نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مسار مشروط لرفع عقوبات قيصر عن سوريا... ومجلس الشيوخ يُحدّد مصيره - وضوح نيوز, اليوم الجمعة 12 ديسمبر 2025 07:25 صباحاً
أقرّ مجلس النواب الأميركي مشروع قانون لإلغاء عقوبات "قيصر"، ضمن قانون تفويض الدفاع الوطني، فيما ينتظر أن يصوت عليه مجلس الشيوخ الأسبوع المقبل، قبل إحالته إلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب للتوقيع عليه. يأتي هذا وسط نقاش واسع بشأن تداعيات الخطوة على مستقبل سوريا السياسي والاقتصادي.
يقول المستشار الاقتصادي ورئيس مجلس النهضة السوري عامر ديب لـ"النهار": "أرى أن مسار إلغاء قانون قيصر مرشح للعرقلة في مجلس الشيوخ، خاصة أن عدداً كبيراً من الجمهوريين رفضوا رفع العقوبات بالكامل في مجلس النواب؛ فقد صوّت 73 نائباً جمهورياً ضد الإلغاء، بينما كان ميل الديموقراطيين هو الذي رجّح الكفّة. ومع الأخذ بالاعتبار أن الجمهوريين يمتلكون ثقلاً أكبر في مجلس الشيوخ، فمن المرجّح أن يواجه المشروع تحديات كبيرة هناك".
بدوره، يقول الخبير الاقتصادي الدكتور إبراهيم نافع قوشجي لـ"النهار" إن "إلغاء قانون قيصر، الذي شكّل لسنوات أداة ضغط اقتصادية وسياسية على سوريا، يمثل نقطة تحوّل تاريخية في مسار البلاد. ومع أن إجراءات رفعه إدارية وتسير بسلاسة، فإن توقيع ترامب على قرار الإلغاء يُعدّ وفاءً بوعد سياسي قطع على نفسه، ويضع سوريا أمام مرحلة جديدة من الانفتاح الاقتصادي والسياسي".
وكان ترامب تعهّد برفع جميع العقوبات المفروضة على سوريا، خلال اجتماعه مع رئيسها أحمد الشرع في أيار/مايو الماضي.
وأقر قانون قيصر عام 2019 لفرض عقوبات على سوريا أثناء حكم الرئيس السوري السابق بشار الأسد، الذي سقط قبل عام. وتُعرّف الخارجية الأميركية القانون بأنه "خطوة مهمّة من أجل تعزيز المحاسبة عن الفظائع التي ارتكبها الأسد ونظامه في سوريا". وتمّ إطلاق تسمية "قانون قيصر" نسبة إلى مصوّر سابق في الجيش السوري، يدعى فريد المذهان، خاطر بحياته لتهريب الآلاف من الصور التي توثق تعذيب وقتل السجناء في داخل سجون نظام الأسد إلى خارج سوريا.
إثر إقرار قانون العقوبات المذكور، أوقفت معظم الشركات تعاملاتها مع المؤسسات السورية، مما أدّى إلى تراجع الاستيراد، وإلى النقص في الأسواق السورية، فنشطت عمليات التهريب.
ويقول ديب لـ"النهار": "إقرار المشروع في مجلس النواب خطوة أولية، لكنه يبقى مشروطاً. وهذه الشروط مرتبطة بملفات أساسية مثل استحقاق 10 آذار، حماية حقوق الأقليات، ضبط المقاتلين الأجانب، مكافحة تجارة المخدرات، محاسبة داعش، ومراجعة دور قطاع الأعمال الذي تعاون مع النظام السابق".
بالفعل، يخضع إلغاء العقوبات لشروط معينة، منها أن يقدم الرئيس الأميركي تقريراً أولياً إلى لجان الكونغرس خلال 90 يوماً، ثم تقارير كل 180 يوماً لمدة 4 سنوات. ونصّت الوثيقة على أنّ على سوريا أن تؤكد أنها تتخذ خطوات ملموسة في مكافحة التنظيمات الإرهابية، وأنها تحترم حقوق الأقليات، وتمتنع عن العمل العسكري الأحادي الجانب ضد دول الجوار، بما فيها إسرائيل، وتكافح غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتلاحق الجرائم ضد الإنسانية المرتكبة في عهد النظام المخلوع، وتكافح إنتاج المخدرات. وذكرت أنه عند عدم استيفاء هذه الشروط خلال فترتين متتاليتين من التقارير، يُمكن إعادة فرض العقوبات.
سوريون يحملون الأعلام السورية خلال احتفالات إحياء الذكرى السنوية الأولى لسقوط الاسد، (ا ف ب).
يشير ديب أيضاً إلى أن "اليوم، إذا تجاوز المشروع مجلس الشيوخ فستنتهي المرحلة التشريعية، لكن رفع العقوبات يتطلب إعادة رسم الخريطة الاقتصادية، وبناء نظام حوكمة مؤسساتية شفّاف، وتغييراً حقيقياً في العقلية الاقتصادية والتجارية. فحتى لو رُفعت العقوبات، فإن غياب البنية التحتية الإدارية والاقتصادية والفكرية سيجعل الاستفادة من الرفع محدودة جداً".
ويؤكد أنه "حتى على المستوى الإقليمي، فإن رفع العقوبات إذا تمّ وجرى الالتزام بالشروط قد يساعد سوريا على استعادة بعض دورها السياسي والاقتصادي"، لافتاً إلى أن "المشكلة أن المراجعات الدورية كل 90 يوماً، والتقييمات الممتدة على أربع سنوات، تجعل الرفع أقرب إلى تعليق مشروط أكثر منه إلغاءً كاملاً، ما يحدّ من التفاؤل".
ويقول قوشجي إن "الأثر المباشر لرفع العقوبات هو عودة الانسياب التجاري والمصرفي، ويعيد سوريا إلى النظام المالي العالمي، ويزيل العوائق أمام التحويلات البنكية، ويسمح بفتح الاعتمادات وتمويل التجارة الخارجية، مما يحفز الاستثمار الأجنبي والمحلي في القطاعات الإنتاجية المختلفة، كالصناعات التحويلية، الزراعة، والطاقة. فهذه القطاعات ستستفيد من تدفق التكنولوجيا والتمويل الخارجي، ما يعزز القدرة التنافسية".
لكنه يستدرك بالقول إن "رفع العقوبات وحده لا يكفي، بل يجب أن يترافق مع إصلاحات داخلية تعيد الثقة بالاقتصاد السوري، وأولها إصلاح النظام المصرفي وتعزيز الشفافية، تحديث التشريعات، وضمان استقلالية البنك المركزي، وإعادة هيكلة المؤسسات العامة، بالإضافة إلى تحديث القوانين الاستثمارية ومنح ضمانات قانونية للمستثمرين، وتبسيط إجراءات الترخيص والتسجيل، ومكافحة الفساد بوضع آليات رقابية صارمة تعيد الثقة إلى المواطن والمستثمر على حدّ سواء".
ويؤكد أن "إلغاء قانون قيصر ليس مجرد حدث إداري، بل هو بداية لمرحلة إعادة بناء سوريا على أسس اقتصادية حديثة. إذا نجحت الدولة في استثمار هذه الفرصة عبر إصلاحات هيكلية وقانونية جادة، فإنها ستتحول من اقتصاد محاصر إلى اقتصاد منفتح وجاذب، ومن دولة معزولة إلى لاعب إقليمي ودولي مؤثر".







0 تعليق