على أية أنظمة نبكي!؟ - وضوح نيوز

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
على أية أنظمة نبكي!؟ - وضوح نيوز, اليوم الجمعة 12 ديسمبر 2025 01:45 صباحاً

2003-02-06

 

أعلنت الولايات المتحدة رسمياً يوم أمس الحرب على نظام صدام حسين عبر خطاب كولن باول الذي جاء مطالعة حملت “الاسباب الموجبة والكافية” لشن هذه الحرب ولو من طرف واحد… إلا اذا عادت وانطلقت بمبادرة دولية، كما قد يتبادر الى الذهن من اعتدال بعض الخطب امس في مجلس الامن (فرنسا، سوريا…). الحرب اذاً واقعة - كما قلنا وكما بدا أخيرا في مؤتمر دافوس - والموقف التركي الاخير جاء ليؤكد بداية قبول أنقرة للحرب وربما موافقتها على المشاركة، مما يعني أن الحلف التركي - الهندي - الاسرائيلي الذي تكلمنا عليه قد انطلق فعلاً. مؤشر آخر الى قرب اندلاع الحرب: زيارة ملك البحرين لواشنطن وتأييده تأييداً مطلقاً السياسة الاميركية. مع العلم ان البحرين كانت دائما تصطف وراء المملكة العربية السعودية.

 

مما يعني ايضا ان “الملك الفريق” الذي خلع للمناسبة زيه العسكري ونياشينه، قد شعر بالخطر الذي بدأ يطاول المنطقة وأنظمتها، ويحاول اليوم أن يعفي بلاده من ان تكون في عداد الدول التي قد تدفع ثمن مضاعفات العاصفة الآتية الى العراق ومنه. وفي هذا السياق لا شك في ان نقل مقر انعقاد القمة العربية من البحرين الى مصر جاء خدمة مباشرة او غير مباشرة للولايات المتحدة وليخفف عن البحرين عبء هذه المسؤولية ويرميها في أحضان مصر الحليف الاساسي لأميركا.

 

 

عدد 2003-02-06.

عدد 2003-02-06.

 

أما المؤشر الثالث فهو الكلام حول عدم تغيير موعد انعقاد القمة كما جاء على لسان الوزير سعود الفيصل الذي اعتبر ان تغيير موعد القمة دون مبررات كافية قد يصيب مصداقية القمة العربية… وكأن ما يحصل لا يشكل المبرر، بل السبب الكافي لانعقاد قمة عربية طارئة وعاجلة جداً! يبدو ان الزعماء العرب يفضلون الاجتماع بعد الحرب لا قبلها، اذ تعوزهم الشجاعة الكافية ليطلبوا من صدام حسين الاستقالة انقاذاً للعراق وشعبه والمنطقة، والشجاعة ليقولوا لصدام انهم مع أميركا في حربها إن هو رفض التنحي.

 

وهذا الضعف، بل الافلاس العربي، يؤكد لنا ان بمقدار ما الحرب واقعة فالتغيير العربي حاصل على مستوى الانظمة. والخوف من التغيير الناتج من الحرب تكلم عليه ايضا وزير الخارجية السعودي الذي اعتبر ان الحرب قد تؤدي الى تقسيم العراق وتفتيته واقحامه في حروب داخلية وصراعات على غرار ما يحصل في افغانستان. ولعل الأصح ان الحرب ستؤثر لا على العراق وحده بل على كل دول العالم العربي من الخليج الى المحيط.

 

قد يقول قائل ان هذه الحرب المحتملة قد تؤدي الى نهاية العالم العربي… ولكن الاصح هو القول انها قد تؤدي الى نهاية الأنظمة العربية الحالية. لن ندخل في السيناريوهات المعروضة والتي تكلمنا عليها أكثر من مرة، ولكن اسمحوا لنا ان نطرح سؤالا صريحاً ولو جارحاً: ألا تعني نهاية هذه التركيبة الحالية بداية لشيء جديد؟ ألا يعني ذلك التغيير؟ والتغيير ألا يمكن ان يكون تجديداً وتطويراً نحو الافضل؟ اذا عرفنا، كعرب، ان نغتنم فرصة التاريخ السانحة (ولو رغماً عنا) فنجيّرها لمصلحتنا ومصلحة شعوبنا التواقة الى النهوض؟ ألم تعانِ كل الشعوب العربية من معظم الانظمة الحالية الفاسدة والطاغية والظلامية؟ ألم نطالب دائماً كل هذه الانظمة بأن تتطور وتتغير وتتجدد من الداخل كي لا تظل قاتلة شعوبها؟ ولكن ما الذي حصل؟ فقط القليل القليل من الدول الخليجية طورت نظامها نحو الافضل، ولا سيما الصغيرة منها، واسمحوا لي أن أقول إنني لا أعني دبي، لأن الجميع يعرفون كيف ازدهرت دبي وبأية أموال ولأية أسباب وأهداف، وهذا كله لا علاقة له - من قريب أو بعيد - بقضية الدفاع عن الحريات ولا بقضية الديموقراطية ولا بحقوق المرأة او حقوق الانسان في المطلق! اما باقي الدول العربية فبقيت على ما هي سواء لناحية عدم تطبيق الديموقراطية او عدم الدفاع عن الحريات او غيرهما. نعم، تعالوا نسأل بعضنا البعض كجيل عربي جديد وليس من باب الدفاع عن اميركا: هل هناك أسوأ من هذه الانظمة العربية؟ ماذا ورثنا منها غير التخلف، خسارة الارض، تمويه الهزائم وتسميتها بطولات، تحويل العالم العربي والحضارة العربية الى اجترار وانحطاط، تهجير الكفاءات، ضرب المجتمعات المدنية، قمع الحريات، الغاء مفهوم الديموقراطية والمشاركة الشعبية، زرع النعرات الطائفية وتقوية اسرائيل؟ فأين الأسف اذا تغيرت هذه الانظمة؟ الأسف يكون فقط اذا وقفنا - كالعادة - نبكي على الاطلال “لنفوّل” على مستقبلنا بدلاً من ان نفكر بهذا المستقبل انطلاقاً من استراتيجيا عربية موحدة وخطة عملاقة تبدأ بتطوير كل دولة وكل نظام من الداخل عبر تطبيق الديموقراطية بعيدا عن العنف، ثم من خلال وضع ميثاق عربي جديد. قد يكون موعد اندلاع الحرب أقرب مما نظن، وقد يكون من سيقف الى جانب أميركا من العرب اكثر مما نظن، وقد يكون الدافع المطلوب قراراً لمجلس الامن يعطي الغطاء الكافي للمترددين عرباً كانوا أم أوروبيين… … وقد تكون للولايات المتحدة خطة واستراتيجيا وخطوط عريضة لمرحلة ما بعد صدام حسين خليجياً وشرق أوسطياً. وقد تكون الحرب باتت ضرورية لان المنطقة كلها واقفة في الطريق المسدود، مما يجعل الصدمة تبدو أداة ضرورية لتحريك الاوضاع واجبار الجميع على الجلوس الى طاولة المفاوضات للبحث في الحلول الجذرية لكل القضايا العالقة وفي طليعتها القضية الفلسطينية. نعم، لقد وصلنا الى هذه الحالة المأسوية التي جعلت الحرب هي المخرج الوحيد من أجل التغيير ومن أجل اعادة تحريك عجلة الحوار والمفاوضات نحو “سلام عادل وشامل”. يبقى علينا ان نكون هذه المرة على موعد مع التغيير حاملين خططاً ومخططات من اجل بناء عالم عربي جديد نرسمه نحن انطلاقاً من طموحاتنا وأحلامنا ومصالحنا، وبارادتنا. بهذه الطريقة يمكن ان نحوّل ديناميكية الحرب من ديناميكية خراب الى ديناميكية تغيير وبناء وسلام. انه التحدي الأكبر الذي سيواجهه العالم العربي، فاما ان نكون على مستوى التحدي، شعوباً وحكاماً ومسؤولين ومفكرين، نواجه معاً انطلاقاً من اعتماد لغة الحوار والحرية والانفتاح والاعتراف بالآخر، وإلا فلا لزوم لتوجيه اللوم الى أحد سوانا اذا رسموا عنا الخرائط وقرروا عنا مستقبلنا! جبران تويني

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق