نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
تسريب الفجوة - وضوح نيوز, اليوم الثلاثاء 16 ديسمبر 2025 04:45 مساءً
جان - كلود سعادة
تسريب مسودّة ما يسمّى "مشروع قانون الانتظام المالي واسترداد الودائع" - وهو عكس ذلك تماماً - يثبت للمواطنين المنتظرين بعض الحقائق الواضحة:
أولاً: هذه الحكومة التي قيل عنها إنها مُختلفة ومُحترفة يبدو أنها ليست سوى استمرار لما سبقها من حكومات. فرغم الآمال الكبيرة التي عُقدت عليها والوعود التي أخذتها على نفسها منذ البيان الوزاري حتى الآن، بقيت دون نتائج ملموسة ودون إنجازات كبرى تمكنها من كسر حلقة الأزمة فبقي رصيدها المعنوي شبه فارغ. هذا مع استمرار هدر الوقت ومعالجة كل شيء بالتركيبات اللغوية العجيبة.
ثانياً: مصرف لبنان الذي كان مركز الزلزال المالي، ورغم مرحلة توقّفت فيها الكثير من الممارسات المخالفة للقوانين وللأصول، ما زال يسير على تعاميم وتعاليم من الماضي ولم يعطِ حتى الآن أية إشارات إلى أنه مُدرك لفداحة الدور الذي قام به سابقاً في تعميق الأزمة الراهنة ولا للدور المحوري المُنتظر منه للخروج منها.
لقد ثبت لهذا الشعب الذي ما زال ينتظر منذ 35 عاماً قيام الدولة، وينتظر منذ 6 سنوات الخروج من الأزمة المالية، أن العهود والوعود والبيانات والتصاريح لا تتحقق على أرض الواقع، وما زالت أساليب الماضي وأدواته تعيد إنتاج نفس التركيبة ونفس الحفرة التي ابتلعت البلد ومعه حياة المواطنين ومستقبلهم.
بالعودة إلى مسوّدة الخطة المُسرّبة واللقيطة كما في كل مرّة، فهي أبعد ما يمكن عن تحقيق ما كُتب في عنوانها أي إعادة "الانتظام المالي واسترداد الودائع". فهذه الخطة هي وصفة مؤكدة لفقدان تامّ للثقة ولسنوات طويلة بكل ما هو قطاع مالي ومصرفي في هذا البلد، ومراهنة البعض على أن ذاكرة الناس قصيرة لن ينفع هذه المرة أمام ضخامة ووقاحة ما ارتُكب من جرائم.
أما بالنسبة إلى الودائع، فعدا الفتات الذي تتحدث الخطة عن إعادته نقداً خلال 4 سنوات من بدء تنفيذها، وبعد هدر أكثر من 6 سنوات في إضاعة الوقت، تقدّم هذه المسوّدة برنامجاً مُحكماً لدفن وشطب وتذويب عبر الزمن لجميع الودائع التي ما زالت عالقة في النظام المصرفي اللبناني. أمّا كلّ من استفاد من موقعه أو من نفوذه أو من معلومات خاصّة من داخل النظام المصرفي فجنى الأرباح والفوائد الفاحشة ثمّ هرّب أمواله في الوقت المناسب، فتقدّم له الخطة عفواً عاماً وبراءة ذمّة. أما بعض من حوّلوا أموالهم خلال الأزمة فتُفرض عليهم غرامات محدودة عوض إرجاع تلك الأموال لمعالجة مشكلة السيولة.
فإذا افترضنا أن الحلول العادلة والقانونية غير متوفّرة، وهي بالتأكيد موجودة وممكنة لكنهم لا يريدون السير بها، فعلى الأقل ارحموا هذا الشعب الذي ما زال ينتظر من دولته أن تكون دولة حقيقيّة ودولة قانون ودولة فعلية راعية لمصالح مواطنيها.
أخبروا الناس عن الخطة الحقيقية التي تسعون إلى تنفيذها، وإذا خانتكم الجُرأة، يمكنكم تسريبها.









0 تعليق