نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الخليج يعيد رسم خريطة الاقتصاد العالمي… ما الذي يكشفه حفاظ الاقتصاد الخليجي على المركز العاشر عالميًا؟ - وضوح نيوز, اليوم الأربعاء 10 ديسمبر 2025 09:15 صباحاً
إن بقاء دول الخليج في المرتبة العاشرة ضمن أكبر اقتصادات العالم، خلال 2025، يعكس حالة من الثبات النادر في منطقة تُعرف بتقلباتها الارتباطية بأسعار النفط. هذا الاستقرار لا يُقرأ بوصفه مجرد رقم، بل كإشارة إلى انتقال اقتصادي من الاعتماد الآحادي إلى بنية أوسع وأكثر توازنًا. فقد أسهمت برامج التحوّل والتنويع، وتطوير بيئة الأعمال، وجذب الاستثمارات عالية القيمة، في خلق اقتصاد أكثر متانة وقدرة على الاستجابة للأزمات. والمثير أن هذه المرتبة تأتي بعد سنوات قليلة فقط من تراجع نسبي في 2023، ما يؤكد أن الاقتصادات الخليجية تسير في مسار تصاعدي طويل الأمد، تدفعه قدرة واضحة على إعادة التموضع في الاقتصاد العالمي.
كيف تبدو التوقعات الاقتصادية لدول الخليج في عام 2025؟
التقديرات التي تشير إلى وصول الناتج الخليجي إلى 2.37 تريليون دولار لا تعكس فقط قيمة مالية، بل وزنًا سياسيًا واقتصاديًا متزايدًا. فدول الخليج باتت تستثمر بقوة في قطاعات ذات مستقبل واعد: المدن الذكية، الطاقة المستدامة، التقنيات الرقمية، سلاسل التوريد المتقدمة، وصناعات الطيران والخدمات الحديثة. وهذا التحول العميق يمنح المنطقة قابلية للنمو حتى في الظروف غير المثالية. كما أن ضبط السياسات المالية، وإدارة الفوائض بكفاءة، وتطوير أسواق رأس المال، كلها عوامل تعزز قدرة دول الخليج على الصمود في بيئة مالية عالمية تتسم بالتشدد النقدي والتذبذب.
كيف يتأثر الاقتصاد الخليجي بالتناغم مع الاقتصاد العالمي؟
الاقتصاد الخليجي جزء من شبكة عالمية مترابطة تتأثر فيها الدول بعوامل مشتركة من تباطؤ التجارة الدولية إلى تغيرات أسعار الفائدة. لكن خصوصية الخليج تكمن في قدرته على الاستفادة من كل دورة اقتصادية تقريبًا. ففي فترات توسّع الاقتصاد العالمي، ترتفع حركة الشحن والتصدير وتتعزز الاستثمارات الأجنبية المباشرة. وفي أوقات التباطؤ، تستفيد المنطقة من موقعها كمركز طاقة عالمي ومن احتياطيات مالية ضخمة تتيح لها المحافظة على زخم الإنفاق الحكومي. هذا التفاعل المزدوج يمنحها مرونة كبيرة، ويجعلها قادرة على تحويل التحديات الدولية إلى فرص اقتصادية، خصوصًا مع توسّع الدور الخليجي في الأسواق الآسيوية والأفريقية الصاعدة.
ما أهمية حضور السعودية في مشهد الاقتصاد الخليجي؟
للسعودية دور مهمّ في رسم توجّهات الاقتصاد الخليجي؛ فهي ليست الأكبر حجمًا فحسب، بل الأكثر تأثيرًا من حيث المبادرات والمشاريع العابرة للحدود. اقتصاد يتجاوز التريليون دولار يخلق تلقائيًا ثقلًا سياسيًا واقتصاديًا داخل المنظومة الإقليمية. كما أن تحركات ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان على المستويين الإقليمي والدولي تُبرز رؤية واضحة نحو تكامل اقتصادي عميق بين دول المجلس، قائم على الشراكات الاستراتيجية، والربط اللوجستي، وتوحيد السياسات، وتسهيل تدفق الاستثمار البيني. هذه الديناميكية تمنح مجلس التعاون كتلة اقتصادية موحّدة وأكثر قدرة على التفاوض والتأثير في القضايا الاقتصادية العالمية.
ما العلاقة بين نمو الناتج المحلي الخليجي وزيادة الإنتاج النفطي؟
مع عودة مستويات إنتاج النفط للارتفاع ضمن تحالف "أوبك+"، تستعيد الميزانيات الخليجية جزءًا مهمًا من زخمها، ما ينعكس على سرعة تنفيذ المشاريع الكبرى وتمويل المبادرات الاقتصادية الجديدة. لكن اللافت اليوم أن ارتفاع الإنتاج لم يعد هدفًا بحد ذاته، بل جزءًا من استراتيجية أوسع تهدف إلى تحقيق توازن بين العائدات النفطية وتوسع الاقتصاد غير النفطي. فزيادة الإنتاج تمنح الاقتصادات الخليجية قدرة على توسيع الإنفاق الرأسمالي، وتحفيز القطاع الخاص، وتعزيز مشاريع البنية التحتية، من دون الإضرار بالتحول نحو الصناعات المستقبلية. بهذا يصبح النفط محركًا داعمًا للنمو لا محركًا منفردًا كما كان في العقود السابقة.
أين يتجه الاقتصاد الخليجي خلال 2026؟
قد يكون عام 2026 عامًا فارقًا بالنسبة إلى منظومة الاقتصاد الخليجي، إذ يُتوقع أن يرتفع الناتج إلى 2.48 تريليون دولار، ما يعني دخول المنطقة مرحلة أوسع من الاندماج الدولي. فالتحول الجاري حاليًا في دول الخليج لا يقتصر على النمو في الأرقام، بل يمتد نحو إعادة صياغة شكل الاقتصاد نفسه: اقتصاد يعتمد على المعرفة، ويستثمر في رأس المال البشري، ويعزز الابتكار، ويوسّع شبكات الربط التجاري. ومع تسارع مشاريع الطاقة البديلة والهيدروجين الأخضر، واستمرار تطور القطاعات المالية والسياحية والعقارية، يبدو الخليج متجهًا إلى أن يصبح مركزًا اقتصاديًا منافسًا لا للمنطقة فحسب، بل لاقتصادات متقدمة حول العالم.
* نور البيطار محللة أسواق مالية تعمل في شركة ACY Securities Mena