته السابقة لونا الشبل، وتتضمن أحاديث خاصة تكشف مواقف حادة وسخرية من جهات ووقائع داخل الساحة السورية.

وأفادت مصادر "العربية/الحدث"، أن أمجد عيسى معاون لونا الشبل كان بالسيارة مع الأسد أثناء التسجيلات المسربة.

وظهر الأسد في أحد المقاطع وهو يوجه شتائم حادة متعلقة بالغوطة قائلا: "يلعن أبو الغوطة"، بينما تكشف لقطات أخرى حواراً بينه وبين لونا الشبل تتحدث خلاله عن "تباهي حزب الله بقدراته"، قبل أن تضيف: "والآن لم نسمع له صوتاً".

كذلك تتضمن التسجيلات مشاهد يسخر فيها الأسد ولونا الشبل من جنود سوريين ظهروا وهم يقبّلون يد الأسد خلال لقاءات سابقة. ووجّها ايضا سخرية لاذعة تجاه الشرطة السورية ووزير الداخلية، وقالت مستشارته "شو مبسوط وزير الداخلية بالشرطة تبعه وكل شوية ينزلوله خبر على الفيس". ونُقل عن الأسد قوله في حديث عن وضع سوريا: "لا أشعر بالخجل فقط بل بالقرف".

وظهر الأسد في احد التسجيلات متناولا وجه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. فلما قالت له الشبل: "شفت بوتين كيف نافخ؟"، أجاب: "كل هذا عمليات". وردت الشبل: "كل هذا عمليات، عمره 65 سنة. هذا الفيلم فاضحو كثير". 

ولكن هل صدر رد من الكرملين على "سخرية" الاسد من وجه بوتين؟ 

كلا.

فالبحث عن التصريح المنسوب الى الكرملين والمتحدث باسمه، بواسطة كلمات مفاتيح بالعربية والانكليزية والروسية، يعطي نتيجة واحدة: لا أثر له في الانترنت، ولم تنشره وكالات الانباء العالمية، لا سيما الروسية، او المواقع الاخبارية الجدية ذات ثقة.

في الواقع، ينحصر انتشار الخبر في وسائل التواصل الاجتماعي، بما ينذر بخطر التضليل. كلام روسي بهذه الاهمية، لو كان حقيقياً، لما أغفلته المؤسسات الاعلامية. 

وبالتعمّق في البحث، نقع على مصدر الخبر، صفحة سوريا الغد (Coorba.jo@) في الفايسبوك، والتي نشرته في 8 كانون الاول 2025. وتُعرف هذه الصفحة بمحتواها المضلل، المختلق، وسبق ان نشرت "النهار" مقالات تدقيق في اخبارها الكاذبة. 

الخبر الخاطئ المنشور في صفحة سوريا الغد في الفايسبوك، في 8 كانون الاول 2025

أقسى ما عاشه بشار الأسد بعد السقوط هو سحب تمثال والده في شوارع سوريا؟ النهار تتحقق FactCheck

الرئيس الإيراني غاضب لأن الشعب السوري ناكر للمعروف؟ النهار تتحقق FactCheck

وفي وقت لاحق، عمدت الصفحة الى اختلاق تصريح آخر منسوب الى "المتحدث باسم الكرملين"، جاء فيه أن "روسيا لا يمكنها إدانة بشار الأسد أو التعليق رسمياً على المقاطع المسربة التي تظهره يتحدث مع لونا الشبل، قبل التأكد من صحتها بشكل دقيق".

التصريح منشور في صفحة سوريا الغد في الفايسبوك، في 8 كانون الاول 2025

وقد فرّ بشار الأسد، الذي كان حليفا رئيسيا لروسيا في الشرق الأوسط، إلى موسكو، بعدما أطاحه هجوم خاطف لفصائل معارضة، بقيادة هيئة تحرير الشام، في 8 كانون الاول 2024، أنهى خمسة عقود من حكم عائلته. 

وكشف تحقيق نشرته وكالة "رويترز" في 5 كانون الاول 2025 أن اثنين كانا ذات يوم من أقرب رجال بشار الأسد وفرا من سوريا بعد سقوطه، ينفقان ملايين الدولارات على عشرات الآلاف من المقاتلين المحتملين، أملا في إشعال انتفاضتين ضد الحكومة الجديدة واستعادة بعض ما فقدوه من نفوذ.

وقال أربعة أشخاص مقربين من العائلة إن الأسد، الذي فر إلى روسيا في كانون الأول 2024، استسلم إلى حد كبير لفكرة العيش في المنفى بموسكو. لكن شخصيات بارزة أخرى في دائرته المقربة بينهم شقيقه لم تتقبل فكرة فقدان السلطة.

ووجدت "رويترز" أن اثنين كانا من أقرب رجال الأسد، وهما اللواء كمال حسن وابن خاله الملياردير رامي مخلوف، يحاولان تشكيل ميليشيات في الساحل السوري ولبنان تضم أفرادا من الطائفة العلوية التي تنتمي لها عائلة الأسد. ويمول الرجلان وفصائل أخرى تتنافس على النفوذ أكثر من 50 ألف مقاتل أملا في كسب ولائهم.

وقال الأشخاص الأربعة إن ماهر شقيق الأسد، المقيم أيضا في موسكو، والذي لا يزال يحتفظ بولاء آلاف الجنود السابقين، لم يقدم بعد أموالا أو يوجه أي أوامر.

ويسعى حسن ومخلوف حثيثا للسيطرة على شبكة من 14 غرفة قيادة تحت الأرض شُيدت عند الساحل السوري قرب نهاية حكم الأسد، بالإضافة إلى مخابئ أسلحة. وأكد ضابطان ومحافظ إحدى المحافظات السورية وجود غرف القيادة السرية التي تظهر تفاصيلها في صور اطلعت عليها رويترز.

يواصل حسن، رئيس المخابرات العسكرية في عهد بشار الأسد، بلا كلل إجراء مكالمات هاتفية وإرسال رسائل صوتية إلى قيادات ومستشارين يعبر فيها بغضب شديد عن فقدان نفوذه ويرسم رؤى طموحة للطريقة التي سيحكم بها الساحل السوري موطن غالبية السكان العلويين وقاعدة نفوذ الأسد السابقة.

تقييمنا النهائي: اذاً، ليس صحيحاً أن "الكرملين قال إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين طلب شخصياً التحقّق من صحة الفيديو الذي ظهر فيه بشار الأسد ومستشارته السابقة لونا الشبل وهما يتحدثان عن خضوعه لعمليات تجميل"، معتبراً ان هذا "الحديث المسرّب إهانة مباشرة لبوتين". في الحقيقة، لا دليل على صحة هذا التصريح. ومصدره صفحة "سوريا الغد" في الفايسبوك، المعروفة بمحتواها المضلل والمختلق، ونشرته في 8 كانون الاول 2025.