لماذا وسّعت أمريكا نطاق الحرب على الإرهاب؟ - وضوح نيوز

ميديا 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
لماذا وسّعت أمريكا نطاق الحرب على الإرهاب؟ - وضوح نيوز, اليوم الخميس 18 ديسمبر 2025 06:30 مساءً

تستعد القوات الأمنية السورية لإطلاق حملة واسعة ضد تنظيم (داعش) والخلايا الإرهابية المتسللة إلى المؤسسات الأمنية، بعد الحادثة الدامية التي أودت بحياة جنديين أمريكيين ومترجم مدني في تدمر.

أول اختبار عملي

وتأتي الحادثة في لحظة تمثل أول اختبار عملي لتوسيع نطاق التعاون العسكري الأمريكي في سورية خارج مناطق سيطرة «قوات سورية الديمقراطية». فمنذ سنوات، اقتصر الوجود الأمريكي والتنسيق الميداني على شمال شرقي البلاد، إذ شكّلت (قسد) الشريك الرئيسي لواشنطن في محاربة (داعش)، ضمن نموذج عمل استقر نسبياً، وحدّ من المخاطر المباشرة على القوات الأمريكية، من خلال وضوح خطوط السيطرة وتماسك بنية الشراكة الميدانية.

هذا النموذج كان، في جوهره، امتداداً للصيغة التي اعتمدها التحالف الدولي لمحاربة «داعش» منذ تأسيسه عام 2014، حين أطلقته الولايات المتحدة بمشاركة عشرات الدول، في ذروة تمدد التنظيم وسيطرته على مساحات واسعة في سورية والعراق.

في تلك المرحلة، اعتمد التحالف على مبدأ الضربات الجوية، والدعم الاستخباراتي، والاعتماد على شركاء محليين لتجنّب التورط البري المباشر، وهو ما جعل شرق الفرات لاحقاً، أحد آخر الجيوب التي استمر فيها هذا النموذج بأوضح صوره.

مهمات أكثر محدودية

لكن التحالف، الذي بلغ ذروة نشاطه بين عامي 2015 و2018، شهد تراجعاً تدريجياً في زخمه بعد انهيار (دويلة داعش) وسقوط المراكز الحضرية الكبرى التي كان التنظيم يسيطر عليها، إذ انسحبت أو قلّصت عدة دول مشاركتها، وتحول دور التحالف من عمليات قتالية واسعة إلى مهمات أكثر محدودية، تركز على التدريب، وتبادل المعلومات، ومنع عودة التنظيم. وبقيت الولايات المتحدة الفاعل الرئيسي شبه الوحيد القادر على إدارة هذا الإطار، مع الاعتماد المتزايد على شركاء محليين في مناطق النفوذ المختلفة.

وفي هذا السياق، يمثّل الانتقال الأمريكي إلى مناطق وسط سورية، وفي مقدمتها تدمر، تحوّلاً نوعياً في طبيعة الانخراط العسكري، لأنه ينقل عمل التحالف فعلياً، من نموذج العمليات عبر الشركاء المحليين إلى نموذج تعاون مباشر مع مؤسسات الدولة السورية نفسها. فهذا التوسّع فتح مساراً جديداً للتنسيق مع أجهزة لا تزال تخضع لعملية إعادة هيكلة عميقة بعد سقوط النظام السابق، سواءً على مستوى القيادة، أو العقيدة القتالية، أو أنماط الانتشار والسيطرة.

حادثة تدمر واحتواء التهديد

وأثارت الخسائر الأمريكية في هجوم تدمر تساؤلات حقيقية داخل الأوساط السياسية والعسكرية في واشنطن من احتمال الانزلاق إلى نمط استنزاف أمني جديد. ومع ذلك، لم تترجم هذه الهواجس حتى الآن، إلى توجه فعلي نحو الانسحاب أو التراجع، بل على العكس، يبدو أن حادثة تدمر عززت قناعة متزايدة لدى صناع القرار الأمريكي بأن الصيغة القديمة للتحالف، القائمة على مناطق نفوذ وتنسيق مجزّأ، لم تعد كافية لاحتواء التهديد. وأن ترك فراغ أمني في مناطق وسط سورية، أو الإبقاء على الانقسام العسكري والجغرافي، هو ما يوفّر البيئة الأنسب لعودة التنظيمات المتطرفة.

من هذا التوجه، ينظر إلى التوسّع المدروس في التعاون العسكري، رغم مخاطره الواضحة، باعتباره محاولة لإعادة تعريف ما تبقّى من التحالف الدولي ضد (داعش)؛ بوصفه إطاراً أكثر اندماجاً مع الدولة السورية الجديدة. وهو خيار ترى فيه واشنطن كلفة أقل من الانكفاء وترك المشهد يتفكك من جديد، بما قد يفرض لاحقاً تدخلاً أوسع وأكثر تعقيداً.

اللافت أن التنظيم الإرهابي أيضاً لم يعد محصوراً في مناطقه التقليدية شرق البلاد أو البادية السورية، بل وسع نطاق عملياته إلى مناطق أكثر عمقاً في الداخل، وهو ما كشفته عملية إدلب حيث قتل أربعة عناصر من الأمن السوري.

منع استغلال التوتر

وفي سياق أوسع، شكلت البادية السورية نقطة ارتكاز للتنظيم، فهي منطقة وعرة يصعب تمشيطها عسكرياً، ومفتوحة على معاقل التنظيم زمن قوته، مثل دير الزور والحدود السورية العراقية ومنطقة الحماد وتدمر، وصولاً إلى تلول الصفا المطلة على السويداء. ويدرك التحالف الدولي أن السيطرة الكاملة على هذه المنطقة ومنع نشاط التنظيم فيها خلال عام واحد ليس أمراً سهلاً على الحكومة السورية، لذلك ليس مستبعداً أن تؤدي أي هجمات ينفذها التنظيم إلى تحديات، خصوصاً أن الحكومة السورية عززت وجودها العسكري في تلك المنطقة ونفذت عدة عمليات قرب تلول الصفا لمنع التنظيم من استغلال التوتر القائم في السويداء.

ويستند (داعش) في عودته إلى جملة من العوامل المترابطة، أبرزها تعثر العملية السياسية: الانقسامات داخل سورية (الجيش السوري، قسد، السويداء) التي خلقت ثغرات يستغلها التنظيم، كما أن الانسحاب الأمريكي التدريجي، وتقليص القوات من 2000 جندي إلى 1400 نهاية 2025، مع خطط لخفض إضافي بحلول 2026، أضعف العمود الفقري للتحالف الدولي، ويجد التنظيم فرصة نادرة لممارسة إرهابه.

إستراتيجية محلية ودولية

وإذا لم تتوافر إستراتيجية مشتركة محلية ودولية لمواجهته، فإن سورية قد تدخل مجدداً في دوامة الإرهاب التي تهدد المنطقة، وربما أسرع طريق نحو محاصرة اندفاع التنظيم الإرهابي هو في البناء على التوافق السوري الشامل، وفق رؤية يشترك فيها الجميع لبناء دولة مستقرة تتطلع إلى الازدهار. وليس خافياً أن سرعة التحرك السوري للقضاء على داعش وإفشال مخططه للعودة سيغلق أبواباً كثيرة للتدخلات الخارجية.

أثبتت التجربة السورية السابقة في الحرب الطويلة الداخلية أن أخطر انهيار في سورية كان انتشار (الإرهاب) وسيطرته على أراضٍ واسعة في سورية والعراق، وهو ما حول البلاد إلى ساحة دولية لتجميع الإرهابيين.

المعطيات الحالية تشير إلى أن الحكومة الحالية في دمشق لن تدع هذه الثغرة تكبر، وهو ما تدركه واشنطن. وهذا ما يعزز نظرية الحاجة الأمريكية السورية إلى مزيد من التعاون والتنسيق والدعم على المستوى الأمني، وما ألمح إلية مسؤولون سوريون في الحديث عن ضرورة تقوية وتمكين الدولة السورية الجديدة.

قدمنا لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى هذا المقال : لماذا وسّعت أمريكا نطاق الحرب على الإرهاب؟ - وضوح نيوز, اليوم الخميس 18 ديسمبر 2025 06:30 مساءً

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق