تعيش العواصم الأوروبية، وعلى رأسها برلين، حالة ترقّب وقلق متزايد عقب تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وما تضمّنته استراتيجية الأمن القومي الأمريكية الجديدة من توجهات قد تُغيّر ملامح العلاقة بين واشنطن والاتحاد الأوروبي.

وفي مقابلة مع مجلة «بوليتيكو»، وجّه ترامب انتقادات حادة لقادة الاتحاد الأوروبي، واصفًا إياهم بـ«الضعفاء»، ومحذرًا من أن سياسات الهجرة الأوروبية «خطيرة»، قبل أن يلمّح إلى إمكانية التدخل في الانتخابات الأوروبية بهدف — كما قال — «إعادة القارة إلى المسار الصحيح». تصريحات عززتها تسريبات نشرتها صحيفة «بيلد» الألمانية، حول احتمالات دعم أمريكي لأحزاب قومية مناوئة للاتحاد الأوروبي.

مخاوف ألمانية من دعم «البديل»

وفي ألمانيا، تتركز المخاوف حول احتمال توجيه الدعم الأمريكي إلى حزب البديل من أجل ألمانيا (أقصى اليمين)، لا سيما مع تزايد شعبيته وتصدّره استطلاعات الرأي، رغم ملاحقته باتهامات الارتباط بمجموعات متطرفة.

وبحسب «بيلد»، يجري ساسة الحزب بالفعل محادثات مع ممثلين عن الحكومة الأمريكية، في خطوة أثارت قلق دوائر الأمن القومي. وقال الخبير الأمني بيتر نيومان في بودكاست متخصص:

«على الحكومة الألمانية أن تفكر بجدية في كيفية الرد على أي تدخل أمريكي محتمل».

وأضاف أن أي تحرك ألماني لحظر الحزب — وهو خيار يُناقَش في بعض الأوساط — قد يقابله رد أمريكي قوي، يصل إلى حد فرض عقوبات أو إجراءات اقتصادية.

«حرب الخوارزميات».. سيناريو مقلق

ويرى خبراء أن الدعم الأمريكي قد لا يقتصر على القنوات الرسمية، إذ من المحتمل — وفق نيومان — أن يأتي الدعم من شخصيات وقوى مرتبطة بالحزب الجمهوري، عبر:

تمويل مباشر لحزب البديل

التأثير على خوارزميات منصات التواصل الاجتماعي لتعزيز انتشار محتوى الحزب

تحسين وصول الحملات الرقمية إلى الجمهور الألماني

وهي سيناريوهات وصفها نيومان بأنها «ممكنة تمامًا، وربما بدأت بالفعل».

انتقادات.. وقراءات مغايرة

رغم موجة القلق في أوروبا، ترى الخبيرة الأمريكية ماري كيسيل — التي شغلت منصبًا في إدارة ترامب الأولى — أن بعض الانتقادات «مبالغ فيها». وتؤكد أن الاستراتيجية الجديدة تشير بوضوح إلى أن إنهاء الحرب في أوكرانيا «مصلحة أساسية» للولايات المتحدة، وهو ما يفترض أن ترحب به ألمانيا، على حد قولها.

وتضيف كيسيل أن الانتقادات الأمريكية للأداء الاقتصادي الأوروبي «تعكس حقائق»، وقد تكون «دافعًا لإعادة التركيز على النمو والتقدم الاجتماعي».

وقالت لـ«بيلد»:

«الأصدقاء يتحدثون بصراحة. أرى في استراتيجية الأمن القومي الثانية لترامب فرصًا لأوروبا، لا تهديدات فقط».

بهذه التطورات، تجد ألمانيا نفسها أمام مزيج معقّد من التحديات: صعود داخلي لأقصى اليمين، وضغوط خارجية محتملة من أقوى حليف تاريخي لها… ما يجعل الأشهر المقبلة حاسمة في تحديد شكل العلاقة عبر ضفتي الأطلسي.

للمزيد تابع

خليجيون نيوز على: فيسبوك | إكس | يوتيوب | إنستغرام | تيك توك