نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
أمير المصري لـ"النهار": تعلمت الملاكمة في 4 أسابيع من أجل "العملاق" - وضوح نيوز, اليوم الخميس 11 ديسمبر 2025 07:55 صباحاً
جدة - أحمد عدلي
يعود الفنان أمير المصري إلى الساحة السينمائية العالمية من بوابة مختلفة تماماً هذه المرة، عبر فيلم "العملاق" الذي يقدم فيه واحدة من أكثر الشخصيات تعقيداً وحضوراً في تاريخ الملاكمة، وهي شخصية الملاكم الشهير نسيم حميد.
الدور كان رحلة بحث طويلة في شخصية تمتلك تاريخاً غنياً بالتناقضات، وصراعات داخلية وخارجية صنعت منها أسطورة داخل الحلبة وخارجها، وافتتح النسخة الخامسة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي في جدة.
يعتبر المصري أنّ الأفلام من هذا النوع عادة ما تتطلب وقتاً طويلاً للتحضير، وتستوجب بناءً جسدياً ونفسياً متكاملاً، غير أنّه يقول لـ"النهار" إنّ الظروف الإنتاجية فرضت اختصار المدة، ما جعله يدخل في برنامج تدريبي مكثف مع المدرب إيان ستريتس الذي تولى مهمة دراسة كل ما يتعلق بمسيرة نسيم حميد داخل الحلبة وخارجها. هذا البرنامج حوّل الأسابيع الأربعة التحضيرية إلى سباق يومي يمتد 12 ساعة كاملة، يتضمن تدريبات قتالية، ومراجعة مستمرة لحركات حميد، وإعادة بناء لغته الجسدية ودقّة ردود فعله.
لم تكن لغة الجسد وحدها جزءاً من التجهيز، فقد انشغل أيضاً بتعلّم لهجة "شيفلد" البريطانية التي اشتهر بها نسيم، وهي لهجة غير مألوفة وصعبة، خصوصاً مع ميل الملاكم إلى استخدام طبقات صوتية متأثرة أحياناً بالثقافة الأميركية.
عرض “العملاق“ في مهرجان البحر الأحمر.
وكان العمل مع مدرب اللهجة خطوة أساسية لإعادة إنتاج شخصية لا تقوم على التقليد، بل على التقمص، وهي الفكرة التي ظل يؤكدها المصري طوال التحضير، فالفصل الواضح بين إعادة تمثيل شخصية ومحاكاة شكلها الظاهري فقط، كان رهانه الأساسي على الدور.
ورغم الجدية الكبيرة في التدريب، لم تخلُ العملية من لحظات قاسية كان أبرزها تعرضه لإصابة قوية تسببت بخلع أحد أصابعه في أثناء مواجهة حقيقية في البروفات بعد اتفاق بينهما على رفع مستوى القتال ليصبح أقرب إلى مباراة فعلية. الإصابة كانت مفاجئة، لكنه أكمل التصوير بعدها بساعات، ومع ذلك وجد دعماً كبيراً من النجم العالمي بيرس بروسنان، الذي كان حريصاً على صحته أكثر من حرصه على التزام جدول التصوير.
هذا الموقف ترك أثراً واضحاً لدى المصري الذي شعر بأن التعامل الإنساني في العمل لم يكن أقل أهمية من الجانب الفني.
وتوقف طويلاً عند التشابهات بين مشواره الشخصي ومسيرة نسيم حميد، معتبراً أن كليهما واجه تحديات مرتبطة بالخلفية الثقافية والأصول والهوية، سواء داخل بريطانيا أو في البيئة الإبداعية العالمية. فحميد كان لاعباً يحاول شق طريقه وسط أحكام مسبقة وصور نمطية، والمصري خاض بدوره معركة مشابهة في عالم التمثيل، إذ واجه في بداياته إصراراً مستمراً على اختزاله في أدوار ضيقة مثل الإرهابي أو اللاجئ أو الشرير، وهي أدوار كان يرفض الاستسلام لها، وبمرور الوقت اكتسب ما وصفه بـ"الجلد السميك"، الذي يسمح للفنان بمواصلة الطريق رغم كل الصعوبات والأحكام الجاهزة.
وتوسع في الحديث عن بناء الشخصية داخلياً، فركّز على أن حميد ليس مجرد مقاتل صاخب في الحلبة فقط، بل شخص يمتلك طبقات نفسية شديدة الحساسية، تصنعها علاقته بمدربه بريندن إنجل، وعلاقته بأسرته، وكذلك بالتغيّرات التي أحدثها المال والشهرة في حياته.
ولهذا أراد أن يتجاوز حدود الحلبة، وأن يبحث في اللحظات التي عاشها حميد خارج الأضواء، مع عائلته وأصدقائه، وفي اللحظات التي كان فيها وحده أو واقعاً تحت ضغط، وشاركته في هذه الرحلة مدربة تمثيل كان قد عمل معها سابقاً، وساعدته في تحليل ردود فعل نسيم، وخصوصا اختلاف طريقة تعبيره الجسدية والعاطفية أمام كل شخص في حياته.
الممثل أمير المصري.
وأكد المصري أن الجزء الأخير من الفيلم كان الأكثر خصوصية بالنسبة إليه، لأن المشهد الختامي كان محاولة لإظهار حالة تراكم داخلي عاشها حميد لسنوات، حالة من الكتمان وضغط المشاعر، وهي أمور لا تظهر بسهولة على شخصيته الجريئة، فالوصول إلى هذه المنطقة تطلب بحثاً معمقاً وفهماً لحجم الصراع بين الصورة التي يظهر بها أمام الجمهور وما يعيشه في الداخل.
ولم يخفِ تأثره الشديد حين حضر حميد العرض برفقة أسرته، إذ شعر بأن وجوده كان بمثابة ختم حقيقي على صدق التجربة. كان قلقاً في البداية من رد فعله، لكنه شعر بالارتياح حين وجد منه دعماً كبيراً وإشادة مباشرة بأدائه، واستشعر أيضاً التأثر العاطفي لدى أسرة حميد نفسها، التي رأت في الفيلم جزءاً من تاريخها الشخصي.
وأبدى المصري حماسته الكبيرة لعرض فيلمه الآخر "القصص"، المشارك أيضاً في "البحر الأحمر"، والذي يجمعه بالممثلة نيللي كريم. الفيلم من إخراج أبو بكر شوقي، الذي وصفه بأنه مخرج موهوب ومتميز، يمتلك قدرة على قيادة الممثلين إلى مناطق إنسانية عميقة، والعمل معه اكتسب طابعاً خاصاً لأنه يمنح مساحه كبيرة للبحث عن تفاصيل الشخصية من دون ضغط أو استعجال. وأوضح أن دوره في هذا الفيلم مختلف تماماً عنه في "العملاق"، وأنه ينتمي إلى بيئة واقعية من منطقة العمرانية، حيث يجسد شخصية تحمل تركيبة اجتماعية ونفسية مختلفة، تعتمد على ذاكرة المكان وتأثيراته.
ويرى أن الاشتغال على هذه الأنماط المتنوعة من الشخصيات يمنحه مساحة لاكتشاف ذاته ممثلاً، ويجعله قادراً على التنقل بين مستويات مختلفة من الأداء، من شخصية عالمية معروفة إلى رجل من حي شعبي في القاهرة، ومن ملاكم يخوض صراعاً داخلياً مع الشهرة والمال إلى شخص يعيش ضغوطاً اجتماعية واقتصادية، هذا التنوّع بالنسبة اليه ليس مجرد تحدٍ، بل مسار طبيعي لتعدد الأدوار التي يسعى إلى تقديمها.