التوحّد: كيف يغيّر العلم فهمنا لمساراته؟ - وضوح نيوز

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
التوحّد: كيف يغيّر العلم فهمنا لمساراته؟ - وضوح نيوز, اليوم الأحد 28 ديسمبر 2025 08:30 مساءً

بين طفل لا يتكلّم وآخر يتفوّق أكاديمياً، ظلّ مفهوم "الطيف" محاولة لتبسيط واقع أعقد بكثير.

اليوم، تقود أبحاث متقدّمة في علم الجينات وتصوير الدماغ والحوسبة إلى إعادة رسم خريطة التوحّد، كاشفةً أنّ ما اعتُبر طويلاً حالة واحدة قد يكون في الواقع مجموعة حالات مختلفة، لكلٍّ منها جذورها البيولوجية ومسارها الخاص.

ويسلّط تقرير لـ"واشنطن بوست"  الضوء على اكتشافات تفتح الباب أمام فهم أدقّ وتشخيص أكثر تخصيصاً، وتطرح في الوقت نفسه أسئلة جوهرية حول معنى التوحّد وحدوده، وما إذا كان مرضاً ينبغي علاجه أم تعبيراً آخر عن التنوّع الإنساني.

 تكشف التطوّرات في تصوير الدماغ وعلم الوراثة وعلوم الحوسبة عن أنماط بيولوجية فرعية منفصلة.

وقد تفضي إلى تشخيصات وعلاجات أكثر دقّة، ما يثير أسئلة عميقة حول ما إذا كان ينبغي النظر إلى التوحّد على أنّه حالة يجب علاجها، أم سمة جوهرية من سمات التنوّع الإنساني.

 

ناتالي زاورفالد، إحدى الباحثات الرئيسيات في دراسة الأنماط الفرعية وعالمة أحياء حاسوبية في معهد فلاتيرون الأميركي التابع لمؤسسة سيمونز الداعمة للبحث العلمي، شبّهت الأبحاث السابقة حول التوحّد بمحاولة تركيب  (Puzzle) لا تتلاءم قطعها تماماً، ليس لأن الصورة غير واضحة، بل لأن "العلبة كانت تحتوي دائماً على أحاجي عدة مختلطة معاً".

وقالت زاورفالد: "لا يوجد توحّد واحد فقط، بل توجد أشكال متعددة من التوحّد".

الجذور الجينية

لطالما كان تحديد من يُعدّ مصاباً بالتوحّد أمراً معقّداً. فالحالة تتجلّى بطرق شديدة التنوّع، عبر الجنسين، والقدرات، وتجارب الحياة، بما يتحدّى أي تعريف واحد جامع. ويُشخَّص الصبيان بمعدّلات أعلى بكثير من الفتيات، غير أنّ كثيرين من الباحثين يعتقدون أنّ الفتيات غالباً ما يتمّ التغاضي عن حالتهن لأن أعراضهن قد تبدو أقل إزعاجاً أو أسهل إخفاء.

 

في السنوات الأخيرة، ومع توسّع معايير التشخيص، ارتفع عدد الأشخاص الذين يُحدَّد أنّ لديهم توحّداً بشكل حادّ. ووفق بيانات مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، فإنّ معظم هذا الارتفاع سُجِّل بين من لديهم أعراض أخفّ، مقارنةً بمن يتأثّرون بعمق ويعانون من لغة محدودة أو معدومة أو من إعاقة ذهنية.

 

عندما بدأت زاورفالد تحليل قاعدة بيانات التوحّد التي تديرها مؤسسة سيمونز، وهي مؤسسة علمية غير ربحية تضمّ معلومات عن أكثر من 5 آلاف طفل، توقّعت أن تكون النتائج فوضوية. فامتداد الطيف واسع إلى حدّ يجعل الفئات متداخلة، كدوائر متقاطعة في مخطّط فن.

 

غير أنّ البيانات انقسمت بوضوح إلى أربع مجموعات، لكلٍّ منها بصمتها الجينية والسلوكية الخاصة.

العمل الذي نُشر في تموز/يوليو في مجلة Nature Genetics فصّل الفئات الأربع:

-تأثّر واسع النطاقأصغر المجموعات، نحو 10 في المئة من المشاركين، واجهت أصعب التحدّيات، مع تأخّرات في النمو، وصعوبات في التواصل والتفاعل الاجتماعي، وسلوكيات تكرارية طاولت معظم جوانب الحياة.

 

-توحّد مختلط مع تأخّر نمائي:  نحو 19 في المئة أظهروا تأخّرات نمو مبكرة، لكن مع مؤشّرات قليلة على القلق أو الاكتئاب أو السلوكيات التخريبية. وسُمّيت هذه المجموعة "مختلطة" لأن أفرادها يختلفون كثيراً في شدّة السمات الاجتماعية أو التكرارية.

 

-تحدّيات متوسّطة: قرابة ثلث المشاركين وقعوا في هذه الفئة، مع سمات التوحّد المعروفة، اختلافات في التواصل الاجتماعي وعادات تكرارية، ولكن بصورة أدقّ ومن دون تأخّرات نمائية.

 

-اجتماعي و/أو سلوكي:  أكبر المجموعات، بنحو 37 في المئة، بلغ أفرادها المراحل النمائية المبكرة في مواعيدها، لكنهم غالباً ما واجهوا لاحقاً حالات أخرى، بينها اضطراب فرط الحركة ونقص التنبه، والقلق، والاكتئاب، أو اضطراب الوسواس القهري.

 

وقالت أولغا ترويانسكايا، إحدى المشاركات في التأليف ومديرة "برينستون للصحة الدقيقة"، إنّها صُدمت لأن الأفراد في فئة "الاجتماعي و/أو السلوكي" كانوا يُشخَّصون في أعمار متأخّرة نسبيّاً، بين 6 و8 سنوات، في حين أنّ معظم الأطفال تظهر لديهم أعراض ملحوظة قبل سنّ الثالثة ويتمّ تشخيصهم حينها.

 

وأظهرت الدراسة أنّ هذا التأخير قد يعود إلى طفرات جينية موجودة منذ الولادة، لكنها لا تنشط إلا في مراحل لاحقة من الحياة.

وقالت ترويانسكايا: "بالنسبة إليّ، كان هذا الجانب الأكثر إثارة. لطالما اعتبرنا التوحّد اضطراباً في نمو الجنين، لكنّ ذلك قد يكون صحيحاً فقط لبعض الأطفال".

 

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق