نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
عودة روسية إلى الجنوب السوري... من مصلحة إسرائيل؟ - وضوح نيوز, اليوم الخميس 4 ديسمبر 2025 01:45 مساءً
تعيد دمشق النظر في علاقتها مع موسكو أخيراً بعدما حاولت طرد الوجود الروسي من سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد. وفي وقت يشهد جنوب سوريا مرحلة شديدة الحساسية، تحاول روسيا استعادة دورها الأمني في المنطقة.
في زيارة تاريخية لواشنطن، أصبح الرئيس السوري أحمد الشرع أول رئيس سوري يزور البيت الأبيض. أظهرت الزيارة نقطة تحوّل في علاقات سوريا مع الولايات المتحدة. وبدلاً من أن تشير هذه الخطوة إلى إعادة ترتيب جيوسياسي كبير، عكست استراتيجية الشرع الأوسع نطاقاً المتمثلة في "عدم وجود أعداء خارجيين"، وهو ما أكدته الزيارة التي قام بها للكرملين.
وبعدما حاولت السلطات السورية الجديدة طرد الوجود الروسي من البلاد، تبدي حالياً استعدادها للنظر في فكرة توسيعه، برغم أنها لا تزال لا تثق بموسكو. والهدف الواضح من ذلك هو موازنة الوجود الإسرائيلي في سوريا وتقليل حدة العمليات الإسرائيلية.
بعد سقوط الأسد، وسعت إسرائيل سيطرتها في هضبة الجولان لتشمل بعض القرى داخل الأراضي السورية. وخلال الأشهر الماضية، شنّت القوات الإسرائيلية غارات على سوريا، وتحديداً بعد اشتباكات بين الأقلية الدرزية والإسلاميين في السويداء.
وقد أبلغ مصدر مقرب من الحكومة السورية قناة "كان نيوز" الإسرائيلية أن روسيا "قدمت اقتراحاً إلى دمشق بعودة الدوريات الروسية إلى المنطقة الحدودية، لتعمل كقوة فصل بين القوات السورية والإسرائيلية"، بحسب تقرير لموقع "إف دي دي" (مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات).
حالياً، لا يملك الجيش السوري أي وسيلة لمواجهة التدخل الإسرائيلي، ولم تسفر محاولات السلطات الجديدة لتخفيف التوترات من خلال التلميح إلى إمكانية تطبيع العلاقات عن أي نتائج. والحزم الذي تتسم به العمليات العسكرية في غزة ولبنان وإيران واليمن يزيد من القلق في دمشق، خاصة أن الاغتيالات الأخيرة لكبار الشخصيات في "حماس" و"حزب الله" والجيش الإيراني أوضحت للحكام الإسلاميين في سوريا أنه في حالة تصعيد الأزمة مع إسرائيل، فإن كل شيء ممكن، بحسب "كارنيغي بوليتيكا".
ويقول الأستاذ الجامعي الدكتور إبراهيم نافع قوشجي لـ"النهار" إنه "منذ التدخل الروسي في سوريا عام 2015، شكّل الوجود الروسي في الجنوب السوري محوراً حساساً في معادلة الأمن الإقليمي. إسرائيل رأت في موسكو طرفاً يمكن التنسيق معه لتقييد النفوذ الإيراني، بينما النظام السوري السابق وافق على دخول روسيا كضامن لبقائه. اليوم، مع الحديث عن رغبة روسية في العودة إلى الجنوب عبر دوريات فصل حدودية، تبدو الحكومة السورية أمام فرصة استراتيجية لاستثمار التباينات بين موسكو وتل أبيب لإعادة صياغة التوازنات بما يخدم مصالحها".
قوات روسية في سوريا (ارشيفية - وكالات)
في 2017، أبرمت روسيا وإسرائيل والحكومة السورية اتفاقية أمنية، قامت بموجبها الوحدات الروسية بتشغيل نقاط تفتيش في المنطقة كجزء من آلية لخفض التوتر. وتشير ترتيبات حالية إلى احتمال اعتماد ترتيب مماثل بشأن جنوب سوريا.
ففي عهد الأسد، أدت روسيا دور القوة المقيدة لأعمال إسرائيل في سوريا، سواء من خلال مجرد وجود القوات الروسية أو من خلال إجراءات ملموسة. حاول الجيش الروسي تجنب الاشتباكات المباشرة مع الإسرائيليين وسمح لهم بتدمير أهداف إيرانية وموالية لإيران. ومع ذلك، وسّعت الميليشيات المدعومة من إيران وجودها في جنوب سوريا تحت مراقبة موسكو من 2017 إلى 2024.
يبدو أن السلطات السورية الجديدة ترغب الآن في أن تستأنف موسكو هذا الدور. وقد لا تعارض إسرائيل نفسها مثل هذا التطور على الإطلاق، نظراً لأنها ترى في الوجود الروسي وسيلة لإبقاء سوريا مجزأة والحد من النفوذ المتزايد لتركيا.
ففي شباط/فبراير الماضي، ورد أن مسؤولين إسرائيليين ضغطوا على واشنطن للحفاظ على القواعد العسكرية الروسية في غرب سوريا، معتبرين موسكو ثقلاً موازناً لتأثير تركيا المتزايد على الحكومة الجديدة في دمشق.
وفي ما يتعلق بالموقف الإسرائيلي من الوجود الروسي، يقول قوشجي لـ"النهار" إن "إسرائيل تعتبر روسيا قوة يمكن أن تحد من تمركز إيران وحزب الله قرب حدودها، وثمة تنسيق أمني مستمر منذ 2015، إذ حافظت تل أبيب على قنوات اتصال مع موسكو لتجنب التصادم العسكري، خصوصاً مع تكثيف ضرباتها الجوية داخل سوريا. وطلب النظام البائد دخول روسيا لأنه وفّر له غطاءً دولياً أمام الضغوط الغربية والإقليمية. وروسيا سبق أن نشرت شرطة عسكرية في الجنوب كقوة فصل بين الجيش السوري وإسرائيل، وهو نموذج اختبرته دمشق سابقاً".
ويشير إلى أن دمشق "تستطيع طرح روسيا كقوة فصل في الجنوب، بما يخفف احتمالات التصعيد مع إسرائيل. وإبراز روسيا كوسيط مقبول لدى إسرائيل يمنح الحكومة السورية دعماً دولياً إضافياً، ويظهرها كطرف قادر على إدارة التوازنات، وعبر استثمار العلاقة الروسية – الإسرائيلية، يمكن لدمشق تقليل مخاطر الجماعات التابعة لإيران أو حركات الانفصاليين، وتقديم نفسها كدولة أكثر استقلالية في خياراتها الأمنية والسياسية".
ويلفت الى أن "العلاقة الإسرائيلية – الروسية في سوريا قائمة على التنسيق الأمني وتبادل المصالح؛ إسرائيل تريد روسيا لتقييد أي نشاط معادٍ لها، وروسيا تريد إسرائيل لتثبيت نفوذها في سوريا... الحكومة السورية الجديدة أمام فرصة استراتيجية لتحويل هذه التباينات إلى أداة داخلية لإعادة بناء التوازنات الوطنية والإقليمية، وتعزيز الاستقرار في الجنوب عبر الدوريات الروسية، وتقليل الضغوط الإسرائيلية، بالإضافة إلى إعادة صياغة العلاقة مع موسكو بما يخدم استقلالية القرار السوري".




0 تعليق