خضوع أم خداع... لماذا قبِل زيلينسكي بالانتخابات؟ - وضوح نيوز

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
خضوع أم خداع... لماذا قبِل زيلينسكي بالانتخابات؟ - وضوح نيوز, اليوم الجمعة 12 ديسمبر 2025 07:25 صباحاً

قبِلت أوكرانيا مبدئياً بإجراء انتخابات في غضون 90 يوماً إذا ضمن حلفاؤها الأمن لتنظيم الاستحقاق. جاء هذا القبول على لسان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الذي يسابق الزمن لتحسين شروط خطة واشنطن للسلام. فهل بات بإمكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التلويح بانتصار ديبلوماسي أولي؟

 

ليس بالضرورة. يواصل الرئيس الأميركي دونالد ترامب تصعيد لهجته ضد زيلينسكي والأوروبيين مكرراً فكرة أن أوكرانيا "تخسر" الحرب. بالتالي، يبدو الرئيس الأميركي عازماً على اتهام نظيره الأوكراني بالعرقلة إذا فشلت مساعيه. الطريقة الوحيدة لتفادي هذا المأزق هي تخلص زيلينسكي من "كرة النار" التي بين يديه ورميها إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

 

في الشكل، يلبي زيلينسكي مطلباً أميركياً مصدره روسيا، مما يعني أنه يتنازل في النهاية لكلا الطرفين. يمكن أن يُعجَب فريق ترامب بهذه الخطوة، لكن ليس فريق بوتين.

 

العربة قبل الحصان

لا تعبّر الانتخابات الأوكرانية عن هدف روسي قائم بذاته. فالمطلب الروسي هو محاولة لتوجيه ضربة معنوية لأوكرانيا بين الجمهور الغربي. صوّرت روسيا عدم إجراء الانتخابات بوصفه تجريداً لزيلينسكي من الشرعية، وبالفعل، روّج ترامب لهذا التوصيف في محطات مختلفة. ثانياً، إن كان لا بد من حصول انتخابات، فستفضل روسيا أن تُنظّم بعد اتفاق لوقف الحرب يحصل بشروطها، لا قبله. التطور شبه المثالي للأحداث بالنسبة إلى الكرملين هو توقيع زيلينسكي اتفاق استسلام يجرّد أوكرانيا من دونباس، بما فيها المناطق المحصنة التي لم تسيطر عليها روسيا، ومن معظم زابوريجيا وخيرسون. سيطلق استسلامٌ مذل ترفضه غالبية الأوكرانيين موجة اعتراض شعبي يمكن أن تسقطه في الانتخابات، هذا إذا لم يسبقها انقلاب عليه.

 

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ ب)

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ ب)

 

بذلك، يحقق بوتين مكسبين على الأقل: نشر الاضطراب في أوكرانيا مع يأس غربي من دعمها، وإنهاك البلاد بالاقتتال الداخلي مما يسهّل إخضاعها، بدلاً من استنزاف الجيش الروسي للسيطرة على كيلومترات قليلة بأكلاف كبيرة. بعبارة أخرى، الهدف الروسي من التشديد على إجراء الانتخابات ليس الخوف على الديموقراطية في أوكرانيا، بل استخدام الديموقراطية لمحاولة تقويض أوكرانيا، بشرط أن تسبق الانتخابات أجواء غاضبة. يمكن التفكير بسيناريو يشبه نوعاً ما ظروف الثورة البرتقالية سنة 2004، لكن بآثار معكوسة.

 

هل قلَبَ الطاولة؟

إذا أجرت أوكرانيا الانتخابات في وقت لم يقبل زيلينسكي بتقديم تنازلات إقليمية فستكون الخطة الروسية بلا جدوى. من المتوقع في هذه الحالة أن يزداد التعاطف الشعبي مع زيلينسكي لأنه رفض التنازل وصمد في وجه الضغط، كما حصل بعد المشادة الكلامية في البيت الأبيض أواخر شباط/فبراير الماضي. بالتالي، إن نجاح زيلينسكي بالانتخابات (وَضَعَه استطلاع حديث لـ"إنفو سابينز" في الصدارة)، يخفّض قدرة الإدارة الأميركية على مواصلة الضغط السياسي في هذه النقطة. وتُطوى قضية "افتقار" زيلينسكي للشرعية إلى غير رجعة. من هنا السؤال عما إذا كانت روسيا ستقف مكتوفة أمام تنظيم انتخابات تعلم أن نتيجتها، وحتى خلوها من الاضطرابات، لن يرضياها.

 

بالتالي، قد يكون جواب زيلينسكي مفاجئاً للروس. يمكن تصور أنهم راهنوا على رفضه لهذا الطلب، لأنه إملاء روسي على أوكرانيا، مما يعرّضه لغضب ترامب. لكن لأنه بات أيضاً إملاءً أميركياً عليها، قد يفترق الحليفان الروسي والأميركي هنا بسبب اختلاف نظرتيهما للجواب.

 

ترامب وبوتين في قمة ألاسكا (أ ب)

ترامب وبوتين في قمة ألاسكا (أ ب)

 

طبعاً، هذا احتمال من احتمالات عدة، وبإمكان متغيّرات كثيرة حرف رهان زيلينسكي المحتمل عن مساره. في أيلول/سبتمبر، وجد استطلاع "معهد كييف الدولي لعلم الاجتماع" أن ما يقرب من ثلثي الأوكرانيين يرفضون إجراء انتخابات، حتى مباشرة بعد وقف إطلاق النار. وبحسب "رويترز"، قال أوكرانيون إن الوقت هو للتركيز على الحرب لا على الانتخابات. وقد لا يرضي هذا التنازل ترامب على أي حال. بالتالي، يبدو في قبول زيلينسكي للانتخابات شيء من المقامرة.

 

لكن في نهاية المطاف، ألا تتطلب الحرب، في مراحل مختلفة، مقامرات محسوبة؟

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق